من هو هبة الله بن جميع ؟
هو أبو العشائر هبة الله بن زين بن حسن بن إفرائيم بن يعقوب بن إسماعيل بن جميع الإسرائيلي المصري المعروف باسم الشيخ الموفق وشمس الرئاسة، و يحكى أنه كان طبيب صلاح الدين الأيوبي فهو يعد أحد أبرز أطباء الحضارة العربية الإسلامية، مسقط رأسه القاهرة، كان مولعاً بكتب ومؤلفات العلماء المسلمين القدامى، وعلى اطلاع دائم بكل ما يتعلق بالحضارة اليونانية ومخطوطاتها .
دراسته:–
من الطبيعي أن يكون علامتنا قد بدأ تحصيله وتكوينه العلمي بمسقط رأسه ، حيث كانت القاهرة مدينة عامرة مزدهرة في كافة حقول النشاط الإنساني ، وقد وصفها الرحالون بالسعة في كثرة العمران وازدحام السكان والنشاط التجاري الواسع ، وظلت على هذا الحال من الازدهار الحضاري حتى سنة 1198م ، عندما اضطر الفاطميون إلى إحراقها لئلا تسقط في أيدي الصليبيين.
لازم بن جميع مجلس الشيخ الموفق عدنان بن العين زربي في القاهرة لفترة طويلة من الزمن اكتسب خلالها معرفة و خبرة كبيرين مكنتاه من المضي قدما و التميز في مجال العلوم الطبية، فكان مثابرا مجدا في الوصول الى حقيقة ما يعاني منه المريض بغية إيجاد الدواء المناسب له، و لهذا فقد ذاع صيته حتى دخل شمس الرئاسة في خدمة الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب.
هذا وقد كان طبيبنا المقتدر، الشيخ الموفق ملما بعلوم اللغة العربية و قواعدها التي أخذها عن شيوخ مجالس الفسطاط ، فيقال عنه أنه كان لا يتصفح مؤلفا إلا و كتاب الجوهري «الصحاح» متربع بين يديه فلا تمر عليه كلمة لا يدري إعرابها أو معناها إلا و يفسرها منه.
هبة الله بن جميع المصري – مكانته العلمية:-
حاز هبة الله بن جميع المصري في حقبة الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي على مرتبة علمية سامية، إذ كان الطبيب الأول و الخاص به.
و من أبرز معالم ذكاء و حذق هذا العالم العبقري هو تمكنه من مناهج و مؤلفات اليونان في الفكر عموما و الطب خصوصا، بحيث استند على تجاربه الطبية المتكررة و ملاحظاته المستمرة الدقيقة ليتمكن من الكشف عن الكثير من الجوانب التي كانت غائبة عن الحضارة اليونانية في هذا المجال الطبي و إعطاء قيمة مضافة للبشرية، كما و قد اكتشف ثغرات وأخطاء فيما يخص الطب اليوناني و عمل على تصويبها وبذلك فقد صنف كأفضل أطباء العالم بأسره.
سعة فكره وحسن إدراكه:-
تميز ابن جميع المصري بنظرته الحكيمة للحياة والناس، وفكره العميق الراقي وتأمله الدقيق في العلوم، وله مواقف شتى تدل على فكره الرشيد وحسن إدراكه وفراسته الصائبة، وهذه الرواية التي بين أيدينا توضح ذلك:
كان ابن جميع المصري جالسا في دكانه في مصر ومرت عليه جنازة فصاح بأهل الميت أن يتوقفوا لأن صاحبهم لم يمت وإن دفنوه فإنما يدفنوه حيا. فاستدعوه وقالوا له: بين الذي قد قلت لنا. فأخذ الميت إلى البيت ونزع عنه أكفانه وسكب عليه الماء حتى بدأ يحس ويتحرك وأتم علاجه حتى فاق.
وعندما سُئل من أين علمت ذلك أن الميت فيه روحا؟
فقال: إني نظرت إلى قدميه فوجدتهما قائمتين وأقدام الذين قد ماتوا منبسطة فحدست أنه حي فكان حدس صائبة.
مؤلفاته:-
لدى هبة الله بن جميع العديد من الكتب والمؤلفات في مجال الطب، و من أبرزها تصنيفاً على الإطلاق :
- رسالة في خواص الليمون وما يُركب منه وشرابه ومنافعه.
- رسالة إلى القاضي المسكين أبي القاسم علي بن الحسين فيما يُعتمد حيث لا يوجد طبيب.
- مقالة في الحدبة.
- الرسالة الصلاحية في إحياء الصناعة الطبية.
- كتاب «الإرشاد لمصالح الأنفس والأطباء والأجساد».
- رسالة في طبع الإسكندرية وحال هوائها ومياهها ونحو ذلك من أحوالها وأحوال أهلها.
- «الرسالة السيفية في الأدوية المركبة» وهي مقالة في علاج القولنج.
- مقالة في الراوند ومنافعه.
- كتاب «التصريح المكنون في تنقيح القانون» في قراءة وتحليل لكتاب ابن سينا.
وفاته:-
بعد عمر زاهر من طلب العلم و خدمة البشرية؛ رحل هبة الله بن جميع إلى مثواه الأخير في السنة الثامنة والتسعون و المائة بعد الألفية الميلادية بين أحضان وطنه مصر.
اقرأ أيضاً: البيمارستان النوري في دمشق .. أحد أبرز تجليات تقدم المسلمين في المجال الطبي
المصادر:-
- ابن أبي أصيبعة: عيون الأنباء في طبقات الأطباء.
- علي عبد الفتاح: أعلام المبدعين من علماء العرب والمسلمين.
- طبع الإسكندرية: هبة الله بن زين بن حسن بن جميع.