من هو كمال الدين الفارسي ؟
كمال الدين الفارسي هو الحسين بن علي بن الحسن ، المولود في شيراز أو أصفهان سنة 718 هجرية (1266 م)، والمتوفي في تبريز سنة 718 هجرية ( 1319 م)، والبعض يسمِّيه بكمال الدين أبي الحسن الفارسي .
هو عالم البصريات والذي ترك أيضاً مساهمات بارزة في ميادين الحساب والرياضيات والجبر، حيث يصفه أستاذه قطب الدين الشيرازي بالقول : “الولد الأعزُّ الأكرم، والإمام الأفضل الأعلم، قُدوة الأذكياء، ملك العلماء، كمال المِلَّة والدين”.
تمكَّن الفارسي من تفسير ظاهرة قوس قزح بطريقة متقدمة عن العالم الشهير ابن الهيثم، وبما يسبق ما طرحه كل من رينيه ديكارت (1596- 1650م) و إسحاق نيوتن (1642-1727 م).
أساتذته :-
كمال الدين الفارسي قصد كثيراً من المدن والحواضر وذلك لأغراض تعزيز حصيلته العلمية، ومن بين أولئك الذين يدين لهم بالفضل في ذلك:
- الرياضي والطبيب عبد الله بن الخوام البغدادي (1245-1324 م) ، حيث درس عليه -في أصفهان- علم الحساب لسنواتٍ طويلة، كما درس كتاب أستاذه “الفوائد البهائية في القواعد الحسابية” ، فوضع ملاحظاته على الأخير، ومن ثم قام بشرحه وتنقيحه في كتابه “أساس القواعد في أصول الفوائد”.
- قصد الفارسي مدينة تبريز عاقداً العزم على الاستفادة من علوم الفلكي والرياضي وعالم الطبيعة قطب الدين الشيرازي (1236 -1311 م)، تلميذ العالم الموسوعي نصير الدين الطوسي (1201-1274 م)، وقد أورد الفارسي في مقدمة كتابه “تنقيح المناظر” بأنَّ مُعلِّمهُ الشيرازي نصحه بالعودة إلى كتاب المناظر لابن الهيثم (965-1039 م)، وبعد أن فعل ذلك، أقدَمَ الفارسي على تأليف كتابه “تنقيح المناظر”، وقد كان إنجازه للمؤلَّف الأخير تحت إشراف الشيرازي فضلاً عن الرياضي التركستاني صاحب كتاب “الرسالة العلانية الحسابية”.
- استفاد كمال الدين الفارسي من علوم التركستاني الذي أشار عليه بإعداد ملخَّصٍ لـ ” تنقيح المناظر”، لذا فقد قام الفارسي بتأليف “البصائر في علم المناظر”.
مساهمات كمال الدين الفارسي البصرية:-
لقد قدَّم كمال الدين الفارسي طرحاً أكثر إقناعاً لتفسير ظاهرة قوس فزح الذي يظهر ملوَّناً في السماء في أعقاب تساقط الأمطار وانتشار أشعة الشمس، وذلك بعد أن سعى للإجابة على تساؤلين:
- هل يُفترض اعتبار المسافة التي يقطعها الضوء عبرَ كُل قطرة ماء أو عبر المجموعة برُمَّتها (الرذاذ)؟
- هل يُفترض النظر في انكسار الضوء أو في حيوده أم في كل الظاهرتين في الوقت عينه؟
وقد استند الفارسي إلى قدراته الرياضية وذلك لتفسير هذه الظاهرة، إذ كان يرى أنَّ القضية الجوهرية ليست في في الضوء بحد ذاته، فمن خلال التجربة التي قام خلالها باستبدال قطرة الماء بإناء كروي الشكل مليء بالماء؛ فقد أفلح كمال الدين في التوصل إلى النتيجة المرادة، وهو الأمر الذي لم يصله سابقوه من العلماء، سواء الإغريق أو ابن الهيثم ومعاصره الموسوعي ابن سينا (980-1037 م).
وانطلق الفارسي من مبدأ محاولته المبكرة في شرح ظهور الضوء في قوس قزح عبر الإجابة على سؤال تلقاه بشأن انكسار الضوء، مستفيداً من نصيحة أستاذه قطب الدين الشيرازي الذي أشار إليه بالعودة إلى كتاب “المناظر” لابن الهيثم ، ودراسته واستخراج ما فيه من ملاحظات، وهو الأمر الذي قاده إلى تصويب أخطاء ابن الهيثم وتأليف كتابه “تنقيح المناظر لذوي الأبصار والبصائر”.
