ابن كلاب – الاسم والنشأة:-
عبد الله بن سعيد بن كُلَّاب ، أبو محمد القطان البصري، من أشهر المتكلمين أيام المأمون، لُقِّب بـ ابن كُلَّاب؛ لأنه كان إذا ناظر خطف وجذب الناس إلى معتقده ببيانه وبلاغته، كما يجتذب الكُلَّاب الشيء.
عبد الله بن سعيد بن كلاب – المكانة العلمية:-
كان ابن كلاب من أشهر المتكلمين بالبصرة أيام المأمون، قام بالرد على المعتزلة، وكان يوافقهم في بعض الأمور، وله مع عبَّاد بن سليمان مناظرات، وكان يرد على الجَهْمِيَّة، ويُطلَق على أصحابه اسم «الكُلاَّبِيَّة».
أخذ عنه علم الكلام: داود
الظاهري، وقيل: إن الحارث المحاسبي أخذ عنه علم النظر والجدل.
ما قيل فيه:-
قال الذهبي: “رأس المتكلمين بالبصرة في زمانه … وقال بعض من لا يعلم: إنه ابتدع ما ابتدعه ليَدُسَّ دين النصارى في ملتنا، وإنه أرضى أخته بذلك، وهذا باطل، والرجل أقرب المتكلمين إلى السنة، بل هو في مناظريهم. وكان يقول: بأن القرآن قائم بالذات بلا قدرة ولا مشيئة. وهذا ما سُبِقَ إليه أبداً، قاله في معارضة من يقول بخلق القرآن”.
وقال ابن تيمية: “وكان ممن انتُدِبَ للرد عليهم -على الجهمية- أبو محمد عبد الله بن سعيد بن كُلَّاب ، وكان له فضل وعلم ودين، ومن قال: إنه ابتدع ما ابتدعه ليُظْهِر دين النصارى في المسلمين -كما يذكره طائفة في مثالبه، ويذكرون أنه أوصى أخته بذلك- فهذا كذب عليه. وإنما افترى هذا عليه المعتزلة والجهمية الذين رد عليهم؛ فإنهم يزعمون أن من أثبت الصفات فقد قال بقول النصارى. وقد ذكر مثل ذلك عنهم الإمام أحمد في الرد على الجهمية، وصار ينقل هذا من ليس من المعتزلة من السالمية، ويذكره أهل الحديث والفقهاء الذين ينفرون عنه لبدعته في القرآن، ويستعينون بمثل هذا الكلام الذي هو من افتراء الجهمية والمعتزلة عليه، ولا يعلم هؤلاء أن الذين ذموه بمثل هذا هم شر منه، وهو خير وأقرب إلى السنة منهم”.
وقال السُّبكي: “كان من أهل السنة على الجملة، وله طول الذيل في علم الكلام وحسن النظر”.
ذكر ابن النجَّار أن ابن كلاَّب كان في أيَّام الجُنيد البغدادي، وسَمِعَ منه شيئاً من عباراتِ الصوفية، وتعجَّب منه، وهابه.
ظهور مدرسته:-
لقد عاش الكلابي في عصر الخليفة العباسي المأمون المتبني لمنهج المعتزلة، وخلال عهده صعد نجم هذا النهج، وأقام أصحاب هذه المدرسة؛ مناظرات واسعة مع مخالفيهم وذلك تحت رعاية بلاط الخليفة نفسه والذي كان شغوفاً بالعلوم والشعر والفلسفة، ويعود له الفضل بعد أبيه هارون الرشيد في إطلاق شرارة العصر الذهبي للعلوم الذي ميَّز الحضارة العربية الإسلامية حتى سقوط بغداد على يد المغول في العام 656 هجري (1258 م).
وفي خضم ظهور التيارات الفكرية المتعددة والتي ترعرت في بيئة لم تمانع من ظهورها؛ برز التيار الكلابي للتصدي عن العقيدة في مواجهة طروحات المعتزلة والجهمية.
وباعتباره أكبر متكلمي البصرة في عهده؛ فقد ترأس ابن كلاب هذه الحملة المواجهة للمعتزلة والجهمية، حيث وصفه ضياء الدين الخطيب الشافعي خطيب الري، والد فخر الدين الرازي، بأنه هو الذي “دمَّر المعتزلة في مجلس المأمون، وفضحهم ببيانه”.
ولم يكن ابن كلاب وحيداً في هذه المواجهة مع المعتزلة تحديداً والتي تحظى برعاية المأمون شخصياً؛ إنما زامله في هذه المعركة آخرون من قبيل عبد العزيز المكي والحارث المحاسبي وغيرهم.
وقد وصف ابن عساكر هذه المجموعة التي يتقدمها ابن كلّاب بالقول: ” كانوا أولي زهد وتقشُّف ولم يروا أحداً منهم أن يطأ لأهل البدع بساطاً ولا أن يداخلهم، فكانوا يردون عليهم ويؤلفون الكتب في إدحاض حججهم”.
