من هو عيسى بن يحيى الجرجاني؟
هو أبو سهل عيسى بن يحيى المسيحي الجرجاني ، نسبة إلى جرجان التي ولد بها سنة 361 هـ – 972م، وهو طبيب نصراني وحكيم فاضل، برَع في صناعة الطب علماً وعملاً، وعنه أخذ الطبيب المسلم الشهير ابن سينا تمكنه وتفوقه في المجال الطبي.
دراسة عيسى بن يحيى الجرجاني :-
الحقيقة هو أنه لم يصلنا إلا القليل من تفاصيل المسيرة الدراسية للطبيب الجرجاني، فكل ما يحكى أن كان مُجِدَّاً شغوفاً في طلب العلم والغدو قُدُماً في تخصصه، ومما لا شك فيه أن كان يأخذ علمه مثله كمثل الأطباء القدامى من المؤلفات والمخطوطات القديمة وكذا العلماء والشيوخ كبار عصره في بغداد التي كانت مركز إشعاع هذا الطبيب الكبير.
و مما قيل عن عيسى بن يحيى الجرجاني ، أنه عاد إلى خراسان و صديقه ابن سينا ليتقدم آنذاك إلى سلطان خوارزم شاه مأمون بن محمد.
و في العام العاشر بعد الألف ميلادي الموافق للسنة الواحدة و الأربعمائة هجرية؛ أخذ السلطان محمود بن سبكتكين الغزنوي عدداً هائلاً من الأطباء و العلماء و الحكماء كأسرى ورهائن وذلك بعد أن استحوذ على خوارزم و توجَّه بهم نحو عاصمة سجستان؛ أي غزنة، و قد كان من بين هؤلاء المظلومين أبي الريحان البيروني، وابن سينا وصديقه أبي سهل الجرجاني الذي كان عليلاً وقد تجاوز عمره الأربعين عاماً.
و لحُسن الحظّ، فقد تمكَّن ابن سينا من النجاة و الفرار رفقة صديقه الطبيب الجرجاني ، إلا أن هذا الأخير لم يتحمَّل مشقة السفر و القيظ خصوصاً و أنه كان مريضا سقيم البدن، لتتربع العِلَّة فوق عرش صحته ، فتوفي من جراء ذلك ببلاد الفرس.
مؤلفاته:-
خلف الطبيب والحكيم عيسى بن يحيى الجرجاني وراءه عددا لا بأس به من دُرَر العلم الكنيزة وتُحَف علم الطب القيِّمة في كتبٍ شاملةٍ ذُكِرت أشهرها على الإطلاق في كتاب ” عيون الأنباء في طبقات الأطباء” لابن أبي أصيبعة من بينها نجد:
● كتاب «الطب الكلّي» ويتألف من مقالتين، الأولى في الحاجة إلى الطب وفوائده وأقسامه والثانية في علاج الأمراض،
● مقالة في الجدري.
● اختصار كتاب المجسطي.
● كتاب «إظهار حكمة الله تعالى في خلق الإنسان».
● كتاب في العلم الطبيعي.
● كتاب في الوباء، ألّفه للملك شاه مأمون بن مأمون.
● كتاب «المائة في الطب»
أقوال العلماء فيه:-
و مما لاشك فيه أن عيسى بن يحيى الجرجاني نال ثناءً وإشادة الكثير من الأعلام و كبار العلماء الآخرين و نذكر من ذلك:
- قول ابن أبي أصيبعة الذي أشاده به بقوله: “رأيت بخط يده كتابه في إظهار حكمة الله تعالى في خلق الإنسان. وهو في نهاية الصحة والإتقان، والإعراب والضبط”.
- ويقول عنه الحكيم عبد الرحيم بن علي، المعروف بالدخوار الدمشقي: “إنني لم أجد أحداً من الأطباء النصارى، المتقدمين والمتأخرين، أفصح عبارة، ولا أجود لفظاً، ولا أحسن معنى”.
- وقال عنه شهاب الدين العمري -صاحب كتاب مسالك الابصار في ممالك الأنصار، والمتوفى في القاهرة سنة 1349 م- : “له في الطب يدٌ بيضاء كليمية، وفي إطفاء نار الحمى آية غرَّاء إبراهيمية ، مسحت بطبه الأدواء، وصلحت اللأواء، وصَحَّت الأجسام وصَحَّت الأسقام، وست السحب بمطر الإنعاش، وتهللت وجوه البرق الوسام. وحسبه أن ابن سينا من حَمَلة علمه إذا زخر، ومن حمدة عزمه إذا فخر، وكان بعض فضلاء المتأخرين المتبحرين يفضله على ابن سيناء، ويجعل له عليه السناء ويثني عليهما، وإنما يوفر له الثناء.”
وفاته:-
وافت عيسى بن يحيى الجرجاني المنية بعد عمر الأربعين في حدود جغرافيا إيران حالياً وذلك في السنة الواحدة والأربع مئة هجري الموافق للسنة العاشرة و الألف ميلادية بعد دهرٍ من دراسة الطب و نشره و صناعته و خدمة الصالح العام.
اقرأ ايضاً ما الطعام الذي ينصحك ابن سينا بتناوله؟
المصادر:-
- ابن ابي اصيبعة: عيون الأنباء في طبقات الأطباء.
- الحاجي خليفة: كشف الظنون في أسامي العرب والفنون.
- ابن فضل الله العمري: مسالك الأبصار في ممالك الأمصار.
- سزكين، تاريخ التراث العربي، ترجمة محمود حجازي وفهمي أبو الفضل.