اسمه ونشأته:-
ويْجَن بن رُسْتُم، أبو سهل القوهي ، أصله من مدينة كوه في جبال طبرستان التي تقع شمال إيران اليوم، وإليها نسبته، ولم يذكر المؤرخون تاريخ ولادته، ولكنه كان من العلماء المسلمين الذين اشتهروا في الفلك والرياضيات في القرن الرابع الهجري، وقد كان جميل الهيئة، وقد توفي سنة 390 هجرية تقديراً
مكانته العلمية:-
أبو سهل القوهي مهندس، وعالم بالهيئة وآلات الرصد، وكان في بداية حياته يلعب بالأسواق، فأدركته العناية الإلهية، فتعلم الأدب على كبر سنه، وصنَّف الكتب، والتف حوله مجموعة من طلبة العلم.
تقدم في الدولة البُوَيْهية، ولما تولى شرف الدولة البويهي الحكم، قرَّبه وعيَّنه سنة 378هـ رئيساً للمرصد الذي قام القوهي بتأسيسه وبنائه في بغداد، وطلب منه أن يُقدِّم له دراسةً عن رصده للكواكب السبعة من حيث مساراتها وتنقلها في بروجها، على مثل ما كان المأمون قد فعله في أيامه، وبنى بيتاً في دار المملكة بسبب ذلك.
أيضاً وضع عدداً من
الأرصاد التي كان يعتمد عليها في عصره، وانتقد بعض فرضيات علماء اليونان في الفلك،
كما اشتهر بصناعة الآلات الرصدية.
أما في الرياضيات؛ فقد اهتم القوهي بمسائل أرشميدس وأبولونيوس التي تؤدي إلى معادلات ذات درجة أعلى من معادلات الدرجة الثانية، ووجد حلاً لبعضها، كما ناقش شروط إمكانية ذلك، وتعتبر دراساته هذه من أحسن ما كُتِبَ عن الهندسة عند المسلمين.
وأسهم القوهي أيضاً في
دراسة الأثقال، وكان له السبق في هذا المجال، حيث استخدم البراهين الهندسية لحل
كثير من المسائل التي لها علاقة بإيجاد الثقل، كما أنه ترك بحوثاً قيمةً في
المبادئ التي تقوم عليها الروافع.
محضر لأعمال الرصد التي أجراها في المرصد:-
كتب القوهي محضراً في أعمال الرَّصد التي أجراها في مرصد شرف الدَّولة، وذلك وَسَط حضور علماء البلاد ووجهائها ممن كانوا يشهدون الرَّصد ويوقِّعون محضره، وفيما يلي نسخة من المُحضر الأول كما أوردها جمال الدين القفطي في كتابه الشهير “إخبار العلماء بأخبار الحُكماء”:
“بسم الله الرحمن الرحيم، اجتمع من ثبَتَ خطَّه وشهادته في أسفل هذا الكتاب، من القضاة، ووجوه أهل العلم، والكتَّاب، والمُنجِّمين، والمهندسين، بموضع الرَّصْد الشَّرقي الميمون، عظَّم الله بركته وسعادته، في البستان من دار مولانا الملك السيِّد الأجل المنصور، ووليِّ النِّعَم شاهنشاه شرف الدولة، وزين المِلَّة، أطال الله بقاؤه، وأدام عِزَّه وتأييده، وسلطانه وتمكينه، بالجانب الشَّرقي من مدينة السَّلام في يوم السبت لليلتين بقيتا من صفر سنة ثمان وسبعين وثلثمائة، وهو اليوم السَّادس من حزيران، سنة ألف ومائتين وتسع وتسعين للإسكندر”.
“و (روزا نبران) من (ماه خرداد) سنة سبع وخمسين ليزدجر؛ فتقرر الأمر فيما شاهدوه من الآلة التي أخبر عنها أبو سهل ويجن بن رستم الكوهي، على أن دلَّت على صحة مدخل الشَّمس رأس السَّرطان، بعد مُضِي ساعة واحدة معتدلة سواء، من الليلة الماضية التي صباحها المذكور في صدر هذا الكِتاب، واتفقوا جميعاً على التيقُن لذلك والثِّقة به، بعد أن سلَّم جميع من حَضَر من المنجمين والمهندسين وغيرهم ممن تعلَّق بهذه الصناعة وخبر بها، تسليماً لا خِلاف فيه بينهم: أن هذه الآلة جليلة الخطر، بديعة المعنى، محكمة الصَّنعة، واضحة الدلالة، زائدة في التدقيق على جميع الآلات التي عُرِضَت وعُهِدَت، وأنَّه قد وصل بها إلى أبعد الغايات في الأمر المرصُود، والغرض المقصود، وأدَّى الرَّصدُ بها أن يكون الميل الأعظم الذي هو غايةُ بُعد منطقة فلك البروج عن دائرة معدَّل النَّهار ثلاثة وعشرين درجة وإحدى وخمسين دقيقة وثانية، وأن يكون عرض الموضِع الذي تقدَّم ذكره ووقع الرَّصد فيه كذا وكذا.. وذلك هو ارتفاع قطب معدَّل النَّهار عن أُفُق هذا الموضِع، وحسبُنا الله ونِعْمَ الوَكيل..”.
