في قلب سريلانكا، حيث تمتزج الأساطير بالتاريخ، تقف صخرة سيجيريا كأحد أعظم المعالم الأثرية في العالم. يُشار إليها أحيانًا باسم “قلعة السماء” أو “حصن الأسد”، تشمخ هذه الصخرة العملاقة من وسط الغابات الكثيفة، حاملةً على قمّتها بقايا قصر يعود تاريخه إلى القرن الخامس الميلادي.
سيجيريا ليست مجرد صخرة عادية؛ بل هي تجسيد حي لحقبة تاريخية رائعة، تركت آثارها بعمق في نفوس الزائرين والسياح من جميع أنحاء العالم. صخرة سيجيريا أو صخرة الأسد، كما تعرف باللغة السنسكريتية القديمة، هي واحدة من أهم المزارات السياحية الشهيرة في دامبولا القديمة الأثرية في سريلانكا، وهي قلعة قديمة تم تصميمها فوق صخرة بأيدي الحرفيين الماهرين ، وسميت بهذا الاسم نسبة لوجود هيكل قديم لقدمي أسد منحوت من الحجر على بوابتها. في عام 447 ميلادية، تولى الحكم في هذه الأرض الملك “كاسيبا”بعد الاستيلاء عليها من الملك “داتوسينا”بمساعدة القائد العسكري “ميجارا”. قام هذا الحاكم ببناء قصره وقلعته على صخرة الأسد التي تشتهر بها المنطقة حتى يومنا هذا. الصخرة تمثل كتلة من الصخور البركانية القديمة للغاية، وترتفع عن سطح البحر بارتفاع يبلغ 337 مترًا، مما يمكنك من مشاهدة المنطقة المحيطة بكاملها بوضوح. يتم الصعود إلى قمة الصخرة عن طريق سلالم درجية يصل عددها إلى 1400 درجة وتمر مرحلة الصعود بثلاث مراحل، ويفصل كل مرحلة عن الآخر استراحة قصيرة لالتقاط الصور البانورامية لمشاهد الطبيعة الساحرة المحيطة بالمكان تاريخ عريق في قلب الطبيعة ترتفع صخرة سيجيريا حوالي 200 متر عن سطح الأرض، تعكس الصخرة عبقرية الهندسة المعمارية السريلانكية القديمة، حيث تم تصميم القصر بأسلوب فريد يتناغم مع الطبيعة المحيطة، ما يجعل من الصخرة مزيجًا من الإبداع البشري والروعة الطبيعية. أحد أبرز معالم القصر هو مدخل الأسد، حيث تم نحت قدمي الأسد العملاقتين عند المدخل المؤدي إلى القمة، وكان هذا المدخل يوحي للزائرين بأنهم في طريقهم لدخول عرين الأسد. وعلى الرغم من أن رأس الأسد لم يعد موجودًا، إلا أن قدميه لا تزالان شاهدة على هذا العمل الفني الرائع. إحدى روائع سيجيريا الأخرى هي اللوحات الجدارية التي تزين جدرانها، والتي تعتبر من أروع ما أبدعه الفن السريلانكي القديم. تعكس هذه اللوحات مشاهد من الحياة الملكية، بما في ذلك صور للنساء الجميلات بملابسهن التقليدية، تحيط بهن ألوان زاهية تبرز جمالهن وعظمة البلاط الملكي في ذلك الوقت. جدير بالذكر أن سيجيريا تقع في محافظة ماتيل بوسط سريلانكا، ولقد تم اكتشاف المنطقة خلال الاحتلال البريطاني للبلاد في عام 1890 من قبل عالم الآثار البريطاني “إتش سي بي بيل”، وأطلق على المشروع الذي تبناه للتنقيب في تلك المنطقة اسم “مشروع المثلث الثقافي” وهي المنطقة التي تحتوي على سيجيريا ودمبولا وأنورادهابورا، وتُعتبر واحدة من مناطق التراث العالمي. لا يقتصر سحر سيجيريا على تاريخها الغني فقط، بل يمتد إلى الطبيعة الخلابة التي تحيط بها. من على قمة الصخرة، يمكن للزوار الاستمتاع بإطلالات بانورامية مذهلة على الغابات الخضراء والحقول الشاسعة، مما يعزز من جمال وروعة هذا الموقع التاريخي الفريد.