أثار لاعب الوسط الدولي المصري السابق، عمرو وردة، جدلاً واسعاً في الأوساط الرياضية المصرية والعربية خلال سوق الانتقالات الصيفية لعام 2023، بتنقله المستمر بين الأندية والقارات خلال أيام معدودة.
تميز سوق عمرو وردة بالقرارات العشوائية والمتخبطة التي قلبت حياته بشكل مجنون وجعلته اللاعب الأقل استقراراً في تاريخ المحترفين العرب، الأمر الذي كلفه سمعته وانتهاء رحلته في أوروبا خلال سن مُبكر، وأفقده ثقة الجميع، ليضطر إلى العودة في نهاية المطاف نحو مسقط رأسه في الاسكندرية لتمثيل نادي فاركو بداية من موسم 2024/2023 بعد فشل 3 محاولات في 3 قارات مختلفة.
صاحب الـ 30 عاماً لم يتألق كلاعب كرة قدم محترف بتلك الصورة المُلفتة، لكنه تألق بشكل غير عادي في سوق انتقالات الصيفية، من خلال التوصل إلى اتفاقات سريعة ومتتالية مع 4 أندية من 4 دول مختلفة في أقل من 30 يوماً.
وأثبت عمرو وردة من خلال تلك التنقلات المُريبة، ترنح مسيرته الكروية ووصولها إلى الفصل الأخير ربما، دون أي نصح وإرشاد من وكيل أعمال أو مستشار فني، فيبدو أن أعمال مديره قد اقتصرت على تولي مسؤولية القضايا البيروقراطية البعيدة عن اللعبة.
حتى تاريخ كتابة هذا المقال، الخميس 21 سبتمبر 2023، استقر عمرو وردة على ارتداء قميص نادي فاركو اف سي، وهو ناد مملوك لشركة الأدوية التي تحمل نفس الاسم، ويتخذ النادي من مدينة الاسكندرية مقراً له.
وصعد فريق فاركو إلى الدوري الممتاز قبل عامين فقط، واستطاع الحفاظ على تواجده في المسابقة لموسم جديد، وأبرم العديد من التعاقدات الرنانة، لكن التعاقد مع عمرو وردة لفت الأنظار للنادي محلياً وعربياً وحتى على صعيد الصحف الأوروبية، فقد أفردت عنه صحيفة الأس الإسبانية مقالاً مطولاً حول الطريقة التي عبث بها مع 4 أندية.
وجذب فاركو الأنظار وتصدر اسمه “الترند” في تويتر وفيسبوك المصري، بعدما وافق على ضم اللاعب المشاكس غير المُلتزم، بدءاً من تاريخ 9 سبتمبر الجاري.
واختار عمرو وردة حمل القميص رقم 74 الذي اختاره في جميع الأندية التي تعاقد معها في الأربعة أسابيع الماضية، وهو رقم يشير إلى شهداء النادي الأهلي في مذبحة بورسعيد عام 2012.
وردة يُحطم الأرقام القياسية
عمرو وردة رحالة بطبعه، لكنه حطم جميع الأرقام القياسية الممكنة هذا الصيف، فبعد أن بدأ عام 2023 بين صفوف نادي أبولون ليماسول القبرصي، انتقل إلى الرجاء البيضاوي المغربي الذي ظل معه لمدة أسبوع واحد.
لكن الأمور لم تسر معه في الدار البيضاء وقرر فسخ عقده بالتراضي، مستشهداً بتعرضه لضغوطات نفسية وشخصية دفعته نحو تعويض الرجاء بتسديد قيمة الشرط الجزائي، حسب ما أكده فريق الغرين إيغلز في بيان رسمي.
ومرة أخرى، وبصفته لاعب حر في الميركاتو الصيفي، اختار العودة إلى قبرص، البلد الذي قدم فيه عروضاً جيداً بعد الفترة التي قضاها رفقة نادي أبولون أنورثوسيس لمدة عامين.
وفي تاريخ 24 أغسطس، وافق عمرو وردة على الالتحاق بصفوف نادي دوكسا كاتوكوبياس القبرصي المتواضع، وهو أحد أندية ضواحي مدينة نيقوسيا التي تكافح للبقاء ضمن أندية الدوري الممتاز.
رائحة تلك الصفقة لم ترق لعمرو وردة، فقرر بعد يوم واحد الرحيل وعدم الالتزام بالعقد، وتكهنت الصحف المحلية بأن الشرطة لم تسمح له بدخول الجزيرة وقامت بترحيله بسبب مشاكل في وثائقه.
غير أن إدارة نادي دوكسا لم يكن لديها أي نية للتمسك به، ورئيس النادي كوستاس كريستودولو كان ينوي إعادة بيع وردة لتحقيق ربح فوري.
وبعدها بأيام تم الكشف عن اتفاق عمرو وردة مع نادي استقلال طهران الإيراني، ليصبح أول لاعب في تاريخ مصر ينضم لناد فارسي.
لكن المدير الفني المؤقت لنادي استقلال طهران، علي خاطر، عمل على فسخ الاتفاق سريعاً، بقوله “تبين لنا أن إدارة النادي القبرصي دفعت لعمرو وردة 140 ألف يورو، ثم أرادت بيعه لنا مقابل 250 ألف ليحصل على ربح قدره 110 ألف يورو”.
وهنا أصبحت قصة وردة أكثر إرباكاً، لأننا توقفنا عند يوم 28 أغسطس، وعندها أدرك اللاعب أنه من الناحية الاقتصادية، كان أفضل له البقاء في المغرب، رغم صعوبات التأقلم التي واجهها.
وفي حين كانت المفاوضات متقدمة مع استقلال طهران بشكل جيد، فقد حاول عمرو وردة بالتوازي، إلغاء عقده مع الرجاء.
والأمر السيء الآن هو عدم رغبة جمهور الرجاء في رؤية عمرو وردة من جديد أو سماع اسمه، لأنه استخف بالفرصة الذهبية التي حصل عليها من النادي لإحياء مسيرته الكروية المتراجعة.
كما أغلق الباب أمامه في إيران، الشيء نفسه يخص قبرص بسبب النزاعات القانونية بينه وبين عدة أندية.
هكذا بعد كل هذه الفوضى، قرر عمرو وردة الاستقرار على العودة لبلده والموافقة على عرض فاركو.
جدير بالذكر مشاركة عمرو وردة في 30 مباراة دولية مع منتخب مصر، وظهر في كأس أمم إفريقيا 2017 عندما وصل الفراعنة إلى النهائي.
وبصرف النظر عن حالة عدم الاستقرار التي يعيشها عمرو وردة، لا يزال اللاعب يمكنه التفاخر بقضاء 6 مواسم ناجحة بين اليونان وقبرص.
وستتاح لوردة فرصة نسيان ما مر به على مدار الـ 30 يوماً الماضية، عندما يشارك رفقة فاركو بصفة أساسية، إلا إذا كان هناك عرض خامس مفاجيء يدفعه نحو تغيير جديد قبل نهاية العام الحالي.