مأثورات القوهي:-
من أشهر مقولاته
ومأثوراته:
- إن اعتذر إليك معتذر فقابله بوجه طليق، إلا أن يكون ممن قطيعته غُنم.
- سلاحك على أعدائك أن تكون الحجة معك في كل أمر.
- من أراد السلامة فلا يظهرن حب السلامة من نفسه؛ حتى لا يجترئ عليه خصمه وعدوه.
- وقد بحث القوهي في مراكز الأثقال، وقد توسَّع في هذا المضمار مستعملاً البراهين الهندسية لحلِّ بعض مسائله، ويتجلى ذلك في رسالة بعثها إلى أبي إسحاق الصابئ، وذلك في مُعرَض ردِّه على خطاب يستفسر فيه عن بعض المسائل المتعلقة بالهندسة ومراكز الأثقال، والتي جاء فيها: ..”وأمَّا مراكز الأثقال فيبقى منها شيء يسير حتى يتم ست مقالات متوالية، أربعٌ عملتها ها هُنا (بالبصرة) واثنتان هناك (ببغداد)”.
كتب القوهي:-
له كتب أكثرها مقالات
ورسائل، ومعظمها قد ضاع، ولم يُعرَف عنها إلا القليل من بعض الإشارات في المراجع
اللاتينية؛ ومن هذه الكتب:
- الأصول على تحريكات إقليدس.
- البركار التام والعمل به.
- رسالة في مقدار ما يُرى من السماء والبحر.
- المفروضات.
- تثليث الزاوية وعمل المسبع المتساوي الأضلاع في الدائرة.
- إخراج الخطين من نقطة على زاوية معلومة.
- مراكز الدوائر المتماسة على الخطوط.
- استخراج مساحة المجسم المكافي.
- صنعة الإسطرلاب بالبراهين.
المصادر:–
- الأعلام (8/127).
- بُناة الفكر العلمي في الحضارة الإسلامية (1/18).
- تراث العرب العلمي في الرياضيات والفلك، قدري طوقان.
- تاريخ حكماء الإسلام (88).
- الفهرست (343).
- النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة (4/152).
- مكتبة قطر الرقمية.
Photo by Antoine Dautry on Unsplash
اسمه ونشأته:-
ويْجَن بن رُسْتُم، أبو سهل القوهي ، أصله من مدينة كوه في جبال طبرستان التي تقع شمال إيران اليوم، وإليها نسبته، ولم يذكر المؤرخون تاريخ ولادته، ولكنه كان من العلماء المسلمين الذين اشتهروا في الفلك والرياضيات في القرن الرابع الهجري، وقد كان جميل الهيئة، وقد توفي سنة 390 هجرية تقديراً
مكانته العلمية:-
أبو سهل القوهي مهندس، وعالم بالهيئة وآلات الرصد، وكان في بداية حياته يلعب بالأسواق، فأدركته العناية الإلهية، فتعلم الأدب على كبر سنه، وصنَّف الكتب، والتف حوله مجموعة من طلبة العلم.
تقدم في الدولة البُوَيْهية، ولما تولى شرف الدولة البويهي الحكم، قرَّبه وعيَّنه سنة 378هـ رئيساً للمرصد الذي قام القوهي بتأسيسه وبنائه في بغداد، وطلب منه أن يُقدِّم له دراسةً عن رصده للكواكب السبعة من حيث مساراتها وتنقلها في بروجها، على مثل ما كان المأمون قد فعله في أيامه، وبنى بيتاً في دار المملكة بسبب ذلك.
أيضاً وضع عدداً من
الأرصاد التي كان يعتمد عليها في عصره، وانتقد بعض فرضيات علماء اليونان في الفلك،
كما اشتهر بصناعة الآلات الرصدية.
أما في الرياضيات؛ فقد اهتم القوهي بمسائل أرشميدس وأبولونيوس التي تؤدي إلى معادلات ذات درجة أعلى من معادلات الدرجة الثانية، ووجد حلاً لبعضها، كما ناقش شروط إمكانية ذلك، وتعتبر دراساته هذه من أحسن ما كُتِبَ عن الهندسة عند المسلمين.
وأسهم القوهي أيضاً في
دراسة الأثقال، وكان له السبق في هذا المجال، حيث استخدم البراهين الهندسية لحل
كثير من المسائل التي لها علاقة بإيجاد الثقل، كما أنه ترك بحوثاً قيمةً في
المبادئ التي تقوم عليها الروافع.