ابن كلاب وابن حنبل:-
لكن هذه الرواية التي طرحها ابن عساكر لم تلق مصداقية في أوساط علماء أهل السنة والجماعة، الذين يؤكدون على أن الإمام أحمد بن حنبل تورَّع عن مجادلة المتكلمين بسبب طريقة كلامهم الفاسدة، ولم يضعف أمام إثبات العقيدة الصحيحة، على نهج السلف الصالح.
لكن هناك تباين في طريقة دفاع كل من ابن كلَّاب وابن حنبل عن العقيدة، إذ اعتمد الأول على غير مدرسة الثاني، معلياً شأن العقل أكثر من ارتكازه إلى النقل.
وقد عاصر ابن كلاب الإمام أحمد، ولم يكُن في عصر الجنيد، كما أورد ابن النجَّار في تاريخ بغداد، وهذا ما أكده كل من السبكي والذهبي.
واتباع ابن كلاب سمُّوا بالكلابية، وهم الذي تبنوا أفكاره وأقواله، ولكنها كمدرسة قد توارت بعد بروز الأشعرية التي تأثرت بالكلابية وطورت عليها.
ابن كلاب – التلاميذ:-
هناك مجموعة من الأسماء التي تتلمذت على ابن كلاب، ومجموعة أخرى تأثرت بأفكاره، من بين أبرز تلك الأسماء:
- الحارث المحاسبي : اُشتهِر أكثر من ابن كلاب، وتميز بتصوفه، إلى جانب اشتغاله بعلم الكلام.
- أبو العباس القلانسي : اتفق مع ابن كلاب في غالبية المسائل باستثناء بعضها مثل تعريف الإيمان ودخول الأعمال فيه.
- أبو علي الثقفي: اُشتُهِر بكونه “الفقيه، الإمام، الزاهد، الواعظ”.
- أبو بكر الصبغي، قال عنه الأسنوي: ” كان واسع العلم، إماماً في الفقه والحديث والأصول، ذا تصانيف جليلة”، وكان شديد الورع والخشية من الله.
مصنفاته:-
- الصفات.
- خلق الأفعال.
- الرد على المعتزلة.
الوفاة:-
توفي عبد الله بن سعيد بن كُلَّاب سنة 245هـ.
المصادر:–
- الأعلام (4/90).
- سير أعلام النبلاء (11/174/رقم 76).
- شرح حديث النزول (171).
- طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (1/95).
- آراء الكلابية العقائدية وأثرها في الأشعرية في ضوء عقيدة أهل السنة والجماعة، هدى بنت ناصر الشلالي.
- لسان الميزان (4/486/رقم 4256).
- الوافي بالوفيات (17/104).
https://www.thoughtco.com/what-was-the-abbasid-caliphate-195293
ابن كلاب – الاسم والنشأة:-
عبد الله بن سعيد بن كُلَّاب ، أبو محمد القطان البصري، من أشهر المتكلمين أيام المأمون، لُقِّب بـ ابن كُلَّاب؛ لأنه كان إذا ناظر خطف وجذب الناس إلى معتقده ببيانه وبلاغته، كما يجتذب الكُلَّاب الشيء.
عبد الله بن سعيد بن كلاب – المكانة العلمية:-
كان ابن كلاب من أشهر المتكلمين بالبصرة أيام المأمون، قام بالرد على المعتزلة، وكان يوافقهم في بعض الأمور، وله مع عبَّاد بن سليمان مناظرات، وكان يرد على الجَهْمِيَّة، ويُطلَق على أصحابه اسم «الكُلاَّبِيَّة».
أخذ عنه علم الكلام: داود
الظاهري، وقيل: إن الحارث المحاسبي أخذ عنه علم النظر والجدل.
ما قيل فيه:-
قال الذهبي: “رأس المتكلمين بالبصرة في زمانه … وقال بعض من لا يعلم: إنه ابتدع ما ابتدعه ليَدُسَّ دين النصارى في ملتنا، وإنه أرضى أخته بذلك، وهذا باطل، والرجل أقرب المتكلمين إلى السنة، بل هو في مناظريهم. وكان يقول: بأن القرآن قائم بالذات بلا قدرة ولا مشيئة. وهذا ما سُبِقَ إليه أبداً، قاله في معارضة من يقول بخلق القرآن”.
وقال ابن تيمية: “وكان ممن انتُدِبَ للرد عليهم -على الجهمية- أبو محمد عبد الله بن سعيد بن كُلَّاب ، وكان له فضل وعلم ودين، ومن قال: إنه ابتدع ما ابتدعه ليُظْهِر دين النصارى في المسلمين -كما يذكره طائفة في مثالبه، ويذكرون أنه أوصى أخته بذلك- فهذا كذب عليه. وإنما افترى هذا عليه المعتزلة والجهمية الذين رد عليهم؛ فإنهم يزعمون أن من أثبت الصفات فقد قال بقول النصارى. وقد ذكر مثل ذلك عنهم الإمام أحمد في الرد على الجهمية، وصار ينقل هذا من ليس من المعتزلة من السالمية، ويذكره أهل الحديث والفقهاء الذين ينفرون عنه لبدعته في القرآن، ويستعينون بمثل هذا الكلام الذي هو من افتراء الجهمية والمعتزلة عليه، ولا يعلم هؤلاء أن الذين ذموه بمثل هذا هم شر منه، وهو خير وأقرب إلى السنة منهم”.
