اسمه ونشأته:-
عبد الملك بن زُهْر بن عبد الملك بن محمد بن مروان بن زُهْر، أبو مروان الإيادي الإشبيلي، ويعتبر ابن زهر من أشهر أطباء العرب والمسلمين، وُلِدَ في إشبيلية سنة 464هـ.
ينحدر
ابن زُهْر من أسرة عريقة في الطب، فقد كان والده طبيباً مبدعاً في التشخيص
والعلاج، وكذلك كان جده طبيباً.
ابن زهر – محنته:-
عمل في بداية أمره مع أمراء دولة المرابطين، وأصابه محنة من الأمير علي بن يوسف بن تاشفين، سُجِن على أثرها قرابة عشر سنوات، وهي نفس المحنة التي تعرَّض إليها والده، وبعد استلام الموحِّدين لزمام الحكم، عمل طبيباً ووزيراً مع مؤسس الدولة عبد المؤمن، الذي شمله برعايته، وجعله يتفرَّغ للكتابة والتأليف.
مكانة ابن زهر العلمية:-
درس
العلوم الإسلامية، ثم أخذ مهنة الطب عن والده، فبرع فيها، وكان معاصراً للطبيب
الفيلسوف ابن رشد الذي وصف ابن زُهْر بأنه أعظم الأطباء بعد جالينوس.
رحل
إلى المشرق، ودخل القيروان ومصر، وعمل في الطب هنالك مدة طويلة، ثم عاد إلى
الأندلس، وقصد مدينة دانية، حيث أكرمه ملكها، وأقام ابن زُهْر عنده بطلب من الملك،
وفيها اشتهر أمره في مهنة الطب، وذاع صيته.
وبعدها
انتقل من دانية إلى إشبيلية، وبقي فيها إلى أن توفي.
إسهاماته العلمية:-
كانت
له بصمات علمية في مجال الطب، ومن هذه البصمات التي أسهم بها:
- وصف مختلف الأمراض الباطنية والجلدية، إضافةً إلى الجراحة.
- بحث في قروح الرأس وأمراضه، وأمراض الأذنين، والأنف، والفم، والشفاه، والأسنان، والعيون، وأمراض الرقبة، والرئة، والقلب، وأنوع الحمى، والأمراض الوبائية.
- وصف التهاب غشاء القلب ومَيَّزَ بينه وبين التهاب الرئة.
- أول من وصف الأورام الحيزومية وخرَّاج التامور، وهي أمراض لم توصف من قبل.
- ركَّز على التجربة والتدقيق العلمي، وتوصل إلى الكشف عن أمراض لم تدرس من قبل، فقد درس أمراض الرئة.
- أجرى عملية القصبة المؤدية إلى الرئة.
- أول من استعمل الحقن للتغذية الصناعية.
- أول من اهتم بدراسة الأمراض الموجودة في بيئة معينة، فقد تكلم عن الأمراض التي يكثر التعرض لها في مَرَّاكُش.
- وضَّح أهمية وقيمة العسل في الدواء والغذاء.
- شرح طريقة التغذية القسرية أو الاصطناعية، بطريق الحلقوم أو بطريق الشرج.
تعرف على أحمد بن الجزار القيرواني .. الفيلسوف الباهر والطبيب الحاذق
مكانته عند الغرب:-
له
مكانة رفيعة عند الغرب، حيث أطلقوا عليه اسم Avenzoar، واستمر تأثير ابن زهر في الطب
عند علماء الغرب حتى القرن السابع عشر ميلادي، وقد تم ترجمة كتبه إلى اللاتينية
والعبرية.
أقوال العلماء فيه:-
- قال ابن أبي أُصَيبعة: “كان فاضلاً في صناعة الطب، خبيراً بأعمالها، مشهوراً بالحذق”.
- قال عنه جلال مطهر في كتاب “حضارة الإسلام وأثرها في الترقِّي العالمي”: “إن مِن أهم ما يميز ابن زهر أنَّه لم يأخذ آراء الآخرين على أنَّها مسلَّمات غير قابلة للتعديل، فإنَّ آراءه المخالفة لجالينوس، وخاصَّة آراءه التشريحية، لشاهدةٌ على ذلك، وقد ساعدَت هذه الآراء على التخلُّص من تهويمات الجالينوسية، ومن الخضوع المُشين الذي طَبَعَ عُصوراً برُمَّتها بطابع الجُمود المُزري”.