محضر لأعمال الرصد التي أجراها في المرصد:-
كتب القوهي محضراً في أعمال الرَّصد التي أجراها في مرصد شرف الدَّولة، وذلك وَسَط حضور علماء البلاد ووجهائها ممن كانوا يشهدون الرَّصد ويوقِّعون محضره، وفيما يلي نسخة من المُحضر الأول كما أوردها جمال الدين القفطي في كتابه الشهير “إخبار العلماء بأخبار الحُكماء”:
“بسم الله الرحمن الرحيم، اجتمع من ثبَتَ خطَّه وشهادته في أسفل هذا الكتاب، من القضاة، ووجوه أهل العلم، والكتَّاب، والمُنجِّمين، والمهندسين، بموضع الرَّصْد الشَّرقي الميمون، عظَّم الله بركته وسعادته، في البستان من دار مولانا الملك السيِّد الأجل المنصور، ووليِّ النِّعَم شاهنشاه شرف الدولة، وزين المِلَّة، أطال الله بقاؤه، وأدام عِزَّه وتأييده، وسلطانه وتمكينه، بالجانب الشَّرقي من مدينة السَّلام في يوم السبت لليلتين بقيتا من صفر سنة ثمان وسبعين وثلثمائة، وهو اليوم السَّادس من حزيران، سنة ألف ومائتين وتسع وتسعين للإسكندر”.
“و (روزا نبران) من (ماه خرداد) سنة سبع وخمسين ليزدجر؛ فتقرر الأمر فيما شاهدوه من الآلة التي أخبر عنها أبو سهل ويجن بن رستم الكوهي، على أن دلَّت على صحة مدخل الشَّمس رأس السَّرطان، بعد مُضِي ساعة واحدة معتدلة سواء، من الليلة الماضية التي صباحها المذكور في صدر هذا الكِتاب، واتفقوا جميعاً على التيقُن لذلك والثِّقة به، بعد أن سلَّم جميع من حَضَر من المنجمين والمهندسين وغيرهم ممن تعلَّق بهذه الصناعة وخبر بها، تسليماً لا خِلاف فيه بينهم: أن هذه الآلة جليلة الخطر، بديعة المعنى، محكمة الصَّنعة، واضحة الدلالة، زائدة في التدقيق على جميع الآلات التي عُرِضَت وعُهِدَت، وأنَّه قد وصل بها إلى أبعد الغايات في الأمر المرصُود، والغرض المقصود، وأدَّى الرَّصدُ بها أن يكون الميل الأعظم الذي هو غايةُ بُعد منطقة فلك البروج عن دائرة معدَّل النَّهار ثلاثة وعشرين درجة وإحدى وخمسين دقيقة وثانية، وأن يكون عرض الموضِع الذي تقدَّم ذكره ووقع الرَّصد فيه كذا وكذا.. وذلك هو ارتفاع قطب معدَّل النَّهار عن أُفُق هذا الموضِع، وحسبُنا الله ونِعْمَ الوَكيل..”.
مأثورات القوهي:-
من أشهر مقولاته
ومأثوراته:
- إن اعتذر إليك معتذر فقابله بوجه طليق، إلا أن يكون ممن قطيعته غُنم.
- سلاحك على أعدائك أن تكون الحجة معك في كل أمر.
- من أراد السلامة فلا يظهرن حب السلامة من نفسه؛ حتى لا يجترئ عليه خصمه وعدوه.
- وقد بحث القوهي في مراكز الأثقال، وقد توسَّع في هذا المضمار مستعملاً البراهين الهندسية لحلِّ بعض مسائله، ويتجلى ذلك في رسالة بعثها إلى أبي إسحاق الصابئ، وذلك في مُعرَض ردِّه على خطاب يستفسر فيه عن بعض المسائل المتعلقة بالهندسة ومراكز الأثقال، والتي جاء فيها: ..”وأمَّا مراكز الأثقال فيبقى منها شيء يسير حتى يتم ست مقالات متوالية، أربعٌ عملتها ها هُنا (بالبصرة) واثنتان هناك (ببغداد)”.
كتب القوهي:-
له كتب أكثرها مقالات
ورسائل، ومعظمها قد ضاع، ولم يُعرَف عنها إلا القليل من بعض الإشارات في المراجع
اللاتينية؛ ومن هذه الكتب:
- الأصول على تحريكات إقليدس.
- البركار التام والعمل به.
- رسالة في مقدار ما يُرى من السماء والبحر.
- المفروضات.
- تثليث الزاوية وعمل المسبع المتساوي الأضلاع في الدائرة.
- إخراج الخطين من نقطة على زاوية معلومة.
- مراكز الدوائر المتماسة على الخطوط.
- استخراج مساحة المجسم المكافي.
- صنعة الإسطرلاب بالبراهين.
المصادر:–
- الأعلام (8/127).
- بُناة الفكر العلمي في الحضارة الإسلامية (1/18).
- تراث العرب العلمي في الرياضيات والفلك، قدري طوقان.
- تاريخ حكماء الإسلام (88).
- الفهرست (343).
- النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة (4/152).
- مكتبة قطر الرقمية.
Photo by Antoine Dautry on Unsplash