التعريف بالقزويني :-
عالم مبدع في الجغرافيا والفلك وفي حقل النبات الطبيعي، إنه أبو يحيى، زکریا بن محمد بن محمود القزويني.
يعود نسبه إلى الإمام مالك بن أنس أحد أئمة الفقه الإسلامي.
كانت أسرته تقطن المدينة
المنورة ثم رحلت إلى قزوين حيث ولد هناك وتعلم فيها وظل يدرس الفقه والطبيعيات
والفلك ويحفظ القرآن الكريم ويدرس علومه، فأتقن ذلك كل تلك العلوم قبل أن يرتحل إلى
دمشق في جولة تهدف إلى لقاء العلماء والفقهاء وأعلام العصر.
مسيرته العلمية ورحلاته:–
ولد القزويني عام 1208 م في منطقة قزوين الواقعة بين رشت وطهران، وهو حجازي الأصل، سليل بيت من بيوت الأنصار.
قضى في قزوين التي هاجر إليها أهله منذ زمن طويل؛ شطرًا من طفولته وصباه، ثم غادرها إلى دمشق، وأقام بها فترة مهمة من شبابه، حيث تاثر هناك بالعلّامة الصوفي الشهير محيي الدين بن عربي.
وفيما بعد، ارتحل القزويني إلى العراق بعد أن أصبح عميقاً بالفقه وعلومه، وهناك تولى القضاء في واسط والحلة بالعراق وذلك في عهد حكم الخليفة العباسي المستعصم.
هذا وقد اشتغل القزويني أيضاً في مجال التدريس، إذ درّس في المدرسة الشرابية بمدينة واسط، وذلك قبل سقوط بغداد على يد التتار سنة 1258 م.
وقد أمضى معظم سنوات حياته وعمله ما بين بغداد ودمشق، وعاصر في حياته أحداثاً تاريخية مهمة في التاريخ الإسلامي، مثل معركة عين جالوت، وسقوط إشبيلية، صعود نجم المغول وتدميرهم بغداد ومكتبها بيت الحكمة.
توجّهُه العلميّ:–
ورغم انشغال علامتنا بمشاكل
ومسؤوليات مهنة القضاء من جهة، والتدريس والبحث في شؤون الفقه من جهة أخرى، فإن
ذلك لم يلهه عن القراءة والتأليف في الحقول العلمية المختلفة؛ فقد غلب عليه
الاهتمام بالفلك، والتاريخ الطبيعي، والجغرافيا، والخوارق والحوادث الغريبة، وعلوم
الحياة.
ورغم إهتمام القزويني بالبحث في
مختلف العلوم، إلا أن أعظم أعماله وأهمها هي نظرياته في علم الرصد الجوي، والفلك.
فقد يظل القزويني دائما المتأمل في أحوال الكون
والمتأثر بعناصر الطبيعة، دقيق الملاحظة، عميق التجربة، ينسج من التفاصيل الصغيرة
صورة شاملة للفكرة التي يحدثنا عنها من خلال منهجه العلمي وأدبياته الثرية.
كتاب عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات:-
من أشهر مؤلفات علامتنا كتابه الرائع عجائب المخلوقات وغرائب
الموجودات، وينقسم الكتاب إلى قسمين، حيث يتحدث عن الكائنات العلوية من فلك وهيئة،
وفيه وصفَ الشمس والقمر والكواكب والنجوم. وقسم آخر للكائنات السفلية من طبيعة
وجزر وجماد ونبات وبحار وحيوانات.
وقد تم ترجمة هذا الكتاب إلى
عدة لغات منها الفارسية والألمانية والفرنسية والتركية وذلك لروعته ولما تجلى فيه
من روح مسكونة بالإيمان وعقل راجح فیاض بالفكر.
يقول القزويني بخصوص مؤلفه :
“إنه لما حكم الله سبحانه علي ببعد الدار والوطن ومفارقة الأهل
والسكن؛ أقبلت على مطالعة الكتب وكنت شغوفاً بعجائب صنع الله تعالى في مصنوعاته
وغرائب إبداعه في مبدعاته. وعلى الناظر في كتابي هذا أن يتصور تعبي في جمع ما كان
مبددا وتلفيق ما كان مشتتاً، وقد ذكرتُ فيه أشياء يأباها الغبي الغافل ولا تفكرها
نفس الذكي العاقل، فإنها وإن كانت بعيدة عن العادات المعهودة والمشاهدات المألوفة؛
لكن لا يستعظم شيء مع قدرة الخالق وحيلة المخلوق”.
ولعلاّمتنا مصنفات أخرى عديدة، نذكر منها:.
