تشهد محافظة السويداء في جنوب سوريا أمس السبت اشتباكات بين مقاتلين دروز ومسلحين من العشائر، رغم اعلان الرئيس أحمد الشرع وقفا لإطلاق النار والتزامه «حماية الأقليات» ومحاسبة «المنتهكين» من أي طرف، مع بدء نشر قوات الأمن في السويداء.وحصدت أعمال العنف غير المسبوقة في السويداء، معقل الاقلية الدرزية في سوريا، 940 قتيلا على الأقل خلال اسبوع، وفق آخر حصيلة للمرصد السوري لحقوق الانسان. وبدأت قوات الأمن الانتشار في المحافظة من أجل «وقف الفوضى وحماية المدنيين»، مع احصاء الأمم المتحدة نزوح 87 ألفا داخل المحافظة بشكل خاص وإلى محافظة درعا المجاورة.وجاء الاعلان عن وقف لإطلاق النار بعد ساعات من إعلان واشنطن اتفاق سوريا واسرائيل على وقف لإطلاق النار بينهما، ودعوة المبعوث الأميركي الى دمشق توم براك «الدروز والبدو والسنّة لإلقاء سلاحهم» لوقف التصعيد.ورغم دعوة الشرع «جميع الأطراف بدون استثناء» الى وقف «كافة الأعمال القتالية»، أفاد ثلاثة مراسلين لوكالة فرانس برس في مدينة السويداء وأطرافها عن سماعهم دوي اشتباكات متقطعة وإطلاق قذائف صاروخية.وتركزت الاشتباكات خصوصا في القسم الغربي من مدينة السويداء، حيث أحرق مسلحون منازل ومتاجر بعد نهبها. كما دارت اشتباكات في ريف السويداء الشمالي، وفق المرصد السوري.وفي كلمة متلفزة الى السوريين، أكد الشرع التزام «الدولة السورية بحماية الأقليات والطوائف كافة في البلاد، وأنها ماضية في محاسبة جميع المنتهكين من أي طرف كان».أضاف «لن يفلت أي شخص من المحاسبة ونتبرأ من جميع الجرائم والتجاوزات التي جرت… ونؤكد على أهمية تحقيق العدالة وفرض القانون على الجميع».وثمّن الشرع «الدور الكبير الذي قامت به الولايات المتحدة الأميركية في تأكيدها الوقوف إلى جانب سوريا في هذه الظروف الصعبة وحرصها على استقرار البلاد»، مشيدا بجهود دول عربية وداعمته تركيا وأطراف أخرى.واعتبر أن الضربات الإسرائيلية في خضم الاشتباكات في السويداء دفعت سوريا «إلى مرحلة خطيرة تهدد استقرارها، نتيجة القصف السافر للجنوب ولمؤسسات الحكومة في دمشق».ورحّب الاتحاد الأوروبي أمس السبت بوقف إطلاق النار الذي تمّ التوصّل إليه بين سوريا وإسرائيل بوساطة أميركية، معربا عن الصدمة من حصيلة الاشتباكات الطائفية الدائرة في جنوب سوريا والتي دفعت إسرائيل إلى شنّ ضرباتها.وكانت واشنطن أعلنت اتفاق سوريا واسرائيل على وقف لإطلاق النار بينهما بعدما قصفت طائرات إسرائيلية مقار رسمية والقوات الحكومية في دمشق والسويداء في خضم المعارك بين الدروز والبدو.وسبق لإسرائيل أن أكدت أنها لن تسمح بالتعرض للأقلية الدرزية أو أن تنشر الحكومة السورية قوات عسكرية في جنوب البلاد قرب هضبة الجولان التي تحتلها.وقال وزير خارجيتها جدعون ساعر أمس السبت أن الأقليات في سوريا معرضة «للخطر» تحت حكم الشرع. وكتب على منصة إكس «خلاصة الأمر: في سوريا الشرع، أن تكون من الأقليات، الكردية أو الدرزية أو العلوية أو المسيحية، هو أمر بالغ الخطورة».أضاف «لقد ثبت ذلك مرارا وتكرارا على مدى الأشهر الستة الماضية»، مؤكدا أن على المجتمع الدولي «واجب أن يضمن أمن وحقوق الأقليات في سوريا، وأن يرهن قبول سوريا مجددا في عائلة الأمم، بحمايتهم».واندلعت الاشتباكات الأحد في محافظة السويداء بين مسلحين دروز وآخرين من البدو السنّة، وفق المرصد السوري لحقوق الانسان. ومع احتدام المواجهات، أعلنت القوات الحكومية الإثنين تدخّلها لفضّ الاشتباكات، لكن بحسب المرصد وشهود وفصائل درزية، فقد تدخلت هذه القوات إلى جانب البدو.وتخلل انتشار القوات في السويداء إعدامات ميدانية طالت عشرات المدنيين وانتهاكات عدة ونهب ممتلكات، وفق المرصد السوري وشهادات سكان ومقاطع فيديو وثقها المرتكبون أنفسهم.كما انتقد تصرفات «بعض المجموعات» من العشائر التي «حاولت أن تدافع عن نفسها بشكل منفرد»، مشددا على أن هذه «التصرفات لا يمكن ان تكون بديلا عن دور» الدولة «القادرة وحدها على الحفاظ على هيبتها وسيادتها في كل بقعة من الأراضي السورية».وحضّ مواطنيه على «وحدة الصف والتعاون الكامل من أجل تجاوز ما نمر به جميعا والحفاظ على بلدنا وأرضنا من التدخلات الخارجية او الفتن الداخلية».وأتت كلمة الشرع بعد إعلان وزارة الداخلية بدء انتشار قواتها في السويداء «في إطار مهمة وطنية، هدفها الأول حماية المدنيين ووقف الفوضى»، وفق المتحدث باسمها نور الدين البابا.ودارت أمس السبت اشتباكات متقطعة بين مقاتلين دروز وآخرين من عشائر البدو المحسوبين على السلطة، بحسب المرصد، بعد مواجهات عنيفة اندلعت فجرا إثر شنّ مسلحي العشائر هجمات على أطراف مدينة السويداء وقرى في ريفها الشمالي، تخللها حرق منازل ومحال تجارية.وأفاد مراسل لفرانس برس عن سماعه دوي قصف متقطع وطلقات نارية أمس السبت في أحد أحياء مدينة السويداء. ونقل عن مقاتلين دروز قولهم إن مجموعات مهاجمة تسللت الى المدينة على وقع صيحات التكبير، تزامنا مع خوض مجموعات أخرى اشتباكات ضد المقاتلين المحليين في ريف المدينة الشمالي.وسقط 940 قتيلا على الأقل جراء أعمال العنف التي بدأت الأحد، بينهم 588 من أبناء محافظة السويداء من مسلحين ومدنيين، وفق حصيلة جديدة للمرصد السبت. ومن بين هؤلاء 262 مدنيا، 182 منهم «أُعدموا ميدانيا برصاص عناصر من وزارتي الدفاع والداخلية».وتقوّض أعمال العنف الأخيرة جهود الشرع في بسط سلطته على كامل التراب السوري بعد أكثر من سبعة أشهر على إطاحته الحكم السابق، وتعيد طرح تساؤلات إزاء قدرة السلطات على التعامل مع الأقليات على وقع أعمال عنف على خلفية طائفية طالت مكونات عدة خلال الأشهر الماضية، ابرزها العلويون.
استمرار الاشتباكات في السويداء رغم إعلان وقف إطلاق النار
441
previous post