هو أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن محمود البلخي الذي يُنسَب إلى بني كعب لذا يقال عنه أيضاً : الكعبي المولود سنة 273 هجرية (886 م).
أبو القاسم البلخي الكعبي .. طروحاته:-
يعتبر البلخي أحد أبرز علماء متكلمي معتزلة بغداد، بل أنَّ البعض وصفه بكونه رئيس أهل زمانه في هذا المضمار.
والفرقة الكلامية الكعبية تنُتسب لأبي القاسم البلخي، ومجموع أقوالهم: إنه ليس لله عزَّ وَجَل إرادة، وأنَّ جميع أفعالهِ واقعةَ منهُ دون إرادة أو مشيئة منهُ لها، لذا فقد قيل: إن صُلحاء أهل بَلَخ ينالونَ منه ويقدحون فيه ويرمونه بالزَّندقة.
وقد تتلمَذَ الكعبي على يد أبي الحسين الخياط المتكلم المعتزلي، حيث تطابقت أفكارهما، بيد أن الأول انفرد عن الثاني بمسائل أوردها ابن شاكر الكتبي في “عيون التواريخ” حيث يرى البلخي: “إن إرادة الربِّ تعالى قائمة بذاته، ولا هُوَ يُريدُ إرادتهُ، وإرادتهُ حادثة في محل، بل إذا أُطلق عليه؛ إنه يُريد، فمعناهُ أنَّهُ عالمٌ قادرٌ غير مُكْرَه في فعله ولا كارِه، وإذا قيل إنهُ مريدٌ لأفعالهِ، فالمُرادُ أنَّهُ خالقٌ لها على وُفْقِ عِلْمِه، وإذا قيل: إنه مريدٌ لأفعال عِبَادِهِ، فالمُراد أنهُ راضٍ بِما أمر بهِ، كذلك قال ابن أبي الدَّم في كتاب الفِرَق الإسلامية، أعني ذكر هذه”.
ويقول البلخي في “مقالات الإسلاميين”:” المعتزلة مُجمِعَة على أن الله جلَّ ذِكْرُه، شيءٌ لا كالأشياء، وأنَّهُ ليس بجسمٍ ولا عَرَض، بل هو الخالِق للجسم والعَرَض، وأنَّ شيئاً من الحواس لا يُدركهُ في دُنيا ولا في آخرة، وأنَّهُ لا تحصُرُهُ الأماكن ولا تُحَدِّدهُ الأقطار، بل هُوَ الذي لم يَزَل، ولا مكانَ ولا زَمَان، ولا نهاية ولا حَدّ، ثمَّ خَلَقَ اللهُ أجمه وأحدثهُ مع سائرِ ما خَلَقَ لا من شيء، وأنَّهُ القديم وكُلّ ما سواه مُحدَث، وهذا هُوَ التوحيد”.
رأي بعض العلماء فيه:-
أبو القاسم البلخي شخصية اختلف فيها العلماء وذلك تبعاً لموقفهم من علم الكلام عموماً، ومن أطروحاته على وجه الخصوص.
- فقال قال عنه جعفر المستغفري في “تاريخ نسف”: ” لا أستجيزُ الرواية عن أمثاله، وناهيك من فضله وتقدُّمِهِ؛ إجماع العالم على حُسْن تأليفه للكُتُب الكلامية والتصانيف الحُكمية التي بدت حسَنَة التركيب للحكماء، وصارت ملاذاً للبصرة، وعُدَّة للأُدَباء، ونزهة في مجالس الكُبَرَاء..”.
- وقال المستغفري عنه أيضاً: ” دخَلَ نسف فأكرموهُ إلَّا الحافِظ عبد المؤمن بن خلف، فإنَّهُ كان يُكَفِّرُهُ، ولا سلَّمَ عليهِ لمَّا دَخَلَ البلد، فمضى الكعبي إليه فوجَدَهُ في محرابه، فسلَّمَ عليه، فلم يلتَفِت إليهِ، ففَطِن، فَحَلَفَ من بعيد: بالله عليهَ أيُّها الشَيخ أن لا تقوم، ودعا قائماً، وانصرَفَ رافعاً المخجل عن نفسه”.
- وجاء على ذكره أبو حيان التوحيدي في “البصائر والذَّخائر”، قائلاً : “كفى به عِلْمَاً ودرايةً وروايةً وثقة وإعانة”.
- قال عنه الإمام الذهبي في “سير أعلام النبلاء” : “العلَّامة شيخ المعتزلة.. ، من نظراء أبي علي الجبائي، وكان يكتب الإنشاء لبعض الأمراء، وهو أحمد بن سهل متولِّي نيسابور، فثار أحمد، ورامَ المُلْك، فلم يتمّ له، وأخذَ الكعبي وسُجِنَ مُدَّة، ثم خلَّصَهُ وزير بغداد علي بن عيسى، وناظر بها”.
- وقال عنه ابن حجر العسقلاني : ” .. من كبار المعتزلة، وله تصانيفٌ في الطعْنِ على المُحدَثين تدُلُ على كثرةِ اطلاعهِ وتعصُّبِهِ”.
أبو القاسم البلخي الكعبي .. مؤلفاته:-
ترك أبو القاسم البلخي الكعبي مجموعة من الكُتُب والمؤلفات من بين أبرزها:
- المقالات.
- التفسير الكبير للقرآن الكريم.
- السُّنّة والجماعة.
- الغُرَر والنَّوادِر.
- الاستدلال بالشَّاهِد على الغائب.
- التهذيب على الجَدَل، ولأبي منصور الماتريدي (توفي 333 هجرية) كتابٌ ردَّ فيه على البلخي.
- طبقات المعتزلة.
- عيون المسائل والجوابات.
- العَروض، وقد عاب في هذا الكتاب على بعض أعمال الخليل بن أحمد الفراهيدي.
- الردّ على متنبئ خُراسان.
- كتاب في النَّقْضِ على الرازي في الفلسفة الإلهية، وفي هذا السياق ؛ قال بون كراوس في كتاب ” رسائل فلسفية للرَّازي”: “كان لكِتاب العلم الإلهي للرَّازي شأنٌ كبيرٌ في تاريخ الفلسفة الإسلامية، حتى أنَّ كثيراً من مفكري الإسلام رأوا من واجبهم أن يردوا عليه، منهم أبو القاسم البلخي الكعبي.. وألَّفَ عِدَّة نقوض على كتاب العِلم الإلهي، تحدَّى بها الرَّازي إلى الردِّ عليها..”.
- قبول الأخبار ومعرفة الرجال.
- كتاب في المتولِّد وأفعال الطِباع، والذي ردَّ فيه على ابن الراوندي.
- بعض النقد على المجبرة.
- تحفة الوزراء.
- تأييد مسائل أبي الهُذيل في الجَبر.
- مفاخر خراسان.
وفاته:-
توفي أبو القاسم البلخي سنة 327 هجرية (939 م).
اقرأ أيضاً كيفَ وضعَ أبو الأسود الدؤلي عِلم النحو ؟
المصادر:-
- سير أعلام النبلاء، الذهبي.
- فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة، تحقيق فؤاد سيد.