ترتبط النسخة الـ18 من كأس آسيا باسم أكرم عفيف، نجم المنتخب القطري الأول لكرة القدم، الذي ختمها بثلاث ركلات جزاء ناجحة في مرمى الأردن «3ـ1»، منحت العنابي السبت حق الاحتفاظ بلقبه، وصاحب الشعر المجعّد لقب أفضل لاعب في النهائيات وهدَّافها «8».
تحوَّل عفيف من صاحب أعلى معدّل من التمريرات في تاريخ كأس آسيا في الإمارات عام 2019، إلى هداف خطير في النسخة الحالية، فخلف مواطنه المعزّ علي الذي حقَّق الإنجازين قبل خمسة أعوام عندما توجت قطر بكأس آسيا للمرة الأولى في تاريخها.
كان ابن الـ27 العلامة الفارقة في مباراة السبت، بصناعة اللعب، الاختراق، الحصول على ركلات الجزاء، والأهم ترجمتها في مرمى يزيد أبو ليلى الحارس الأردني.
وفي كل مرة، كان يحتفل بطريقته الخاصة مع رفع بطاقة كُتب عليها حرف S.
ساهم عفيف في نسخة الإمارات قبل خمسة أعوام بـ10 تمريرات حاسمة استفاد منها كثيرًا زميله في خط هجوم العنابي المعزّ علي، الذي تُوّج هدافًا لها برصيد 9 أهداف. حقَّق عفيف بتلك النسبة رقمًا قياسيًا في تاريخ نهائيات كأس آسيا.
لكن الأمور انقلبت رأسًا على عقب في البطولة الحالية، لأن عفيف تحوَّل إلى هداف خطير ساهم بشكل كبير في إحراز قطر لقبها الثاني تواليًا، حيث توزّعت أهدافه الثمانية على خمس مباريات من أصل سبع خاضها «الأدعم» في البطولة.
ضرب عفيف بقوَّة في المباراة الافتتاحية ضد لبنان بتسجيله ثنائية، الأوَّل في نهاية الشوط الأول، في حين جاء الثاني قمة في الروعة بعد مجهود فردي في الوقت البدل من الضائع، ليخرج فريقه فائزًا بثلاثية نظيفة.
ورفع عفيف رصيده إلى ثلاثة أهداف بتسجيله هدف فريقه الوحيد في مرمى طاجيكستان في الجولة الثانية.
وكان هدفه حاسمًا في خروج العنابي فائزًا من موقعة فلسطين، حيث سجَّل من ركلة جزاء مطلع الشوط الثاني ليمنح فريقه الفوز 2-1 بعد أن تخلَّف في النتيجة.
كما سجَّل أحد أجمل أهداف البطولة، عندما منح بلاده التقدم 2ـ1 على إيران في نصف النهائي أواخر الشوط الأوَّل. وصلته الكرة على مشارف المنطقة، فسار بها بين أكثر من مدافع إيراني وأطلقها صاروخية في الشباك، ليمهد الطريق أمام بلوغ فريقه المباراة النهائية.
تجاوز في النهائي العراقي أيمن حسين «6 أهداف»، عندما قفز إلى حاجز الثمانية أهداف بثلاث ركلات جزاء توزَّعت بين الشوطين.
يتمتع عفيف بشخصية قوية، وعلى الرغم من السعادة التي أظهرها بعد الفوز على إيران، إلا أنه اغتنم الفرصة للرد على المنتقدين، معبّرًا عن حزنه لعدم ترشيح قطر قبل البطولة بقوله: «حزين لأنه لم يرشحنا أحد قبل البطولة، وحزين لعدم الثقة بمنتخبنا».
لا يخشى من التطرّق إلى المشوار الأول للمنتخب في كأس العالم، حيث خسرت قطر مبارياتها الثلاث في أسوأ نتيجة لدولة مضيفة على الإطلاق، عندما أوضح: «كل بطولة نخوضها نعمل خلالها على الاستفادة من دروس البطولات التي سبقتها، في كأس العالم كان الأمر صعبًا لأننا كنا نشارك للمرة الأولى».
وتابع: «الآن نحن أصبحنا في وضع أفضل ولدينا خبرات متراكمة، خاصة من خلال فوزنا بلقب كأس آسيا بالنسخة الماضية، ومشاركتنا في كأس العالم على أرضنا».
وحظي عفيف بثقة مدرّبه الإسباني «تينتين» ماركيس لوبيس، الذي أشرف عليه في أكاديمية «أسباير» في الدوحة، وقال الأخير في هذا الصدد: «أشرفت على أكرم عندما كان شابًا وكنت أدرك حينها أنه لاعب رائع يستطيع صنع الفارق».
وتابع: «أنا سعيد جدًا الآن لرؤية تطوّر مستواه والوصول إلى ما وصل إليه اليوم».
وكان عفيف ظهر إلى الأضواء خلال بطولة آسيا تحت 19 عامًا، عندما قاد منتخب بلاده إلى التتويج باللقب على حساب كوريا الشمالية عام 2014.
خاض أول مباراة رسمية في صفوف المنتخب الأوَّل عندما أشركه الأوروجوياني دانيال كارينيو، مدرب المنتخب آنذاك، ضد بوتان عام 2015، حيث سجَّل عفيف هدفًا في المباراة التي انتهت بفوز كاسح لفريقه 15ـ0.
خاض ثلاث تجارب في القارة الأوروبية مع فياريال وسبورتينج خيخون الإسبانيين، وأويبن البلجيكي، قبل أن ينضم إلى صفوف السد في 2018.
لم يقفل الباب أمام العودة في أحد الأيام إلى أحد الأندية الأوروبية بقوله: «بطبيعة الحال أود اللعب في أوروبا غدًا إذا أمكن، لكني لا أريد الذهاب إلى هناك لكي أكون أسير مقاعد اللاعبين الاحتياطيين، وبالتالي من الأفضل في هذه الحالة أن أبقى في بلادي وألعب».
ولا شك أن تألقه في البطولة الحالية واختياره أفضل لاعب فيها قد يعزّزان من حظوظه بالعودة إلى الدفاع عن ألوان أحد الأندية الأوروبية قريبًا.