اسمه ونشأته:-
أحمد بن إبراهيم ، أبو الحسن الإقليدسي الدمشقي، عالم بالحساب والرياضيات، من علماء القرن الهجري الرابع الهجري.
عاش في دمشق بين عامي 920 و980 م، وقد طبق الإقليدسي النظام الهندي على حساب العد القديم وعلى النظام الستيني في الكسور.
وانبرى يغير طريقة التخت والغبار ويستبدل بها المداد والورق، ولم يقتصر الأمر على ظهور سخف هذه الطريقة بل إن اقتران التخت بالمنجمّين الذين يكتسبون رزقهم باستخراج الطوالع فضلاً عما في عادة محو الغبار باليد من سقم، فقد أصبح هذا التغيير مرغوباً فيه.
ومن هنا؛ فإنه من الجدير بالذكر أنه حدث في نفس القرن الذي عاش فيه الإقليدسي أن كتب البوزجاني رسالته في أصول الحساب؛ ليفيد منها كُتَّاب الحكومة وعمالها.
وزعم الإقليدسي أنه أول من تناول تناولاً كافيا الجذر التكعيبي، ولكن أعجب سمة من سمات كتابه «الفصول في الحساب الهندي» شرحه للكسور العشرية وتطبيقها، وهو ابتكار ظل يُنسَب حتى عهد قريب إلى غياث الدين الكاشي الذي عاش بعده بخمسة قرون.
وقد عادت هذه الفكرة إلى الظهور بصورة ما في «تكملة في علم الحساب» لأبى منصور عبد القاهر البغدادي المتوفى سنة 428هـ، وهو الذي عبَّر عن العدد 17,28 بالترتيب، على أن هذا الابتكار قد ضاع بصفة عامة فيما يظهر حتى جاءغياث الدين الكاشي بعد الإقليدسي بخمسة قرون فعاد إلى استحداث “الكسور العشرية” في كتابه «مفتاح الحساب»، معتبراً ذلك كشفاً جديداً اهتدى إليه بالقياس على النظام الستيني.
وحين أدرك الكاشي أهمية الكسور العشرية أكثر بكثير مما أدركه الإقليدسي، فإن الأخير أقبل على استخدام علامة عشرية هي نقطة فوق العدد مكان الوحدات، وهي طريقة تفوق نظيرتها المنسوبة للكاشي في الدلالة على الجزء العشري مثلاً بكتابته بلون مخالف أو في عمود أو أعمدة غير عمود أو أعمدة الجزء الصحيح.
وساد العالم الإسلامي قبل انتشار الطرائق الهندية في الحساب ضرب من الحساب سماه الإقليدسي “حساب الروم والعرب”.
الإقليدسي المعلم وتبسيطه للحساب الهندي:-
مع أن كل انجازات عالم الرياضيات أبو الحسن الإقليدسي عبارة عن مخطوطتين فقط تهتمان بعلوم الحساب، إلا أنه يعتبر اليوم من أكثر الشخصيات العلمية الإسلامية المثيرة للاهتمام؛ فقد أثار جدلاً واسعاً بين مؤرخي الحساب الرياضي.
وكان اسم هذين المجلدين هما: كتاب الفصول في الحساب الهندي، والكتاب الهجري في الحساب، وفي استعراض النسخ التي وصلتنا من هذين الكتابين؛ فإننا نجد نسخة أصلية من كتاب “الفصول في الحساب الهندي” تم كتابتها سنة 1157 للميلاد وكانت من النسخ القليلة التي نجت من الحروب.
فقد تم ترجمتها إلى اللغة الإنجليزية ونشرها من قبل سيدان، وهذه المخطوطة تضمنت على صفحتها الأولى اسم الإقليدسي الكامل مضاف إليها مجموعة من المعلومات التي وجدت على النص الأصلي الذي كتب على نسخته الأساسية سنة (952/953) م.
جولة في كتاب الفصول من الحساب الهندي:-
استفتح الإقليدسي مخطوطته هذه عبر إخبار القارئ عن رحلاته وتنقلاته الكثيرة والتي تعلَّم منها من خلال لقائه بالعديد من علماء الرياضيات في المدن التي قصدها في رحلاته، كما أنه قد سلط الضوء على كل النصوص الحسابية المتوفرة في عهده والتي جمعها خلال ترحاله.