- قال عنه جورج سارتون: “إنَّ أبا مروان تميَّزَ عن غيره في حقل الطِّب في شرق وغرب الدولة الإسلامية، بل إنه أعظم طبيب في عصره في العالم أجمع”.
- علَّقَ أحد المستشرقين على كِتاب الاقتصاد لا بن زهر قائلاً: “إنَّه عبارة عن تذكرة لما سبق له أن قرأ كتباً أُخرى في الطِّب، فالمؤلِّف لا يتكلَّم مع العموم، ولكن مع طبيب مثله، وقد أوضح كيفية عملية التفريق بين الجُذام، والبُهاق، ومسألة العدوى، وقد تحدَّث ابن زهر في هذا الكتاب عن أطباء عصره، فذكَر أنَّهُم يختلفون في الاعتناء بالمرضى، وأنَّ النَّاس يجهلون الطِب، لأنَّ الطبيب الذي يستشيره مريض من المرضى؛ يُبادر فيصِف له دواءً من الأدوية دون تمحيص للحالة في جميع خواصِّها..”.
يدين علم الطِّب لهذا الطبيب والفيلسوف الأندلسي، الذي أخَذَ الكثير عن الرَّازي وتأثَّر به، بأول وصفٍ وتشخيصٍ سريريٍ لالتهابِ الأهاب (الجِلد الخام) الوَسَطي وللالتهابات الناشِفَة والانسكابية لكيسِ القلب، وقد فرَّقها عن أمراضِ الرِّئة، ويُدان لهُ أيضاً باكتشاف الحقنة الشرجية المُغذِّية وبالغذاء الاصطناعي لمختلفِ حالات شللِ عضلات المعدة التي توسَّعَ فيها كل التوسُّع، وبوصفٍ كاملٍ لسرطان المَعِدَة، الذي وضعه وهو في السِّجِن، بعد مراقبته المرض على رفقائه في الزنزانة.
— زيغريد هونكه، شمس العرب تسطع على الغرب.
كتبه:-
- الترياق السبعيني: كتاب في الطب، ألَّفه لعبد المؤمن مؤسس دولة الموحِّدين.
- التيسير في المداواة والتدبير: موسوعة في الطب ظهر فيها تمكُّن ابن رشد من
هذه الصناعة، وقد قام بإهدائه إلى الطبيب والفيلسوف ابن رشد الذي ألَّف فيما بعد
كتاب «الكليات في الطب»، وأصبح كلٌّ من الكتابين متمماً للآخر، وقد تُرجِم الكتاب
إلى اللاتينية سنة 1490م، وكان له أثر كبير على الطب الأوربي حتى القرن السابع
عشر. - الأغذية والأدوية: تحدث فيه عن أنواع الأغذية والعقاقير، وآثارها على
الصحة، وقد ترجم إلى اللاتينية. - الجامع: كتاب في الأشربة والمعجونات.
- الاقتصاد في إصلاح الأنفس والأجساد: تحدث فيه عن الأمراض، وأدوية علاجها،
وعلم حفظ الصحة، والطب النفسي. - علل الكلى.
- رسالة في علتي البرص والبهق.
وفاة ابن زهر :-
توفي
جرَّاء خرَّاج خبيث في إشبيلية سنة 557هـ، وخلَّف أموالاً جزيلة.
المصادر:–
- الأعلام (4/185).
- بُناة الفكر العلمي في الحضارة الإسلامية (28/1).
- شذرات الذهب في أخبار من ذهب (6/2199).
- قصَّة العلوم الطبية في الحضارة الإسلامية، راغب السرجاني.
- العبر في خبر من غبر (3/28).
- عيون الأنباء في طبقات الأطباء (517).
- معجم المؤلفين (6/182).