- آثار البلاد وأخبار العباد
- مفید العلوم و مبید الهموم
- الإرشاد في أخبار قزوين
- خطط مصر
إضافات القزويني في علم الفلك:.–
اهتم القزويني بعلم الفلك والنجوم إهتماماً كبيراً، فكان له في هذا المجال دراسات وأبحاث، وقد تطرق علامتنا في كتابه المذكور إلى الحديث بإسهاب عن السماء وما تحويه من كواكب وبروج ومدارات ومجرَّات، والشمس، والقمر.
وتحدث عن كواكب الزهرة، والمريخ، والمشتري، وعطارد، وزحل.
كما علل القزويني خسوف القمر
وفسَّره تفسيراً علمياً حيث قال: “إن سببه توسط الأرض بينه وبين الشمس،
وعندئذ يتشكل من وقوع نور الشمس مخروط قاعدته صفحة الأرض، فإذا وقع القمر كله في
جرم المخروط كان الخسوف كليًا”.
وقد علل القزويني كسوف الشمس وقال: “إن القمر يكون حائلًا بين
الشمس وأبصارنا لأنّ جرم القمر كمد فيحجب ما وراءه، لأن الخطوط الموهومة الشعاعية
التي تخرج من أبصارنا متصلة بالبصر على هيئة مخروط رأسه نقطة البصر وقاعدته
المبصر، فإذا وقع جرم القمر في وسط المخروط، تنكسف الشمس كلها، وقد تنكسف بعضها
إذا كان للقمر عرض ينحرف المخروط عن الشمس”.
الأرض كُرة، والدَّليل على ذلك أن خسوف القَمَر إذا كان يُرى من بلدانٍ مختلفة، فإنَّه لا يُرَى فيها كُلَّها في وقتٍ واحدٍ بل في أوقاتٍ متعاقبة، لأنَّ طُلوع القمر وغروبه يكونان في أوقاتٍ مختلفة في الأماكِن المُختلفة، والأرض واقفةٌ في وسط الأفلاك كلَّها بإذن الله تعالى.
— القزويني.
ذكر المدن التي زارها القزويني:-
تعرَّض القزويني لذكر عدد من المدن التي زارها خلال طوافه؛ نشير إلى بعضها وهي تقع في إقليم بلاد الشام.
- حلب: والتي تعرَّض إلى ذكر أسواقها المشهورة، قائلاً: إنها اُشتهرت بصناعات تفوق نظيراتها القريبة، منها سوق الزجاج الذي أعُجِب فيه، ورأى أن المرء لا يريد مغادرة المدينة لكثرة ما يشاهدها فيها من مصنوعات متقنة يتم تصديرها إلى مختلف البلدان، هذا إلى جانب سوق المزوِّقين والتي وصفها بأن فيها “الآت عجيبة ومزوَّقة”.
- عكَّا: يقرر القزويني بأنَّها مدينة مهمة اقتصادياً، فيقول : إنها تقع على ساحل الشام وقد كانت في أيامه أحسن بلاد السَّاحل وأعمرها، مشيراً إلى تفوقها من حيث العمران على المدن المحيطة بها.
- صُور: الواقعة على بحر الشام والتي وصفها بالمدينة الذائعة الصيت، وذكر أمر استدارة حائطها على مينائها “استدارة عجيبة”.
- دمشق: منحها أوصافاً عظيمة وأضاف عليها بأن أهلها يجعلون من كل يوم سبت لأغراض اللهو واللَّعِب، يستوي في ذلك الرجال، والنِّساء والأطفال، حيث يلتقون بأصحابهم، ويخرجون للبساتين، ويتجه القوم إلى الميدان الأخضر؛ الذي تحيطه مظاهر الخُضرة، فضلاً عن المياه الجارية.
وفاة القزويني:-
بعد رحلته الغنية بالعلوم والفقه والأدب؛ توفي الإمام القزويني في مدينة بغداد وذلك في السابع من شهر محرم سنة 682هـ / 1283م.
المصادر:-
- القزويني: آثار البلاد وأخبار العباد، دار صادر.
- الجغرافيون والرحالة المسلمون فى بلاد الشام زمن الحروب الصليبية، محمد مؤنس عوض.
- عبد الرحمن بدر الدين: القزويني زكريا بن محمد، الموسوعة العربية العالمية
- علي عبد الفتاح: اعلام المبدعين من علماء العرب والمسلمين، مكتبة ابن كثير
- الذهبي: تاريخ الإسلام، تحقيق: عمر عبد السلام التدمري، دار الكتاب العربي
https://www.nlm.nih.gov/exhibition/historicalanatomies/Images/1200_pixels/qazwini4.jpg
التعريف بالقزويني :-
عالم مبدع في الجغرافيا والفلك وفي حقل النبات الطبيعي، إنه أبو يحيى، زکریا بن محمد بن محمود القزويني.
