اسمه ونشأته:-
إسحاق بن حنين بن إسحاق، أبو يعقوب العِبَادي، الطبيب المشهور، وُلِدَ في بغداد سنة 215هـ، والعِبَادي نسبة إلى عِبَاد الحِيْرَة، وهم عدة بطون من قبائل شتى نزلوا الحِيْرَة وكانوا نصارى يُنَسب إليهم خلق كثير، والعرب تسمي كل من دان الملك عابداً له، ومن ذلك قيل لأهل الحيرة العباد؛ لأنهم كانوا أهل طاعة لملوك العجم.
مكانته العلمية:-
طبيب مترجم أفاد العربية
بما نقله إليها من كتب الحكمة وشروحها، وكان عارفاً باليونانية والسريانية، فصيحاً
بالعربية.
وكان أوحد عصره في علم الطب،
وكان يلحق بأبيه في النقل، وفي معرفته باللغات وفصاحته فيها.
وكان يترجم كتب الحكمة
التي بلغة اليونانيين إلى اللغة العربية كما كان يفعل أبوه، إلا أن الذي يوجد من ترجمته
في كتب الحكمة من كلام أرسطا طاليس وغيره أكثر مما يوجد من تعريبه لكتب الطب.
وكان قد خدم من الخلفاء
والرؤساء من خدمه أبوه، ثم انقطع إلى القاسم بن عبيد الله وزير الإمام المعتضد
بالله، واختص به، حتى إن الوزير المذكور كان يطلعه على أسراره، ويفضي إليه بما
يكتمه عن غيره.
له شعر؛ منه هذه الأبيات:
نوادر إسحاق:-
بلغ القاسم بن عبيد الله وزير الإمام المعتضد بالله أن إسحاق المذكور استعمل دواء مسهلاً، فأحب مداعبته، فكتب إليه:
وقال إسحاق بن حنين: شكا إليَّ رجل علة في أحشائه، فأعطيته معجوناً، وقلت له: تناوله سحراً وعرفني خبرك بالعشي، فجاءني غلامه برقعة من عنده، فقرأتها وإذا فيها: يا سيدي تناولت الدواء واختلفت لا عدمتك عشرة مجالس أحمر مثل الريق في اللزوجة، وأخضر مثل السلق في البقلية، ووجدت بعده مغساً في رأسي وهوساً في سرتي، فرأيك في إنكار ذلك على الطبيعة بما تراه إن شاء الله. قال: فتعجبت منه! وقلت: ليس للأحمق إلا جواب يليق به، وكتبت إليه: فهمت رقعتك وأنا أتقدم إلى الطبيعة بما تحب، وأنفذ إليك الجواب إذا التقينا، والسلام.
كتب إسحاق:-
- الأدوية المفردة.
- اختصار كتاب أقليدس.
- آداب الفلاسفة ونوادرهم.
- تاريخ الأطباء.
- كُنَّاش الخف، ذكر فيه ابتداء صناعة الطب وأسماء جماعة من الحكماء والأطباء.
ومما ترجمه:–
- كليات أرسطاطاليس، وقد ترجم إلى اللاتينية.
- شرح مقالات أرسطو في علم النفس، من تأليف تامسطيوس.
- عنصر الموسيقى.
- أصول الهندسة لأقليدس، وأصلحه فيما بعد ثابت بن قُرَّة.
- المعطيات لأقليدس.
- المجسطى لبطلميوس، وقد أصلحه أيضًا ثابت بن قُرَّة.
- الكرة والأسطوانة لأرشميدس.
- الأشكال الكرية لمنالاس.
- سوفسطس لأفلاطون مع شرح أولمييودورس.
تجويد ترجمة المجسطي:-
ولم تُتقن ترجمة المجسطي لبطليموس إلَّا في القرن الثالث الهجري، وذلك لأن المترجمين العرب لم يكونوا ماهرين في العلوم، يترجمون الكتب لفظاً لفظاً دون فهم الموضوع، وزيادة على ذلك كثيراً ما تحيروا وترددوا في تعريب الاصطلاحات المجهولة عندهم في ذلك العصر.
وقبل ترجمة إسحاق بن حنين المميزة للمجسطي؛ كان هناك ترجمات عربية كثيرة للكتاب، لكنها رديئة الجودة.
وقد أجاد بهاء الدين العاملي في كتاب الكشكول في وصف وتشخيص ما جرى حينذاك على ترجمة الكتاب الذي ساهم بإطلاق شرارة عدد من العلوم في العالم الإسلامي. ويقول العاملي -المتوفى سنة 1632 م-: قال الصلاح الصفدي: وللتراجمة في النقل طريقان، أحدهما طريق يوحنا بن البطريق وابن الناعمة الحمصي وغيرهما، وهو أن ينظُر إلى كل كلمة مفردة من الكلمات اليونانية وما تدلَ عليه من المعنى، فيأتي بلفظة مفردة من الكلمات العربية ترادفها في الدَّلالة على ذلك المعنى فيُثبتها، وينتقل إلى الأخرى، كذلك حين يأتي على جملة ما يريد تعريبه، وهذه الطريقة رديئة.. الطريق الثاني في التعريب؛ طريق إسحاق بن حنين، والجوهري وغيرهما، وهو أن يأتي الجملة فيحصِّل معناها في ذهنه، ويعبِّر عنها من اللغة الأخرى بجملة تُطابقها سواء ساوت الألفاظ أم خالفتها، وهذا الطريق أجود”.
ونقل إسحاق من كتب أرسطو: “المقولات”، «الجدل»، «العبارة» أو «التفسير»، «الخطابة»، «السماء والعالم»، «الكون والفساد»، وجزء من كتاب «ما بعد الطبيعة».
وفاة إسحاق:-
ولحق إسحاق بن حنين في آخر عمره الفالج وبه مات في بغداد، في ربيع الآخر، سنة 298هـ.
المصادر:–
- إخبار العلماء بأخبار الحكماء (66).
- علم الفلك، تاريخه عند العرب في القرون الوسطى، السنيور كرلونلينو.
- الأعلام (1/294).
- عيون الأنباء في طبقات الأطباء (274).
- موجز دائرة المعارف الإسلامية (3/709).
- الوافي بالوفيات (8/266/رقم 3).
- وفيات الأعيان (1/205/رقم 88).
- مكتبة قطر الوطنية.