إن مخطوطته الفريدة “كتاب الفصول في الحساب الهندي” تعتبر أقدم مخطوطة على وجه الأرض تسرد آليات الحساب الهندي، حتى أنه يجادل فيها حول القيمة العلمية الكبيرة لهذا النمط الحسابي بقوله:
“معظم العلماء الهنود يلتزمون في استعمال هذا الحساب في أعمالهم: وذلك منطقي تبعاً لكونه أسلوب سهل ومباشر، فهو لا يحتاج سوى القليل من الحفظ، ويتميز بكونه يمنحك إجابات مباشرة ويحتاج فقط إلى قليل من التفكير الذهني”…
“لذلك فيمكن القول بأنه كل من العلم والممارسة يحتاجان إلى وجود أداة خاصة بهم، تماماً كالتي يحتاجها الكاتب، الفارس والحرفي. وإلا فلن يتمكن العلماء من الإدراك وفهم ما يتعاملون معه، ومع هذه الأداة “الحسابات الهندية” والتمكن من فهمها؛ فلن يكون هناك أي استحالة أو صعوبة”.
وقد قام بتصنيف الكتاب بدمشق سنة 341هـ، وذلك في 230 ورقة.
الهدف من الكتاب:-
تتكون دراسته في الحساب الهندي من أربعة أقسام ويهدف كل جزء منها إلى التالي:
الجزء الأول منه يهدف إلى التعريف بالأرقام الهندوسية وذلك كتمهيد يشرحُ بشكل تفصيلي نظام المكانة العددية الموافقة لكل خانة، مع توضيح للعمليات الحسابية من جمع وضرب بالإضافة إلى مجموعة من العمليات الحسابية التي تتضمن التعامل مع الأعداد الصحيحة والكسور وذلك بالاعتماد على النظام الستيني (المشابه للنظام العشري الذي نعرفهُ اليوم).
ضمن الجزء الثاني قام الإقليدسي بالتركيز على دمج العمليات الحسابية التي تحدث عنها العلماء سابقاً وإسقاطها بشكل مباشر على النظام الهندي الحسابي.
بينما وضمن الجزء الثالث من المخطوطة، تُظهر محاولة الإقليدسي في الإجابة على نمط تقليدي من الأسئلة تبدأ بسؤال لماذا على القيام بهذه المنهجية الحسابية…؟ كيفية القيام بها؟ وما يشابهها.
في الواقع وخلال هذا الجزء يظهر لما أبو الحسن معلم مخضرم؟، فالمعلم وحده من يكون فاهماً بشكل واسع لتساؤلات المتعلمين والطلاب المبتدئين.
وقد احتل الجزء الرابع الاهتمام الأكبر من مخطوطة الإقليدسي وذلك لكونه استعمل الأساليب الهندوسية الحسابية مع لوحة الحساب “لوحة الغبار” والتي استعملها في تسهيل عملية الحساب. وقد كانت عبارة عن لوح صغيرة مع طبشورة وممسحة، وإن لم تكن لديه كان يستعمل قلماً وورقة.
الأهمية التاريخية لمخطوطة الإقليدسي:-
تأتي الأهمية التاريخية لمخطوطة الإقليدسي في الحساب الهندي؛ من خلال معالجتها السهلة والبسيطة للكسور العشرية
من هذه المعالجة؛ يأتي الإثبات على أن أحمد بن إبراهيم الإقليدسي قد سبق الغرب في اقتراح الكسور العشرية وتفسيرها.
ومع مزيد من البحث، نجد أن الكسور العشرية قد اُستعملت في أعمال غياث الدين الكاشي (توفي 1436م) العالم المسلم الذي كان من أصحاب الفضل في تنمية علم الكسور العشرية
ولكن مساهمة الإقليدسي تختلف وهو ما ورد في تعليق على ترجمة كتاب الحساب الهندي للإقليدس للإنكليزية كالتالي:
“إن أكثر فكرة تظهر في هذا الكتاب وبشكل غير متوقع هي الكسور العشرية، فلقد استعمل الإقليدسي هذه الكسور بشكل واضح مباشر، وضح أهميتها وقام بتقدير العلامات العشرية حتى قام باقتراح علامة مكانية جيدة. فكان هو من تحدث عنها قبل الكاشي بقرابة 500 عام، الكاشي الذي قام بالحديث ومعالجة الكسور ولكنه لم يكن الأول، فالإقليدسي كان أول عالم رياضي مسلم يتحدث عنها”.
