من هو اصطفن بن بسيل ؟
يعتبر اصطفن بن بسيل من الشخصيات التي ساهمت في وقت مبكر؛ بترجمة العلوم اليونانية إلى العربية.
وقد ارتبط اصطفن الترجمان بعلاقةٍ وطيدةٍ مع الطبيب والمترجم المسيحي النسطوري المعروف حنين بن إسحاق (810-873 م) والذي كان الخليفة المأمون بن هارون الرشيد قد عينه مسؤولاً ومشرفاً على بيت الحكمة ببغداد ونشاط الترجمة فيها.
قال ابن أبي أصيبعة الطبيب والمؤرخ عن اصطفن : “كان يقارب حنين بن إسحاق في النقل، إلا عبارة حنين أفصح وأحلى”، هذا ويعتبر حنين أستاذا لأصطفن.
حديث ابن جلجل عن اصطفن بن بسيل :-
تناول الطبيب المعروف ابن جلجل الأندلسي (943-994 م) في كتابه “طبقات الأطباء والحكماء”، مساهمات اصطفن بن بسيل في مجال الترجمة عن اللغة اليونانية.
وقال ابن جلجل: “إنَّ كتاب ديسقوريدوس تُرجِمَ بمدينة السَّلام (بغداد) في الدولة العباسية، في أيام جعفر التوكُّل، وكان المُتَرْجِم له اصطفن بن بسيل الترجمان، من اللسان اليوناني إلى اللسان العربي، وتصفَّح ذلك حنين بن إسحاق المترجم، فصحَّحَ الترجمة وأجازها”.
وزاد ” فما علِمَ أصطفن من تلك الأسماء اليونانية في وقته له إسماً في اللِّسان العربي، فسَّرهُ بالعربية، وما لم يعلم له في اللِّسَانِ العربي اسماً تركهُ في الكتاب على اسمه اليوناني، اتكالاً منه على أن يبعث الله بعده، من يعرف ذلك ويفسره باللِّسان العربي، إذ التسمية لا تكون إلَّا بالتواطؤ من أهل كُلِّ بلدٍ على أعيان الأدوية بما رأؤا، وأن يسموا ذلك، إمَّا بالاشتقاق، وإمَّا بغير ذلك من تواطئهم على التسمية، فاتكَلَ اصطفن على شخوص يأتونَ بعدهُ ممن قد عرف أعيان الأدوية التي لم يعرف هو لها اسماً في وقته، فيُسميها على قدرِ ما سمِعَ في ذلك الوقت؛ فيخرج إلى المعرفة”.
وصول ترجمة اصطفن إلى الأندلس :-
وواصل ابن جلجل الحديث عن مساهمة اصطفن بن بسيل في مجال الترجمة، لدرجة أن ترجماته لديسقوريدوس وصلت الأندلس قادمةً من بغداد.
وقال ابن جلجل في هذا السياق: “وورد هذا الكتاب إلى الأندلس، وهو على ترجمة أصطفن، منه ما عرف له اسماً بالعربية ومنه ما لم يعرف له اسماً، فانتفع النَّاسُ بالمعروف منه بالمشرق وبالأندلس، إلى أيَّام النَّاصِر عبد الرحمن بن محمد، وهو يومئذٍ صاحب الأندلس، فكَاَتَبَهُ أرمانيوس الملك، ملك القسطنطينية أحسب سنة 337 هـ، وهاداهُ بهدايا لها قدرٌ عظيم، فكانَ في جُمْلَةِ هديته كتاب ديسقوريدوس مصور الحشائش بالتصوير الرومي العجيب..”.
ثم حصلت قرطبة على ترجمات لكتب ديسقوريدس وهروسيس وغيرها وذلك بعد بعث أرمانيوس إلى الناصر بنيقولا الرَّاهب وذلك سنة 340 هجرية، وقام بإزالة الغموض عن التعريفات واستخراج وفسَّر ما جهل من أسماء عقاقير كتاب ديسقوريدس.
اقرأ أيضاً: بيمارستان الأندلس .. أرقى صنوف الرعاية