يعود نسبه إلى الإمام مالك بن أنس أحد أئمة الفقه الإسلامي.
كانت أسرته تقطن المدينة
المنورة ثم رحلت إلى قزوين حيث ولد هناك وتعلم فيها وظل يدرس الفقه والطبيعيات
والفلك ويحفظ القرآن الكريم ويدرس علومه، فأتقن ذلك كل تلك العلوم قبل أن يرتحل إلى
دمشق في جولة تهدف إلى لقاء العلماء والفقهاء وأعلام العصر.
مسيرته العلمية ورحلاته:–
ولد القزويني عام 1208 م في منطقة قزوين الواقعة بين رشت وطهران، وهو حجازي الأصل، سليل بيت من بيوت الأنصار.
قضى في قزوين التي هاجر إليها أهله منذ زمن طويل؛ شطرًا من طفولته وصباه، ثم غادرها إلى دمشق، وأقام بها فترة مهمة من شبابه، حيث تاثر هناك بالعلّامة الصوفي الشهير محيي الدين بن عربي.
وفيما بعد، ارتحل القزويني إلى العراق بعد أن أصبح عميقاً بالفقه وعلومه، وهناك تولى القضاء في واسط والحلة بالعراق وذلك في عهد حكم الخليفة العباسي المستعصم.
هذا وقد اشتغل القزويني أيضاً في مجال التدريس، إذ درّس في المدرسة الشرابية بمدينة واسط، وذلك قبل سقوط بغداد على يد التتار سنة 1258 م.
وقد أمضى معظم سنوات حياته وعمله ما بين بغداد ودمشق، وعاصر في حياته أحداثاً تاريخية مهمة في التاريخ الإسلامي، مثل معركة عين جالوت، وسقوط إشبيلية، صعود نجم المغول وتدميرهم بغداد ومكتبها بيت الحكمة.
توجّهُه العلميّ:–
ورغم انشغال علامتنا بمشاكل
ومسؤوليات مهنة القضاء من جهة، والتدريس والبحث في شؤون الفقه من جهة أخرى، فإن
ذلك لم يلهه عن القراءة والتأليف في الحقول العلمية المختلفة؛ فقد غلب عليه
الاهتمام بالفلك، والتاريخ الطبيعي، والجغرافيا، والخوارق والحوادث الغريبة، وعلوم
الحياة.
ورغم إهتمام القزويني بالبحث في
مختلف العلوم، إلا أن أعظم أعماله وأهمها هي نظرياته في علم الرصد الجوي، والفلك.
فقد يظل القزويني دائما المتأمل في أحوال الكون
والمتأثر بعناصر الطبيعة، دقيق الملاحظة، عميق التجربة، ينسج من التفاصيل الصغيرة
صورة شاملة للفكرة التي يحدثنا عنها من خلال منهجه العلمي وأدبياته الثرية.
كتاب عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات:-
من أشهر مؤلفات علامتنا كتابه الرائع عجائب المخلوقات وغرائب
الموجودات، وينقسم الكتاب إلى قسمين، حيث يتحدث عن الكائنات العلوية من فلك وهيئة،
وفيه وصفَ الشمس والقمر والكواكب والنجوم. وقسم آخر للكائنات السفلية من طبيعة
وجزر وجماد ونبات وبحار وحيوانات.
وقد تم ترجمة هذا الكتاب إلى
عدة لغات منها الفارسية والألمانية والفرنسية والتركية وذلك لروعته ولما تجلى فيه
من روح مسكونة بالإيمان وعقل راجح فیاض بالفكر.
يقول القزويني بخصوص مؤلفه :
“إنه لما حكم الله سبحانه علي ببعد الدار والوطن ومفارقة الأهل
والسكن؛ أقبلت على مطالعة الكتب وكنت شغوفاً بعجائب صنع الله تعالى في مصنوعاته
وغرائب إبداعه في مبدعاته. وعلى الناظر في كتابي هذا أن يتصور تعبي في جمع ما كان
مبددا وتلفيق ما كان مشتتاً، وقد ذكرتُ فيه أشياء يأباها الغبي الغافل ولا تفكرها
نفس الذكي العاقل، فإنها وإن كانت بعيدة عن العادات المعهودة والمشاهدات المألوفة؛
لكن لا يستعظم شيء مع قدرة الخالق وحيلة المخلوق”.
ولعلاّمتنا مصنفات أخرى عديدة، نذكر منها:.