وبعد هذه الدراسة؛ قام العديد من المؤرخين بالإكثار من ذكر الإقليدسي وتعامله مع الكسور؛ حتى أنهم قاموا بنسب الفضل الكلي في منح أول وصف كامل مع وضع تطبيقات خاصة بالكسور العشرية.
من المراجع التي ذُكر فيها عمل الإقليدسي :-
يقدم الإقليدسي تمهيداً لتاريخها، في حين نص السموأل يصف ما ورد في جزء الإقليدسي الاول..
إن الحجة التي يطرحها الإقليدسي تطرح في سرده الحاسبي تشرح بالتفصيل كيف يرفع العدد بمقدار عشر (مضاعفته) خمس مرات:
… “إن كنا نريد رفع رقم ما بمقدار عشر واحد، فعليك أن تكتب هذا الرقم كما تكتبه عادة، ثم اكتبه مرة أخرى في السطر الذي يليه بعد أن تكون قد نقلته مرتبة واحدة باتجاه اليمين؛ فنحن هنا نضيف له العشر، (عُشر الرقم)”.
..”نقوم بنقل الجزء الموجود على السطر الثاني أمام هذا الرقم وأنقله إلى مكان الوحدة لتضع علامة بينهما (استعمال الفاصلة العشرية) وعلى هذا الشكل نتابع، فنضيف له العشر ونكرر العملية خمس مرات”.
وضمن المقطع التالي من شروحات المؤرخين للنص الإقليدسي؛ سنتمكن بسهولة من فهم كيف فكر في الكسور العشرية:
“لقد انتقل بشكل ميكانيكي إلى الجزء العشري الذي وصل إليه عبر اتباع النظام الستيني (نظام يشبهُ النظام العشري)، وذلك بدون وضع أي علامة أو تدرج في القيام بذلك، مما يعبر عن مدى فهمه للنظام العشري”.
“خلال الجمع بين العمليات التي تتضمن القوة العاشرة في كل حديّ الكسر (البسط والمقام) كانت معالجة الإقليدسي جيدة”.
الفرق بين معالجة الإقليدسي والسموأل للكسور العشرية:-
ما يلاحظ في حساباته – وهو أمر يختلف عن معالجة السموأل (ابن يحيى المغربي 1130-1180 م) – ذلك أن الإقليدسي لا يقوم بصياغة فكرة تامة عبر عرض التسلسل العشري للقوة اُس خمسة، بعد قيامه بمعالجتها عند القيمة الصفرية (أي في الخطوة الأولى التي ذكرها).
ففي المقطع الذي أوردناه سابقاً، أوضح الفكرة الرئيسية ثم ترك الأمر للفهم الضمني للمتلقي ليتابع هو، ما أدى إلى تضليل العديد من المؤرخين.
وهنا يجب أن ننوه إلى الختلاف بين وجهتي نظر المؤرخين بين ما توصل إليه أحمد بن إبراهيم الإقليدسي وإنجاز السموأل.
وهو أمر منطقي، إذ أن الفترة الزمنية الفاصلة بينهما شهدت إضافة وتطوير لعلم الكسور العشرية من قبل العلماء المختلفين، لذا، فإنه سيكون من المجحف أن نقارن النص الذي أورد الفكرة للمرة الأولى بفهم عميق مع النص الأخر الذي اكتسب معرفة متتالية من مدارس حسابية مختلفة لنفس الفكرة.
وفاة الإقليدسي:-
توفي أحمد بن إبراهيم الإقليدسي بعد سنة 341هـ (953 م).
المصادر:–
http://mathshistory.st-andrews.ac.uk/Biographies/Al-Uqlidisi.html
الأعلام (1/85).
موجز دائرة المعارف الإسلامية (12/3693).