- موسوعة علماء الطب مع اعتناء خاص بالأطباء العرب (48/رقم 28).
https://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/0/09/Avenzoar_%28c._1906%29_-_Veloso_Salgado.png
اسمه ونشأته:-
عبد الملك بن زُهْر بن عبد الملك بن محمد بن مروان بن زُهْر، أبو مروان الإيادي الإشبيلي، ويعتبر ابن زهر من أشهر أطباء العرب والمسلمين، وُلِدَ في إشبيلية سنة 464هـ.
ينحدر
ابن زُهْر من أسرة عريقة في الطب، فقد كان والده طبيباً مبدعاً في التشخيص
والعلاج، وكذلك كان جده طبيباً.
ابن زهر – محنته:-
عمل في بداية أمره مع أمراء دولة المرابطين، وأصابه محنة من الأمير علي بن يوسف بن تاشفين، سُجِن على أثرها قرابة عشر سنوات، وهي نفس المحنة التي تعرَّض إليها والده، وبعد استلام الموحِّدين لزمام الحكم، عمل طبيباً ووزيراً مع مؤسس الدولة عبد المؤمن، الذي شمله برعايته، وجعله يتفرَّغ للكتابة والتأليف.
مكانة ابن زهر العلمية:-
درس
العلوم الإسلامية، ثم أخذ مهنة الطب عن والده، فبرع فيها، وكان معاصراً للطبيب
الفيلسوف ابن رشد الذي وصف ابن زُهْر بأنه أعظم الأطباء بعد جالينوس.
رحل
إلى المشرق، ودخل القيروان ومصر، وعمل في الطب هنالك مدة طويلة، ثم عاد إلى
الأندلس، وقصد مدينة دانية، حيث أكرمه ملكها، وأقام ابن زُهْر عنده بطلب من الملك،
وفيها اشتهر أمره في مهنة الطب، وذاع صيته.
وبعدها
انتقل من دانية إلى إشبيلية، وبقي فيها إلى أن توفي.
إسهاماته العلمية:-
كانت
له بصمات علمية في مجال الطب، ومن هذه البصمات التي أسهم بها:
- وصف مختلف الأمراض الباطنية والجلدية، إضافةً إلى الجراحة.
- بحث في قروح الرأس وأمراضه، وأمراض الأذنين، والأنف، والفم، والشفاه، والأسنان، والعيون، وأمراض الرقبة، والرئة، والقلب، وأنوع الحمى، والأمراض الوبائية.
- وصف التهاب غشاء القلب ومَيَّزَ بينه وبين التهاب الرئة.
- أول من وصف الأورام الحيزومية وخرَّاج التامور، وهي أمراض لم توصف من قبل.
- ركَّز على التجربة والتدقيق العلمي، وتوصل إلى الكشف عن أمراض لم تدرس من قبل، فقد درس أمراض الرئة.
- أجرى عملية القصبة المؤدية إلى الرئة.
- أول من استعمل الحقن للتغذية الصناعية.
- أول من اهتم بدراسة الأمراض الموجودة في بيئة معينة، فقد تكلم عن الأمراض التي يكثر التعرض لها في مَرَّاكُش.
- وضَّح أهمية وقيمة العسل في الدواء والغذاء.
- شرح طريقة التغذية القسرية أو الاصطناعية، بطريق الحلقوم أو بطريق الشرج.
تعرف على أحمد بن الجزار القيرواني .. الفيلسوف الباهر والطبيب الحاذق
مكانته عند الغرب:-
له
مكانة رفيعة عند الغرب، حيث أطلقوا عليه اسم Avenzoar، واستمر تأثير ابن زهر في الطب
عند علماء الغرب حتى القرن السابع عشر ميلادي، وقد تم ترجمة كتبه إلى اللاتينية
والعبرية.
أقوال العلماء فيه:-
- قال ابن أبي أُصَيبعة: “كان فاضلاً في صناعة الطب، خبيراً بأعمالها، مشهوراً بالحذق”.
- قال عنه جلال مطهر في كتاب “حضارة الإسلام وأثرها في الترقِّي العالمي”: “إن مِن أهم ما يميز ابن زهر أنَّه لم يأخذ آراء الآخرين على أنَّها مسلَّمات غير قابلة للتعديل، فإنَّ آراءه المخالفة لجالينوس، وخاصَّة آراءه التشريحية، لشاهدةٌ على ذلك، وقد ساعدَت هذه الآراء على التخلُّص من تهويمات الجالينوسية، ومن الخضوع المُشين الذي طَبَعَ عُصوراً برُمَّتها بطابع الجُمود المُزري”.
