تشريح الشرايين عند ابن سينا وعلاقتها بالأوردة:-
عرّف ابن
سينا، المولود والمتوفى في همدان بفارس (980-1037 م)؛ أصل الشرايين من الجانب
الأيسر من القلب إلى جانب الأوردة في الكبد، كما حدد الفرق بين سٌمّك جدران البطين
الأيسر والأيمن للقلب. وكان أول من ذكر الفرق في انقباضات الأذينين والبطينين
للقلب، وكذلك وجود الشعيرات الدموية.
وتأثر ابن سينا إلى حد كبير بنظريات الطبيبيّن الإغريقييّن أبقراط وجالينوس الخاطئة، فاستنسخ الكثير منها في كتاباته، وخاصة عندما قدّم أوصافًا لعدة أمراض.
ومع استخدامه النظرية الخلطية
لجالينوس كأساس؛ غير أن ابن سينا قدّم سينا نظريات وعلاجات مختلفة للأمراض
القلبية.
وقال في كتابه القانون في الطب :”العروق الضوارب وهي الشرايين خلقت إلا واحدة منها ذات صفاقين (الغشاء الداخلي) وأصلبهما المستبطن إذ هو الملاقي للضربان. وحركة جوهر الروح القوية المقصود صيانة جوهره وإحرازه وتقوية وعائه، ومنبت الشرايين هو التجويف الأيسر من تجويفي القلب لأن الأيمن منه أقرب من الكبد، فوجب أن يجعل مشغولا بجذب الغذاء واستعماله”(1)
تصلب الشرايين عند ابن سينا :-
تم تحديد تصلب الشرايين من
قبل ابن سينا، لأنه عرف أن التراكم غير الطبيعي للمزاج في الأوردة وغيرها من المواضع
قد يسبب انسدادًا (مزاج أسود الصفراء)، وأسوأ العوائق هي تلك التي تحدث في شرايين
الأعضاء الحيوية مثل الدماغ والقلب والكبد.
و بفضل كتاب “القانون
في الطب” فقد عُلِمَ بأنَ التكلس الوعائي هو ترسب الصفراء السوداء غير
الطبيعية في الشريان. الصفراء السوداء العادية التي تشبه عنصر الأرض تسبب تراكم
بعض العناصر والمعادن (أي الكالسيوم) في الأنسجة، فإذا تم إيداع أسود الصفراء في
الأنسجة مثل العظام التي تحتاج إلى معادن، فسوف يؤدي ذلك إلى ثباتها وصلابتها.
أما في
الحالات التي تكون فيها أسود الصفراء غير طبيعية؛ فإنها تودع في الأنسجة التي لا
تحتاج إلى معادن مثل جدار الشرايين بدلاً من الأنسجة التي تحتاجها.
لذلك؛ فإن ترسّب أسود الصفراء غير الطبيعية، سيفضي إلى تدمير المرونة الطبيعية لشرايين الدم التي ستصبح متصلبة.(2)
النبض الشرياني وعلاقة الشريان بالوريد عند ابن سينا:-
كان ابن سينا
أيضًا رائدًا في ربط معدل النبض لدى المريض من خلال تلمس المشاعر الداخلية،
وبالتالي، فإنه أحرز تقدماً في دراسات النبض الشرياني، معززا من ريادته الطبية، كونه
أول من قام بقياس نبض الرسغ.
كما حدد عالمنا
الموسوعي؛ العديد من التغييرات في الدورة الدموية المتعلقة بظروف المريض مثل:
العمر والجنس والشرب واستهلاك الطعام والغضب والخوف والحمل والأمراض وحتى فيما
يتعلق بالظروف الجوية. وأثبتت العديد من الدراسات الحديثة تلك الملاحظات.(3)
وصف ابن سينا
وجود صلة بين الجهازين الشرياني والوريدي؛ حيث يتلقى الدم الوريدي الحرارة
المتأصلة للقلب المتواجد في الدم الشرياني، ذلك لأن القلب بالنسبة له موقع حرارة
الجسم المتأصلة التي توزعها على الأعضاء المختلفة عبر الشرايين.
ولتأكيد
استنتاجه بوجود صلة هو أنه عندما يتم قطع الوريد، فإن الدم سوف يفرغ من كل
الشرايين والأوردة.(4)
تمييز الأوردة عن الشرايين:-
كما أبرزَ ابن سينا الاختلافات بين كل من الأوردة والشرايين، فمثلا توجد الأوردة في كل من المواقع السطحية والعميقة، في حين أن الشرايين تكون دائمًا عميقة والشرايين تنبض والأوردة لا تفعل ذلك، وجدران الشرايين أكثر كثافة من الأوردة لأن الأولى تحمل الدم بضغط عالي والدم في الشرايين بشكل أرق وأكثر دفئًا وروحاً.