فعلى غير شاكلة طرح ابن الهيثم؛ أقدم الفارسي على برهان النظرية الموجبة للضوء، مؤكداً على أن حركة الضوء شبيهة بحركة الصوت وليست شبيهة بحركة الأجسام.
ويلاحظ أنَّ أعمال ابن الهيثم التي أعاد إحياءها الفارسي وتسليط الضوء عليها بعد 3 قرون من وفاة صاحبها؛ كانت تذهب باتجاه أن الضوء الذي يصلنا من الشمس ينعكس عبر الغيوم قبل وصوله إلينا، غير أنَّ الفارسي اقترح نموذجاً يستخدم كرة زجاجية مملوءة بالماء، مبيناً أنَّ قوس قزح من أبرز المظاهر التي يتجلَّى فيها انكسار الضوء، ولدراسة وجود الألوان في قوس قزح؛ فقد كان على الفارسي التوصُّل أولاً إلى معرفة كيفية تشكُّل الألوان، لأغراض تصحيح ما كان سائداً قبله من قناعات تشير إلى أنَّ اللوّن يتشكَّل من مزج النور والظلام.
وقد توصَّل الفارسي إلى أنَّ الشُّعاع الضوئي القادم من الشَّمس ينكسر مرَّتين فيُسفِر عن ذلك انعكاس أو أكثر يحدث الانكسارين.
وكان يرى بأنَّه يمكن استخلاص كُل مميزات قوس قزح بدراسة مرور أشعة الضوء عبر قطرة ماء في محيط رطب، جسَّدها في تجربته بالكرة المليئة بالماء، حيث لاحظ أنَّ لون القطرة يتغيَّر بتغيُر سُمكها حينما اكتشف أنَّ الشُّعاع الضوئي المُنكسر على السَّطح الخارجي للكرة ينطبق على شعاعٍ آخر منعكس على السَّطْح الداخلي، ثُمَّ يصل الشعاعان مُتداخلان إلى العين.
كما أشار إلى أنَّ ذات الظَّاهرة تحدُث للصَّوت وتتعدَّد التداخلات بتعدد الأشعة، ليتوصل إلى نتيجة مغايره لمن سبقه من الباحثين، ومفادها كيف تتسبب كل قطرة ما طائرة؛ في انكسار وانعكاس الضوء القادم من الشَّمس، مستخدماً الهندسة لأغراض تجربته الفيزيائية.
تميز الفارسي في مضمار الرياضيات:-
قدَّم كمال الدين الفارسي مساهمات بالغة الأهمية في مجال الرياضيات حيث:
- بحث في خواص الأعداد التامَّة والزَّائدة والناقصة.
- تناول موضوع المعاملات وقوانين البيوعات، وسائر أنواع مساحات السطوح وحجوم المجسَّمات من قبيل الكرة والأسطوانة والمخروط.
- انتقد أستاذه ابن الخوام وصحَّح بعض أخطائه، كما فعل في حساب حجم الكرة.
- في مجال الجبر والمقابلة؛ قدَّم حلولاً تستخدم طرق التركيب والتحليل وطريقة الخطأين.
- أدخل أفكاراً جديدة تتعلق بنظرية الأعداد الطبيعية وتفكيكها، معتمدا على قاعدة توصَّل إليها ثابت بن قرة الحرَّاني (836-901 م).
مؤلفات الفارسي وكتبه:-
ترك كمال الدين الفارسي عدداً كبيراً من المؤلفات التي فُقد بعضها، ومن أبرز هذه الكتب والمؤلفات:
- أساس القواعد في أصول الفوائد (الرياضيات).
- تذكرة الأحباب في بيان التحاب (الرياضيات).
- تنقيح المناظر لذوي الأبصار والبصائر (البصريات).
اقرأ ايضاً.. ابن ملكا البغدادي .. الطبيب والفيسلوف الأوحد في زمانه
المصادر:-
- تنقيح المناظر لذوي الأبصار والبصائر (البصريات).
- كمال الدين الفارسي، رائد علم البصريات، د. أبو بكر خالد سعد الله – الجزائر.