بعد شهور من الارتفاع، تراجعت مبيعات السيارات في أوروبا في ظل تداعيات أزمة نقص إمدادات الرقائق الإلكترونية المستخدمة بصناعة السيارات.
ويعاني إنتاج السيارات العالمي أزمة نقص إمدادات الرقائق، ما أجبر العديد من الشركات الكبرى إلى وقف أو تقليص عدد ساعات العمل في الكثير من مصانعها.وكانت تعتقد شركات السيارات في البداية أن أزمة نقص الرقائق ستكون في النصف الأول من العام الحالي، ولكنها الآن مستمرة في الربع الثالث من العام، في حين أصبح رؤساء شركات السيارات يتحدثون عن استمرارها خلال العام المقبل وربما إلى ما بعد ذلك.
مبيعات السيارات
وبحسب بيانات اتحاد مصنعي السيارات الأوروبي الصادرة اليوم الخميس، تراجعت مبيعات السيارات الجديدة خلال شهر أغسطس/آب الماضي بنسبة 18% سنويا بعد تراجعها خلال شهر يوليو/تموز الماضي بنسبة 24%.في الوقت نفسه فإن المبيعات خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي زادت بنسبة 13% فقط مقارنة بالعام الماضي، وهو ما يمثل أقل من نصف نسبة الزيادة التي تم تسجيلها خلال النصف الأول من العام الحالي، بحسب وكالة بلومبرج للأنباء.
وأشارت وكالة بلومبرج إلى أن شركات السيارات تتجه نحو التركيز على إنتاج السيارات عالية السعر ذات الربحية الأكبر في ظل نقص إمدادات الرقائق بهدف تحقيق أعلى معدل للتدفقات النقدية خلال هذه الفترة.
وبحسب بيانات اتحاد مصنعي السيارات تراجعت المبيعات في إسبانيا خلال الشهر الماضي بنسبة 29% سنويا وفي إيطاليا بنسبة 27%.
استمرار أزمة نقص الرقائق
ومطلع الشهر لجاري، قالت شركة الإلكترونيات اليابانية توشيبا كورب إنها لن تتمكن من تلبية الطلب على الرقائق الإلكترونية، المستخدمة في تنظيم انتقال الطاقة، لمدة عام آخر وحتى نهاية 2022 في بعض الحالات المحددة، وهو ما يمثل تحذيرا جديدا لشركات صناعة السيارات التي تعاني بالفعل من نقص المكونات.
ونقلت وكالة بلومبرج للأنباء عن تاكيشي كاميبوتشي المدير في إدارة أشباه الموصلات بإحدى وحدات الشركة اليابانية القول إن “إمدادات الرقائق ستظل محدودة حتى سبتمبر/أيلول المقبل على الأقل… وفي بعض الحالات قد لا يحصل بعض العملاء على كامل احتياجاتهم من الرقائق حتى 2023″.
وأرجع كاميبوتشي هذه الأزمة إلى نقص المواد الخام وزيادة الطلب عن الطاقة الإنتاجية لديها، بحيث لا تستطيع الشركة تلبية الطلب على المكونات التي لا تحتاج إلى تكنولوجيا متقدمة لإنتاجها.
وذكرت بلومبرج أنه في حين أن المنتجات القديمة مثل رقائق تنظيم حركة الطاقة التي تنتجها توشيبا أرخص من الرقائق الأحدث مثل رقائق الذاكرة ووحدات الاستشعار عن بعد، لكنها ليست أقل أهمية بالنسبة لأي جهاز إلكتروني.
وتعتزم شركة توشيبا كورب استثمار 60 مليار ين (545 مليون دولار) خلال 3 سنوات حتى مارس/آذار 2024 لزيادة طاقتها الإنتاجية في مجال رقائق الطاقة، بحسب كاميبوتشي.
توقعات متشائمة
وأشارت توقعات شركة كونتيننتال الألمانية لمستلزمات السيارات استمرار أزمة أشباه الموصلات في قطاع صناعة السيارات في العام المقبل أيضا وذلك بسبب قلة القدرات الإنتاجية وارتفاع الطلب.
وفي مستهل معرض ميونخ للسيارات، قال الرئيس التنفيذي لشركة كونتي، نيكولاي زيتسر، إن شركته تتوقع أن مشاكل الإمدادات بهذه الرقائق ستصاحب قطاع صناعة السيارات في العام المقبل أيضا.
وأضاف زيتسر:” لا نزال في منتصف الأزمة، ولهذا فإن التوقعات صعبة” مشيرا إلى أن الموقف شديد التغير.
وتحدث زيتسر عن تأثر قطاع صناعة السيارات بالإغلاقات التي حدثت مؤخرا لمصانع رقائق إلكترونية في ماليزيا وفيتنام والفلبين.
وقال زيتسر إن الطلب على هذه المنتجات سيظل مرتفعا بسبب الاستخدام المتزايد لهذه الرقائق في السيارات، وتابع أن إنشاء مصانع جديدة يحتاج إلى وقت ” فإنشاء مصنع جديد يستغرق من 18 إلى 24 شهرا حتى يبدأ في العمل”.وتابع من المؤكد في ظل هذه الحقيقة أنه لا يمكن أن تكون هناك زيادة كبيرة في القدرة الإنتاجية من منظور مادي بحت قبل عام 2023.
تخفيف النقص العالمي
ويأمل مصنعون لأشباه الموصلات في ماليزيا في معالجة تأخر الإنتاج المرتبط بوباء كورونا، والذي أدى إلى إعلان شركات لصناعة السيارات عن خفض الإنتاج في الأسابيع الأخيرة.
وقال وونج سيو هاي، رئيس رابطة صناعة أشباه الموصلات الماليزية، إن الأعضاء “يعملون على مدار الساعة” بعد أن خففت الحكومة قيود مكافحة الوباء للسماح للمصانع بالعمل بنسبة 100% إذا كان 80% من العمال قد حصلوا على التطعيم ضد فيروس كورونا.
ونقلت وكالة الأنباء الماليزية الحكومية برناما عن وونج قوله إن مشاكل الإنتاج لم تكن بالكامل بسبب خطأ الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا، مشيرا إلى تأخر الصادرات الناجم عن إغلاق قناة السويس بسبب سفينة حاويات عطلت حركة الملاحة بها في وقت سابق من هذا العام، فضلا عن تباطؤ المصانع في دول أخرى تستورد منها مصانع الرقائق الإلكترونية في ماليزيا المكونات.
وظلت ماليزيا في حالة إغلاق لمكافحة الوباء منذ منتصف أيار/مايو، عندما وصلت أعداد حالات الإصابة بالفيروس يوميا إلى 4 آلاف حالة.