ولاحظ ابن
سينا أن المفاغرة في الأوعية الدموية تحدث عندما يقوم الجسم بصورة طبيعية بإنشاء
مسار جديد لتدفق الدم إذا تم إغلاق أحد المسارات، حيث يمكن انجاز ذلك جراحياً بهدف
إصلاح الشرايين والأوردة المصابة أو التالفة.
وقد وصف مفاغرة بين الشرايين من جوانب مختلفة من أعضاء الجسم، مثل الدماغ وفروة الرأس والرحم والمثانة. ومفاغرة الشرايين الوريدية على الدماغ، الوريد إلى الوريد مفاغرة في المناطق السرة والشعيرية وأيضًا بين الأوردة العميقة والسطحية في الأطراف.
كانت مساهمة مهمة
إضافية في تضاريس الشرايين خاصةً عندما كتب ابن سينا عن مفاغرة بين الشرايين من جوانب مختلفة
على الأعضاء مثل الدماغ وفروة الرأس والرحم والمثانة ومفاغرة الشرايين الوريدية على
الدماغ.(5)
المصادر:–
- القانون
في الطب لإبن سينا، تحقيق ،ج1، ص83-84 - Choopani, R., Mosaddegh, M., Gir, A. A.
G., & Emtiazy, M. (2012). Avicenna (Ibn Sina) aspect of atherosclerosis.
International Journal of Cardiology, 156(3), 330. - Ranhel, André Silva, and
Evandro Tinoco Mesquita. “The Middle Ages Contributions to Cardiovascular
Medicine.” Brazilian journal of cardiovascular surgery 31.2 (2016):
163-170. - Daneshfard, B., Yarmohammadi, H., & Dalfardi, B. (2014). The origins
of the theory of capillary circulation. International Journal of Cardiology,
172(2), 491–492. - Mazengenya,
P., and R. Bhikha. “A critical appraisal of 11th century treatise by Ibn
Sina (Avicenna) on the anatomy of the vascular system: Comparison with modern
anatomic descriptions.” Morphologie
102.337 (2018): 61-68.
Photo by Robina Weermeijer on Unsplash
تشريح الشرايين عند ابن سينا وعلاقتها بالأوردة:-
عرّف ابن
سينا، المولود والمتوفى في همدان بفارس (980-1037 م)؛ أصل الشرايين من الجانب
الأيسر من القلب إلى جانب الأوردة في الكبد، كما حدد الفرق بين سٌمّك جدران البطين
الأيسر والأيمن للقلب. وكان أول من ذكر الفرق في انقباضات الأذينين والبطينين
للقلب، وكذلك وجود الشعيرات الدموية.
وتأثر ابن سينا إلى حد كبير بنظريات الطبيبيّن الإغريقييّن أبقراط وجالينوس الخاطئة، فاستنسخ الكثير منها في كتاباته، وخاصة عندما قدّم أوصافًا لعدة أمراض.
ومع استخدامه النظرية الخلطية
لجالينوس كأساس؛ غير أن ابن سينا قدّم سينا نظريات وعلاجات مختلفة للأمراض
القلبية.
وقال في كتابه القانون في الطب :”العروق الضوارب وهي الشرايين خلقت إلا واحدة منها ذات صفاقين (الغشاء الداخلي) وأصلبهما المستبطن إذ هو الملاقي للضربان. وحركة جوهر الروح القوية المقصود صيانة جوهره وإحرازه وتقوية وعائه، ومنبت الشرايين هو التجويف الأيسر من تجويفي القلب لأن الأيمن منه أقرب من الكبد، فوجب أن يجعل مشغولا بجذب الغذاء واستعماله”(1)
تصلب الشرايين عند ابن سينا :-
تم تحديد تصلب الشرايين من
قبل ابن سينا، لأنه عرف أن التراكم غير الطبيعي للمزاج في الأوردة وغيرها من المواضع
قد يسبب انسدادًا (مزاج أسود الصفراء)، وأسوأ العوائق هي تلك التي تحدث في شرايين
الأعضاء الحيوية مثل الدماغ والقلب والكبد.
و بفضل كتاب “القانون
في الطب” فقد عُلِمَ بأنَ التكلس الوعائي هو ترسب الصفراء السوداء غير
الطبيعية في الشريان. الصفراء السوداء العادية التي تشبه عنصر الأرض تسبب تراكم
بعض العناصر والمعادن (أي الكالسيوم) في الأنسجة، فإذا تم إيداع أسود الصفراء في
الأنسجة مثل العظام التي تحتاج إلى معادن، فسوف يؤدي ذلك إلى ثباتها وصلابتها.
