أفادت دراسة حديثة نشرتها دورية الجمعية الطبية الأميركية لطب الأطفال JAMA Pediatrics بأن قرار المحكمة العليا الأميركية الذي ألغى الحق الفيدرالي في الإجهاض، أدى إلى زيادة في معدلات وفيات الرضّع في الولايات المتحدة.
وكشفت الدراسة أن مئات الرضّع توفوا أكثر من المتوقع في الأشهر التالية للقرار، خصوصاً الرضّع الذين ولدوا بتشوهات خلقية.
وكانت المحكمة العليا الأميركية أصدرت قراراً في يونيو 2022 يقضي بإلغاء الحكم التاريخي “رو ضد ويد”، الذي كان قد أُقر في عام 1973 وأكد على أن للمرأة حقاً دستورياً في الإجهاض حتى حدود معينة من الحمل.
وبدأت القضية، المعروفة باسم “دوبس” ضد منظمة صحة المرأة في “جاكسون” بعد أن أصدرت ولاية “ميسيسيبي” الأميركية قانوناً في عام 2018 يحظر معظم حالات الإجهاض بعد 15 أسبوعاً من الحمل، وهو ما يتعارض مع قضية “رو ضد ويد” التي كانت تسمح بالإجهاض حتى نحو 24 أسبوعاً وهي نقطة القدرة على بقاء الجنين خارج الرحم.
وطعنت منظمة صحة المرأة في جاكسون، وهي العيادة الوحيدة التي توفر خدمات الإجهاض في ميسيسيبي في هذا القانون، ما أدى إلى وصول القضية إلى المحكمة العليا.
وفي قرارها في قضية “دوبس” صوتت المحكمة العليا لصالح السماح للولايات بسن قوانين الإجهاض الخاصة بها، ما أدى فعلياً إلى إلغاء سابقة “رو ضد ويد”.
وأعطى القرار الصلاحيات للولايات لتنظيم أو حظر الإجهاض كما تراه مناسباً، دون الالتزام بالمعايير السابقة التي وضعتها قضية “رو”.
وبعد هذا القرار، أصبح بإمكان الولايات حظر الإجهاض بشكل كامل أو فرض قيود شديدة عليه، وبعض الولايات، خاصة في الجنوب والغرب الأوسط، فرضت حظراً شبه كامل على الإجهاض.
وتسبب القرار في انقسامات سياسية واجتماعية كبيرة، وأثّر بشكل كبير على حقوق المرأة في الوصول إلى خدمات الإجهاض، كما أثار قلقاً بشأن التداعيات الصحية، إذ يمكن أن يؤدي الحظر إلى حالات حمل خطيرة أو ولادة أطفال بتشوهات قاتلة في غياب خيار الإجهاض.
ارتفاع معدلات وفيات الرضّع
وركزت الدراسة الجديدة على مقارنة معدلات وفيات الرضّع خلال الـ18 شهراً التي تلت قرار المحكمة العليا مع الاتجاهات التاريخية لوفيات الرضّع في الولايات المتحدة.
وأظهرت النتائج أن معدلات الوفيات كانت أعلى من المعتاد في عدة أشهر بعد القرار، بما في ذلك أكتوبر 2022، ومارس 2023، وأبريل 2023، وفي هذه الأشهر، كانت معدلات الوفيات أعلى بنسبة 7% تقريباً من المعدلات المتوقعة، ما أدى إلى وفاة نحو 247 رضيعاً إضافياً في كل شهر من هذه الفترة.
وكان نحو 80% من وفيات الرضّع الإضافية تُعزى إلى التشوهات الخلقية، وهي حالات يمكن أن تتراوح بين خفيفة وشديدة، وتشمل مشاكل شائعة في القلب أو العمود الفقري.
وبعض هؤلاء الرضّع الذين يولدون بتشوهات خلقية قد يعيشون فقط لبضعة أشهر، ما يزيد من تعقيد المشكلة، وهذه التشوهات كانت أعلى من المتوقع في ستة أشهر من الفترة التي تلت قرار المحكمة العليا الأميركية.
وعلى الرغم من أن القيود على الإجهاض تختلف من ولاية لأخرى، إلا أن الدراسة أظهرت أن تأثير قرار المحكمة كان له تأثير على كل الولايات الأميركية.
وأشارت إلى أن الكثير من النساء اللواتي يحملن أجنّة بتشوهات قاتلة تم منعهن من الإجهاض، ما أدى إلى ولادة المزيد من الرضّع الذين يعانون من تشوهات خلقية مميتة.
وأوضح الباحثون أن حظر الإجهاض قد أثّر أيضاً على إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية بشكل عام، ما أدى إلى زيادة المخاطر على الأمهات والرضّع.
ويمكن أن تؤثر القيود على الرعاية الصحية قبل الولادة والدعم الاجتماعي، ما يؤدي إلى نتائج سيئة للحمل والولادة.
القيود على الإجهاض
وتشير هذه الدراسات إلى أن النساء في الولايات المتحدة لا يحصلن على الرعاية التي يحتجنها بسبب القيود على الإجهاض، مما يتسبب في تأثيرات سلبية تمتد إلى الأطفال.
ويقول الباحثون إن هذه القيود تشكل حواجز لا يمكن التغلب عليها للكثير من النساء، وخاصة الفئات الضعيفة التي تعاني من الفقر أو انخفاض مستوى التعليم أو عدم الأمان الغذائي.
وتعكس هذه الدراسة التبعات الخطيرة لسياسات حظر الإجهاض على الصحة العامة، إذ تزيد من معدلات وفيات الرضع وتقلل من إمكانية الوصول إلى الرعاية اللازمة للأمهات.
كما تسلط الضوء على أن الحواجز المفروضة على الإجهاض تؤثر على الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع، مما يؤدي إلى نتائج سلبية متعددة.