اسمه ونشأته:-
أحمد بن إبراهيم ، أبو الحسن الإقليدسي الدمشقي، عالم بالحساب والرياضيات، من علماء القرن الهجري الرابع الهجري.
عاش في دمشق بين عامي 920 و980 م، وقد طبق الإقليدسي النظام الهندي على حساب العد القديم وعلى النظام الستيني في الكسور.
وانبرى يغير طريقة التخت والغبار ويستبدل بها المداد والورق، ولم يقتصر الأمر على ظهور سخف هذه الطريقة بل إن اقتران التخت بالمنجمّين الذين يكتسبون رزقهم باستخراج الطوالع فضلاً عما في عادة محو الغبار باليد من سقم، فقد أصبح هذا التغيير مرغوباً فيه.
ومن هنا؛ فإنه من الجدير بالذكر أنه حدث في نفس القرن الذي عاش فيه الإقليدسي أن كتب البوزجاني رسالته في أصول الحساب؛ ليفيد منها كُتَّاب الحكومة وعمالها.
وزعم الإقليدسي أنه أول من تناول تناولاً كافيا الجذر التكعيبي، ولكن أعجب سمة من سمات كتابه «الفصول في الحساب الهندي» شرحه للكسور العشرية وتطبيقها، وهو ابتكار ظل يُنسَب حتى عهد قريب إلى غياث الدين الكاشي الذي عاش بعده بخمسة قرون.
وقد عادت هذه الفكرة إلى الظهور بصورة ما في «تكملة في علم الحساب» لأبى منصور عبد القاهر البغدادي المتوفى سنة 428هـ، وهو الذي عبَّر عن العدد 17,28 بالترتيب، على أن هذا الابتكار قد ضاع بصفة عامة فيما يظهر حتى جاءغياث الدين الكاشي بعد الإقليدسي بخمسة قرون فعاد إلى استحداث “الكسور العشرية” في كتابه «مفتاح الحساب»، معتبراً ذلك كشفاً جديداً اهتدى إليه بالقياس على النظام الستيني.
وحين أدرك الكاشي أهمية الكسور العشرية أكثر بكثير مما أدركه الإقليدسي، فإن الأخير أقبل على استخدام علامة عشرية هي نقطة فوق العدد مكان الوحدات، وهي طريقة تفوق نظيرتها المنسوبة للكاشي في الدلالة على الجزء العشري مثلاً بكتابته بلون مخالف أو في عمود أو أعمدة غير عمود أو أعمدة الجزء الصحيح.
وساد العالم الإسلامي قبل انتشار الطرائق الهندية في الحساب ضرب من الحساب سماه الإقليدسي “حساب الروم والعرب”.
الإقليدسي المعلم وتبسيطه للحساب الهندي:-
مع أن كل انجازات عالم الرياضيات أبو الحسن الإقليدسي عبارة عن مخطوطتين فقط تهتمان بعلوم الحساب، إلا أنه يعتبر اليوم من أكثر الشخصيات العلمية الإسلامية المثيرة للاهتمام؛ فقد أثار جدلاً واسعاً بين مؤرخي الحساب الرياضي.
وكان اسم هذين المجلدين هما: كتاب الفصول في الحساب الهندي، والكتاب الهجري في الحساب، وفي استعراض النسخ التي وصلتنا من هذين الكتابين؛ فإننا نجد نسخة أصلية من كتاب “الفصول في الحساب الهندي” تم كتابتها سنة 1157 للميلاد وكانت من النسخ القليلة التي نجت من الحروب.
فقد تم ترجمتها إلى اللغة الإنجليزية ونشرها من قبل سيدان، وهذه المخطوطة تضمنت على صفحتها الأولى اسم الإقليدسي الكامل مضاف إليها مجموعة من المعلومات التي وجدت على النص الأصلي الذي كتب على نسخته الأساسية سنة (952/953) م.
جولة في كتاب الفصول من الحساب الهندي:-
استفتح الإقليدسي مخطوطته هذه عبر إخبار القارئ عن رحلاته وتنقلاته الكثيرة والتي تعلَّم منها من خلال لقائه بالعديد من علماء الرياضيات في المدن التي قصدها في رحلاته، كما أنه قد سلط الضوء على كل النصوص الحسابية المتوفرة في عهده والتي جمعها خلال ترحاله.