- آثار البلاد وأخبار العباد
- مفید العلوم و مبید الهموم
- الإرشاد في أخبار قزوين
- خطط مصر
إضافات القزويني في علم الفلك:.–
اهتم القزويني بعلم الفلك والنجوم إهتماماً كبيراً، فكان له في هذا المجال دراسات وأبحاث، وقد تطرق علامتنا في كتابه المذكور إلى الحديث بإسهاب عن السماء وما تحويه من كواكب وبروج ومدارات ومجرَّات، والشمس، والقمر.
وتحدث عن كواكب الزهرة، والمريخ، والمشتري، وعطارد، وزحل.
كما علل القزويني خسوف القمر
وفسَّره تفسيراً علمياً حيث قال: “إن سببه توسط الأرض بينه وبين الشمس،
وعندئذ يتشكل من وقوع نور الشمس مخروط قاعدته صفحة الأرض، فإذا وقع القمر كله في
جرم المخروط كان الخسوف كليًا”.
وقد علل القزويني كسوف الشمس وقال: “إن القمر يكون حائلًا بين
الشمس وأبصارنا لأنّ جرم القمر كمد فيحجب ما وراءه، لأن الخطوط الموهومة الشعاعية
التي تخرج من أبصارنا متصلة بالبصر على هيئة مخروط رأسه نقطة البصر وقاعدته
المبصر، فإذا وقع جرم القمر في وسط المخروط، تنكسف الشمس كلها، وقد تنكسف بعضها
إذا كان للقمر عرض ينحرف المخروط عن الشمس”.
الأرض كُرة، والدَّليل على ذلك أن خسوف القَمَر إذا كان يُرى من بلدانٍ مختلفة، فإنَّه لا يُرَى فيها كُلَّها في وقتٍ واحدٍ بل في أوقاتٍ متعاقبة، لأنَّ طُلوع القمر وغروبه يكونان في أوقاتٍ مختلفة في الأماكِن المُختلفة، والأرض واقفةٌ في وسط الأفلاك كلَّها بإذن الله تعالى.
— القزويني.
ذكر المدن التي زارها القزويني:-
تعرَّض القزويني لذكر عدد من المدن التي زارها خلال طوافه؛ نشير إلى بعضها وهي تقع في إقليم بلاد الشام.
- حلب: والتي تعرَّض إلى ذكر أسواقها المشهورة، قائلاً: إنها اُشتهرت بصناعات تفوق نظيراتها القريبة، منها سوق الزجاج الذي أعُجِب فيه، ورأى أن المرء لا يريد مغادرة المدينة لكثرة ما يشاهدها فيها من مصنوعات متقنة يتم تصديرها إلى مختلف البلدان، هذا إلى جانب سوق المزوِّقين والتي وصفها بأن فيها “الآت عجيبة ومزوَّقة”.
- عكَّا: يقرر القزويني بأنَّها مدينة مهمة اقتصادياً، فيقول : إنها تقع على ساحل الشام وقد كانت في أيامه أحسن بلاد السَّاحل وأعمرها، مشيراً إلى تفوقها من حيث العمران على المدن المحيطة بها.
- صُور: الواقعة على بحر الشام والتي وصفها بالمدينة الذائعة الصيت، وذكر أمر استدارة حائطها على مينائها “استدارة عجيبة”.
- دمشق: منحها أوصافاً عظيمة وأضاف عليها بأن أهلها يجعلون من كل يوم سبت لأغراض اللهو واللَّعِب، يستوي في ذلك الرجال، والنِّساء والأطفال، حيث يلتقون بأصحابهم، ويخرجون للبساتين، ويتجه القوم إلى الميدان الأخضر؛ الذي تحيطه مظاهر الخُضرة، فضلاً عن المياه الجارية.
وفاة القزويني:-
بعد رحلته الغنية بالعلوم والفقه والأدب؛ توفي الإمام القزويني في مدينة بغداد وذلك في السابع من شهر محرم سنة 682هـ / 1283م.
المصادر:-
- القزويني: آثار البلاد وأخبار العباد، دار صادر.
- الجغرافيون والرحالة المسلمون فى بلاد الشام زمن الحروب الصليبية، محمد مؤنس عوض.
- عبد الرحمن بدر الدين: القزويني زكريا بن محمد، الموسوعة العربية العالمية
- علي عبد الفتاح: اعلام المبدعين من علماء العرب والمسلمين، مكتبة ابن كثير
- الذهبي: تاريخ الإسلام، تحقيق: عمر عبد السلام التدمري، دار الكتاب العربي
https://www.nlm.nih.gov/exhibition/historicalanatomies/Images/1200_pixels/qazwini4.jpg