يشعر العراقي سالم بالقلق، وهو صاحب مطعم صغير في بغداد، من أنه قد “يضطر”، على حد تعبيره، إلى تلقي اللقاح المضاد لفيروس كورونا على الرغم من “شكوكه” بشأنه. الشكوك التي يقول إنها منعته من تلقي اللقاح حتى الآن.
ولا يخاف سالم، 34 عاما، من التقارير عن الجلطات الدموية، وهي العرض النادر الذي ربطت بعض الدراسات بينه وبين لقاح أسترازينيكا المتوفر في العراق، لكنه يخاف من “التوحد والجيثوم وأمراض الكلى”، وهي أعراض ربطت الشائعات المنتشرة في العراق بينها وبين تلقي اللقاح.
ولم يقتنع سالم بكل تصريحات الأطباء التي تؤكد إن لا علاقة بين التوحد، وهو اضطراب طيف عصبي يظهر في مراحل عمرية مبكرة، والجيثوم، وهو المصطلح العراقي لـ”شلل النوم” وهو حالة من النوم يستطيع فيها النائم الإحساس بما يدور حوله لكنه لا يستطيع تحريك جسده، وأمراض الكلى من جهة، وبين تلقي لقاح فيروس كورونا من جهة أخرى.
وقبل أن يعلن مجلس الوزراء العراقي، الاثنين، عن جملة من القرارات التي تفرض تلقي لقاح كورونا على العاملين في قطاعات الصحة والتغذية والرياضة وغيرها، لم يكن سالم يفكر أبدا بتلقي اللقاح، لكنه يقول لموقع “الحرة” إنه “مهموم” الآن.
والاثنين، قال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إن الوضع الصحي في العراق “خطر” في ظل التزايد الكبير بأعداد الإصابات بفيروس كورونا.
وانتقد الكاظمي “الإجراءات المتخذة” التي قال إنها لم تعط “النتائج المطلوبة”، على الرغم من أن تلك الإجراءات شملت حظرا متقطعا للتجوال وفرض غرامات على من لا يرتدون الكمامات.
وفرض العراق حظر للتجول الجزئي في شهر رمضان من الساعة الثامنة مساء إلى الساعة الخامسة صباحا للأسابيع الثلاثة الأولى من الشهر مع السماح بخدمة التوصيل المنزلي في المطاعم.
لكن الحكومة فرضت أيضا على العاملين في المطاعم تلقي اللقاح، مستثنية “غير القادرين بسبب الحمل أو المرض”، لكنها فرضت عليهم إثبات تعافيهم من الإصابة خلال الأشهر الثلاث الأخيرة أو إجراء فحص الإصابة بكورونا كل أسبوع.
وفرضت محددات مشابهة على العاملين في المؤسسات الصحية منسوبيهم من العاملين في المستشفيات والمراكز الصحية والمولات والمعامل والمصانع وبقية الاماكن الخاضعة للرقابة الصحية والصيدليات ومذاخر الادوية والمختبرات والعيادات الخاصة بضمنها عيادات الأشعة والمستشفيات الأهلية.
كما شملت الإجراءات منع مراجعي الدوائر “المكتظة بالمراجعين والتجمعات البشرية الكبيرة”، وموظفيها في حال لم يجلب المراجع فحصا سالبا لمرض كورونا مدته أقل من أسبوع، أو وثيقة تثبت تلقي اللقاح.
وشملت هذه المحددات كذلك الرياضيين، والتدريسيين والطلبة، والحجاج والمعتمرين.
وعلى الرغم من انتقادات قانونية وحقوقية لهذه التعليمات، إلا أن نتائجها بدأت تظهر كما يبدو، فقد ازدحمت مراكز التلقيح في بغداد والمحافظات بالراغبين بتلقي اللقاح.
ويقول الصحفي حيدر عطوان من محافظة بابل العراقية لموقع “الحرة” إن “مركز التلقيح في المدينة امتلأ عن آخره الثلاثاء، فيما كان شبه خال في الأيام الماضية”.
ويعزو عطوان ازدياد الإقبال إلى “التعليمات الوزارية الأخيرة، وإحساس المواطنين أن هناك عددا محدودا من اللقاحات قد ينتهي في أي وقت مما يمنعهم من التحرك بحرية”.
ويقول سيف العامري، وهو طبيب في مركز صحي ببغداد إن مركزه “تلقى عشر أضعاف المراجعين الراغبين بالتلقيح الثلاثاء، مقارنة بالأيام الماضية”.
ويضيف العامري لموقع “الحرة” إنه “وزع اللقاح لأكثر من خمسين شخصا، مقابل أقل من خمسة أحيانا في الأيام الأولى للتلقيح”.
لكن المحامي مرتضى الداود يقول إن “هناك إشكالية قانونية كبيرة” في تعليمات مجلس الوزراء.
ويضيف الداود لموقع “الحرة” إن “اللقاح فعل طوعي، ولا يمكن قانونا التمييز ضد المواطنين الذين لا يرغبون أو يخافون من تلقيه”. ويضيف أن “في حال تعرض أي شخص لمضاعفات بعد التلقيح الإجباري فإن الدولة قد تتعرض لغرامات هائلة، خاصة إذا أدت المضاعفات إلى فقدان حياته”.
وبحسب الداود فإن من الأفضل “توجيه جهد الدولة باتجاه حملات التوعية بدلا من حملات الإجبار والقسر”، خاصة أن “عدد اللقاحات المتوفر حاليا محدود أصلا ولا يمكن أن يكفي كل الفئات التي شملتها التعليمات الجديدة”.
ويسجل العراق، منذ بدء الشهر الحالي، أرقاما يومية مرتفعة نسبيا، وصلت إلى نحو عشرة آلاف إصابة جديدة قبل أيام.
وحتى الآن، سجل العراق أكثر من 941 ألف إصابة جديدة، بعد تسجيل أكثر من ثمانية آلاف إصابة، الثلاثاء.
وتشير أرقام وزارة الصحة إلى أن أكثر من 167 ألف عراقي تلقوا اللقاح، من مجموع نحو 40 مليونا يعيشون في البلاد.