- قال عنه جورج سارتون: “إنَّ أبا مروان تميَّزَ عن غيره في حقل الطِّب في شرق وغرب الدولة الإسلامية، بل إنه أعظم طبيب في عصره في العالم أجمع”.
- علَّقَ أحد المستشرقين على كِتاب الاقتصاد لا بن زهر قائلاً: “إنَّه عبارة عن تذكرة لما سبق له أن قرأ كتباً أُخرى في الطِّب، فالمؤلِّف لا يتكلَّم مع العموم، ولكن مع طبيب مثله، وقد أوضح كيفية عملية التفريق بين الجُذام، والبُهاق، ومسألة العدوى، وقد تحدَّث ابن زهر في هذا الكتاب عن أطباء عصره، فذكَر أنَّهُم يختلفون في الاعتناء بالمرضى، وأنَّ النَّاس يجهلون الطِب، لأنَّ الطبيب الذي يستشيره مريض من المرضى؛ يُبادر فيصِف له دواءً من الأدوية دون تمحيص للحالة في جميع خواصِّها..”.
يدين علم الطِّب لهذا الطبيب والفيلسوف الأندلسي، الذي أخَذَ الكثير عن الرَّازي وتأثَّر به، بأول وصفٍ وتشخيصٍ سريريٍ لالتهابِ الأهاب (الجِلد الخام) الوَسَطي وللالتهابات الناشِفَة والانسكابية لكيسِ القلب، وقد فرَّقها عن أمراضِ الرِّئة، ويُدان لهُ أيضاً باكتشاف الحقنة الشرجية المُغذِّية وبالغذاء الاصطناعي لمختلفِ حالات شللِ عضلات المعدة التي توسَّعَ فيها كل التوسُّع، وبوصفٍ كاملٍ لسرطان المَعِدَة، الذي وضعه وهو في السِّجِن، بعد مراقبته المرض على رفقائه في الزنزانة.
— زيغريد هونكه، شمس العرب تسطع على الغرب.
كتبه:-
- الترياق السبعيني: كتاب في الطب، ألَّفه لعبد المؤمن مؤسس دولة الموحِّدين.
- التيسير في المداواة والتدبير: موسوعة في الطب ظهر فيها تمكُّن ابن رشد من
هذه الصناعة، وقد قام بإهدائه إلى الطبيب والفيلسوف ابن رشد الذي ألَّف فيما بعد
كتاب «الكليات في الطب»، وأصبح كلٌّ من الكتابين متمماً للآخر، وقد تُرجِم الكتاب
إلى اللاتينية سنة 1490م، وكان له أثر كبير على الطب الأوربي حتى القرن السابع
عشر. - الأغذية والأدوية: تحدث فيه عن أنواع الأغذية والعقاقير، وآثارها على
الصحة، وقد ترجم إلى اللاتينية. - الجامع: كتاب في الأشربة والمعجونات.
- الاقتصاد في إصلاح الأنفس والأجساد: تحدث فيه عن الأمراض، وأدوية علاجها،
وعلم حفظ الصحة، والطب النفسي. - علل الكلى.
- رسالة في علتي البرص والبهق.
وفاة ابن زهر :-
توفي
جرَّاء خرَّاج خبيث في إشبيلية سنة 557هـ، وخلَّف أموالاً جزيلة.
المصادر:–
- الأعلام (4/185).
- بُناة الفكر العلمي في الحضارة الإسلامية (28/1).
- شذرات الذهب في أخبار من ذهب (6/2199).
- قصَّة العلوم الطبية في الحضارة الإسلامية، راغب السرجاني.
- العبر في خبر من غبر (3/28).
- عيون الأنباء في طبقات الأطباء (517).
- معجم المؤلفين (6/182).
- موسوعة علماء الطب مع اعتناء خاص بالأطباء العرب (48/رقم 28).
https://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/0/09/Avenzoar_%28c._1906%29_-_Veloso_Salgado.png