أما في
الحالات التي تكون فيها أسود الصفراء غير طبيعية؛ فإنها تودع في الأنسجة التي لا
تحتاج إلى معادن مثل جدار الشرايين بدلاً من الأنسجة التي تحتاجها.
لذلك؛ فإن ترسّب أسود الصفراء غير الطبيعية، سيفضي إلى تدمير المرونة الطبيعية لشرايين الدم التي ستصبح متصلبة.(2)
النبض الشرياني وعلاقة الشريان بالوريد عند ابن سينا:-
كان ابن سينا
أيضًا رائدًا في ربط معدل النبض لدى المريض من خلال تلمس المشاعر الداخلية،
وبالتالي، فإنه أحرز تقدماً في دراسات النبض الشرياني، معززا من ريادته الطبية، كونه
أول من قام بقياس نبض الرسغ.
كما حدد عالمنا
الموسوعي؛ العديد من التغييرات في الدورة الدموية المتعلقة بظروف المريض مثل:
العمر والجنس والشرب واستهلاك الطعام والغضب والخوف والحمل والأمراض وحتى فيما
يتعلق بالظروف الجوية. وأثبتت العديد من الدراسات الحديثة تلك الملاحظات.(3)
وصف ابن سينا
وجود صلة بين الجهازين الشرياني والوريدي؛ حيث يتلقى الدم الوريدي الحرارة
المتأصلة للقلب المتواجد في الدم الشرياني، ذلك لأن القلب بالنسبة له موقع حرارة
الجسم المتأصلة التي توزعها على الأعضاء المختلفة عبر الشرايين.
ولتأكيد
استنتاجه بوجود صلة هو أنه عندما يتم قطع الوريد، فإن الدم سوف يفرغ من كل
الشرايين والأوردة.(4)
تمييز الأوردة عن الشرايين:-
كما أبرزَ ابن سينا الاختلافات بين كل من الأوردة والشرايين، فمثلا توجد الأوردة في كل من المواقع السطحية والعميقة، في حين أن الشرايين تكون دائمًا عميقة والشرايين تنبض والأوردة لا تفعل ذلك، وجدران الشرايين أكثر كثافة من الأوردة لأن الأولى تحمل الدم بضغط عالي والدم في الشرايين بشكل أرق وأكثر دفئًا وروحاً.
ولاحظ ابن
سينا أن المفاغرة في الأوعية الدموية تحدث عندما يقوم الجسم بصورة طبيعية بإنشاء
مسار جديد لتدفق الدم إذا تم إغلاق أحد المسارات، حيث يمكن انجاز ذلك جراحياً بهدف
إصلاح الشرايين والأوردة المصابة أو التالفة.
وقد وصف مفاغرة بين الشرايين من جوانب مختلفة من أعضاء الجسم، مثل الدماغ وفروة الرأس والرحم والمثانة. ومفاغرة الشرايين الوريدية على الدماغ، الوريد إلى الوريد مفاغرة في المناطق السرة والشعيرية وأيضًا بين الأوردة العميقة والسطحية في الأطراف.
كانت مساهمة مهمة
إضافية في تضاريس الشرايين خاصةً عندما كتب ابن سينا عن مفاغرة بين الشرايين من جوانب مختلفة
على الأعضاء مثل الدماغ وفروة الرأس والرحم والمثانة ومفاغرة الشرايين الوريدية على
الدماغ.(5)
المصادر:–
- القانون
في الطب لإبن سينا، تحقيق ،ج1، ص83-84 - Choopani, R., Mosaddegh, M., Gir, A. A.
G., & Emtiazy, M. (2012). Avicenna (Ibn Sina) aspect of atherosclerosis.
International Journal of Cardiology, 156(3), 330. - Ranhel, André Silva, and
Evandro Tinoco Mesquita. “The Middle Ages Contributions to Cardiovascular
Medicine.” Brazilian journal of cardiovascular surgery 31.2 (2016):
163-170. - Daneshfard, B., Yarmohammadi, H., & Dalfardi, B. (2014). The origins
of the theory of capillary circulation. International Journal of Cardiology,
172(2), 491–492. - Mazengenya,
P., and R. Bhikha. “A critical appraisal of 11th century treatise by Ibn
Sina (Avicenna) on the anatomy of the vascular system: Comparison with modern
anatomic descriptions.” Morphologie
102.337 (2018): 61-68.
Photo by Robina Weermeijer on Unsplash