وقال السُّبكي: “كان من أهل السنة على الجملة، وله طول الذيل في علم الكلام وحسن النظر”.
ذكر ابن النجَّار أن ابن كلاَّب كان في أيَّام الجُنيد البغدادي، وسَمِعَ منه شيئاً من عباراتِ الصوفية، وتعجَّب منه، وهابه.
ظهور مدرسته:-
لقد عاش الكلابي في عصر الخليفة العباسي المأمون المتبني لمنهج المعتزلة، وخلال عهده صعد نجم هذا النهج، وأقام أصحاب هذه المدرسة؛ مناظرات واسعة مع مخالفيهم وذلك تحت رعاية بلاط الخليفة نفسه والذي كان شغوفاً بالعلوم والشعر والفلسفة، ويعود له الفضل بعد أبيه هارون الرشيد في إطلاق شرارة العصر الذهبي للعلوم الذي ميَّز الحضارة العربية الإسلامية حتى سقوط بغداد على يد المغول في العام 656 هجري (1258 م).
وفي خضم ظهور التيارات الفكرية المتعددة والتي ترعرت في بيئة لم تمانع من ظهورها؛ برز التيار الكلابي للتصدي عن العقيدة في مواجهة طروحات المعتزلة والجهمية.
وباعتباره أكبر متكلمي البصرة في عهده؛ فقد ترأس ابن كلاب هذه الحملة المواجهة للمعتزلة والجهمية، حيث وصفه ضياء الدين الخطيب الشافعي خطيب الري، والد فخر الدين الرازي، بأنه هو الذي “دمَّر المعتزلة في مجلس المأمون، وفضحهم ببيانه”.
ولم يكن ابن كلاب وحيداً في هذه المواجهة مع المعتزلة تحديداً والتي تحظى برعاية المأمون شخصياً؛ إنما زامله في هذه المعركة آخرون من قبيل عبد العزيز المكي والحارث المحاسبي وغيرهم.
وقد وصف ابن عساكر هذه المجموعة التي يتقدمها ابن كلّاب بالقول: ” كانوا أولي زهد وتقشُّف ولم يروا أحداً منهم أن يطأ لأهل البدع بساطاً ولا أن يداخلهم، فكانوا يردون عليهم ويؤلفون الكتب في إدحاض حججهم”.
ابن كلاب وابن حنبل:-
لكن هذه الرواية التي طرحها ابن عساكر لم تلق مصداقية في أوساط علماء أهل السنة والجماعة، الذين يؤكدون على أن الإمام أحمد بن حنبل تورَّع عن مجادلة المتكلمين بسبب طريقة كلامهم الفاسدة، ولم يضعف أمام إثبات العقيدة الصحيحة، على نهج السلف الصالح.
لكن هناك تباين في طريقة دفاع كل من ابن كلَّاب وابن حنبل عن العقيدة، إذ اعتمد الأول على غير مدرسة الثاني، معلياً شأن العقل أكثر من ارتكازه إلى النقل.
وقد عاصر ابن كلاب الإمام أحمد، ولم يكُن في عصر الجنيد، كما أورد ابن النجَّار في تاريخ بغداد، وهذا ما أكده كل من السبكي والذهبي.
واتباع ابن كلاب سمُّوا بالكلابية، وهم الذي تبنوا أفكاره وأقواله، ولكنها كمدرسة قد توارت بعد بروز الأشعرية التي تأثرت بالكلابية وطورت عليها.
ابن كلاب – التلاميذ:-
هناك مجموعة من الأسماء التي تتلمذت على ابن كلاب، ومجموعة أخرى تأثرت بأفكاره، من بين أبرز تلك الأسماء:
- الحارث المحاسبي : اُشتهِر أكثر من ابن كلاب، وتميز بتصوفه، إلى جانب اشتغاله بعلم الكلام.
- أبو العباس القلانسي : اتفق مع ابن كلاب في غالبية المسائل باستثناء بعضها مثل تعريف الإيمان ودخول الأعمال فيه.
- أبو علي الثقفي: اُشتُهِر بكونه “الفقيه، الإمام، الزاهد، الواعظ”.
- أبو بكر الصبغي، قال عنه الأسنوي: ” كان واسع العلم، إماماً في الفقه والحديث والأصول، ذا تصانيف جليلة”، وكان شديد الورع والخشية من الله.
مصنفاته:-
- الصفات.
- خلق الأفعال.
- الرد على المعتزلة.
الوفاة:-
توفي عبد الله بن سعيد بن كُلَّاب سنة 245هـ.
المصادر:–
- الأعلام (4/90).
- سير أعلام النبلاء (11/174/رقم 76).
- شرح حديث النزول (171).
- طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (1/95).
- آراء الكلابية العقائدية وأثرها في الأشعرية في ضوء عقيدة أهل السنة والجماعة، هدى بنت ناصر الشلالي.
- لسان الميزان (4/486/رقم 4256).
- الوافي بالوفيات (17/104).
https://www.thoughtco.com/what-was-the-abbasid-caliphate-195293