إن مخطوطته الفريدة “كتاب الفصول في الحساب الهندي” تعتبر أقدم مخطوطة على وجه الأرض تسرد آليات الحساب الهندي، حتى أنه يجادل فيها حول القيمة العلمية الكبيرة لهذا النمط الحسابي بقوله:
“معظم العلماء الهنود يلتزمون في استعمال هذا الحساب في أعمالهم: وذلك منطقي تبعاً لكونه أسلوب سهل ومباشر، فهو لا يحتاج سوى القليل من الحفظ، ويتميز بكونه يمنحك إجابات مباشرة ويحتاج فقط إلى قليل من التفكير الذهني”…
“لذلك فيمكن القول بأنه كل من العلم والممارسة يحتاجان إلى وجود أداة خاصة بهم، تماماً كالتي يحتاجها الكاتب، الفارس والحرفي. وإلا فلن يتمكن العلماء من الإدراك وفهم ما يتعاملون معه، ومع هذه الأداة “الحسابات الهندية” والتمكن من فهمها؛ فلن يكون هناك أي استحالة أو صعوبة”.
وقد قام بتصنيف الكتاب بدمشق سنة 341هـ، وذلك في 230 ورقة.
الهدف من الكتاب:-
تتكون دراسته في الحساب الهندي من أربعة أقسام ويهدف كل جزء منها إلى التالي:
الجزء الأول منه يهدف إلى التعريف بالأرقام الهندوسية وذلك كتمهيد يشرحُ بشكل تفصيلي نظام المكانة العددية الموافقة لكل خانة، مع توضيح للعمليات الحسابية من جمع وضرب بالإضافة إلى مجموعة من العمليات الحسابية التي تتضمن التعامل مع الأعداد الصحيحة والكسور وذلك بالاعتماد على النظام الستيني (المشابه للنظام العشري الذي نعرفهُ اليوم).
ضمن الجزء الثاني قام الإقليدسي بالتركيز على دمج العمليات الحسابية التي تحدث عنها العلماء سابقاً وإسقاطها بشكل مباشر على النظام الهندي الحسابي.
بينما وضمن الجزء الثالث من المخطوطة، تُظهر محاولة الإقليدسي في الإجابة على نمط تقليدي من الأسئلة تبدأ بسؤال لماذا على القيام بهذه المنهجية الحسابية…؟ كيفية القيام بها؟ وما يشابهها.
في الواقع وخلال هذا الجزء يظهر لما أبو الحسن معلم مخضرم؟، فالمعلم وحده من يكون فاهماً بشكل واسع لتساؤلات المتعلمين والطلاب المبتدئين.
وقد احتل الجزء الرابع الاهتمام الأكبر من مخطوطة الإقليدسي وذلك لكونه استعمل الأساليب الهندوسية الحسابية مع لوحة الحساب “لوحة الغبار” والتي استعملها في تسهيل عملية الحساب. وقد كانت عبارة عن لوح صغيرة مع طبشورة وممسحة، وإن لم تكن لديه كان يستعمل قلماً وورقة.
الأهمية التاريخية لمخطوطة الإقليدسي:-
تأتي الأهمية التاريخية لمخطوطة الإقليدسي في الحساب الهندي؛ من خلال معالجتها السهلة والبسيطة للكسور العشرية
من هذه المعالجة؛ يأتي الإثبات على أن أحمد بن إبراهيم الإقليدسي قد سبق الغرب في اقتراح الكسور العشرية وتفسيرها.
ومع مزيد من البحث، نجد أن الكسور العشرية قد اُستعملت في أعمال غياث الدين الكاشي (توفي 1436م) العالم المسلم الذي كان من أصحاب الفضل في تنمية علم الكسور العشرية
ولكن مساهمة الإقليدسي تختلف وهو ما ورد في تعليق على ترجمة كتاب الحساب الهندي للإقليدس للإنكليزية كالتالي:
“إن أكثر فكرة تظهر في هذا الكتاب وبشكل غير متوقع هي الكسور العشرية، فلقد استعمل الإقليدسي هذه الكسور بشكل واضح مباشر، وضح أهميتها وقام بتقدير العلامات العشرية حتى قام باقتراح علامة مكانية جيدة. فكان هو من تحدث عنها قبل الكاشي بقرابة 500 عام، الكاشي الذي قام بالحديث ومعالجة الكسور ولكنه لم يكن الأول، فالإقليدسي كان أول عالم رياضي مسلم يتحدث عنها”.
وبعد هذه الدراسة؛ قام العديد من المؤرخين بالإكثار من ذكر الإقليدسي وتعامله مع الكسور؛ حتى أنهم قاموا بنسب الفضل الكلي في منح أول وصف كامل مع وضع تطبيقات خاصة بالكسور العشرية.
من المراجع التي ذُكر فيها عمل الإقليدسي :-
يقدم الإقليدسي تمهيداً لتاريخها، في حين نص السموأل يصف ما ورد في جزء الإقليدسي الاول..
إن الحجة التي يطرحها الإقليدسي تطرح في سرده الحاسبي تشرح بالتفصيل كيف يرفع العدد بمقدار عشر (مضاعفته) خمس مرات:
… “إن كنا نريد رفع رقم ما بمقدار عشر واحد، فعليك أن تكتب هذا الرقم كما تكتبه عادة، ثم اكتبه مرة أخرى في السطر الذي يليه بعد أن تكون قد نقلته مرتبة واحدة باتجاه اليمين؛ فنحن هنا نضيف له العشر، (عُشر الرقم)”.
..”نقوم بنقل الجزء الموجود على السطر الثاني أمام هذا الرقم وأنقله إلى مكان الوحدة لتضع علامة بينهما (استعمال الفاصلة العشرية) وعلى هذا الشكل نتابع، فنضيف له العشر ونكرر العملية خمس مرات”.
وضمن المقطع التالي من شروحات المؤرخين للنص الإقليدسي؛ سنتمكن بسهولة من فهم كيف فكر في الكسور العشرية:
“لقد انتقل بشكل ميكانيكي إلى الجزء العشري الذي وصل إليه عبر اتباع النظام الستيني (نظام يشبهُ النظام العشري)، وذلك بدون وضع أي علامة أو تدرج في القيام بذلك، مما يعبر عن مدى فهمه للنظام العشري”.
“خلال الجمع بين العمليات التي تتضمن القوة العاشرة في كل حديّ الكسر (البسط والمقام) كانت معالجة الإقليدسي جيدة”.
الفرق بين معالجة الإقليدسي والسموأل للكسور العشرية:-
ما يلاحظ في حساباته – وهو أمر يختلف عن معالجة السموأل (ابن يحيى المغربي 1130-1180 م) – ذلك أن الإقليدسي لا يقوم بصياغة فكرة تامة عبر عرض التسلسل العشري للقوة اُس خمسة، بعد قيامه بمعالجتها عند القيمة الصفرية (أي في الخطوة الأولى التي ذكرها).
ففي المقطع الذي أوردناه سابقاً، أوضح الفكرة الرئيسية ثم ترك الأمر للفهم الضمني للمتلقي ليتابع هو، ما أدى إلى تضليل العديد من المؤرخين.
وهنا يجب أن ننوه إلى الختلاف بين وجهتي نظر المؤرخين بين ما توصل إليه أحمد بن إبراهيم الإقليدسي وإنجاز السموأل.
وهو أمر منطقي، إذ أن الفترة الزمنية الفاصلة بينهما شهدت إضافة وتطوير لعلم الكسور العشرية من قبل العلماء المختلفين، لذا، فإنه سيكون من المجحف أن نقارن النص الذي أورد الفكرة للمرة الأولى بفهم عميق مع النص الأخر الذي اكتسب معرفة متتالية من مدارس حسابية مختلفة لنفس الفكرة.
وفاة الإقليدسي:-
توفي أحمد بن إبراهيم الإقليدسي بعد سنة 341هـ (953 م).
المصادر:–
http://mathshistory.st-andrews.ac.uk/Biographies/Al-Uqlidisi.html
الأعلام (1/85).
موجز دائرة المعارف الإسلامية (12/3693).