اسمه ونشأته:-
عبد العلي بن محمد بن حسين، نظام الدين البرجندي ، فلكي من فقهاء الحنفية. نسبته إلى برجندة بتركستان.
مكانته العلمية:-
فقيه، أصولي، فلكي، حاسب.
كان من أفاضل عصره، جامعاً
أصناف المنقول والمعقول، له مهارة تامة في الرياضيات.
قرأ «المهذَّب» عند الخواجه
غياث، وحصَّل الحكميات عند المنصور بن معين الكاشي، وحضر دروس الحفيد ومسعود
الشرواني، وتتلمذ منهما أيضاً.
وكان زاهداً متواضعاً.
تعريف علم الهيئة:-
فسَّر قاضي زاده الرومي عِلم الهيئة وذلك في سياق شرحه على الملخص للجغميني قائلاً: ” علم الهيئة الذي يبحث فيه عن أحوال الأجرام البسيطة العلوية والسُّفلية من حيث الكمية والوضع، والحركة اللازمة لها وما يلزم منها”.
وقد فسَّر البرجندي هذا الكلام في حواشيه على قاضي زاده الرومي قائلاً: ” واعلم أنّ الغرض من قيد الحيثية المذكورة الاحتراز عن علم السماء والعالم؛ فإن موضوعه البسائط المذكورة ههنا، لكن يبحث فيه عنها لا من الحيثية المذكورة، بل من حيث طبائعها ومواضعها والحكمة في ترتيبها ونضدها وحركاتها لا باعتبار القدر والجهة.. والمراد باللازمة الدائمة على زعمهم؛ هي حركات الأفلاك والكواكب واحترزُ بها عن حركات العناصر كالرِّياح والأمواج والزَّلازل، فإنَّ البحث عنها من الطبيعيات”.
كتب البرجندي:-
- شرح النقاية مختصر الوقاية: بدأ به قاسم بن قُطْلُوبُغا وتوفي سنة 879هـ، فأكمله البُرجندي في القسطنطينية سنة 932هـ.
- حاشية على شرح ملخص الجغميني، لقاضي زاده.
- شرح الفوائد البهية لعماد الدين البغدادي، في الحساب.
- شرح المنار للنسفي، في الأصول.
- شرح مختصر التذكرة النصيرية، في الفلك.
- شرح آداب عضد الدين في آداب البحث.
- شرح على تحرير المجسطي.
- التذكرة.
- شمسية الحساب.
- الزيج الجديد الكركاني.
- رسالة في الأبصار والأجرام، ألَّفها لحبيب الله.
مقدمة “شرح التذكرة”
سنتناول ما قاله البرجندي في الصفحتين الأولى والثانية من كتابه “شرح التذكرة”، وقد قمنا بكتابه النص كما هو ذلك لأن النسخة المتاحة هي أشبه بالمخطوطة المحفوظة نسخة منها في مكتبة قطر الوطنية.
“إن المفتقر إلى رب المشرقين والمغربين عبد العلي بن محمد بن الحسين أصلح الله أحواله وأنجح آماله يقول: إن شرف العلوم بنباهه الموضوع وجلالة الغاية ووثاقة الدلائل، وعلم الهيئة من العلوم التي تتحلى بإحراز تلك الفضائل، إذ أكثر موضوعاته الأجرام الشريفة العلوية المحفوظة عن التغير والخلل”.
“ومعظم دلايله البراهين الهندسية والحسابية المصونة عن الخطأ والزلل، وأعظم فوائده الفوز بما هو أساس جميع السعادات، وهو معرفة خالق الأرضين وفاطر السموات، إذ يطّلع به على عجايب أنواع العلويات وغرايب أوضاع السفليات، ويدلك على اتقان صنع صانعها العلمي أحكام مبدعها الحكيم “.
” ولذلك، أثنى على المتفكرين في ذلك قائلاً: ويتفكرون في خلق السموات والأرض، ربنا ما خلقت هذا سبحانك فقنا عذاب النار”.
انحدار:-
ويتضخ من كلامه التالي أن الحقبة التي عاش فيها البرجندي ؛ كانت قد شهدت انحداراً في مستوى الاهتمام بالعلوم عموماً، وبعلم الهيئة والفلك خصوصاً، فمن المعروف أنه توفي سنة 936 هجرية، 1528 ميلادية، أي بعد انتقال حكم العالم الإسلامي من المماليك إلى الأتراك، وهما الطرفان اللذان لم يبديا اهتماماً بالعلوم كذلك الذي بذل له العباسيون العناية الكبيرة، خصوصاً في النصف الأول من خلافتهم.
ويواصل البرجندي هنا قائلاً: ” ثم إن هذا الفرع مع سمو مكانه وعلو شأنه؛ قد ذهب اليوم رواءه ونضب ماؤه بحيب لا يتكلم به إلا بالهمس، وكاد معالمه يؤذن بالطمس، فقد نبذه المحصلون وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون أنهم عن الطريق القويم والصراط المستقيم لناكبون، بل وقد اتخذوه سخرياً وظنوه شيئا فريا، وما ذلك إلا لعبهم عن الوصول إلى كنه حقايقه والعجز عن البلوغ إلى إدراك دقايقه، فقد أيسوا من أن يتفطنوا المشكلات الخفية المكان، وقنطوا من أن ينبهوا لمعضلاته الدقيقة الشأن”.
وأضاف ” وإني صرفت برهة من الزمان وشطرا من العنفوان إلى استطلاع مطويات رموزه، واستكشاف مخفيات كنوزه، حتى أحطت بمكونات ضمايره الخفية، واطلعت على مخزونات سرايره الخبيه”.
” وبعد ذلك؛ جال في صدري ودار في خلدي أن أشرح مختصر الهيئة المنسوب إلى الإمام العلامة قدوة الأيمة ونحرير الأمة، الحبر المدقق، والبحر المحقق، الجامع بين المعقول والمنقول، منقح أغصان الفروع والأصول، مبين معضلات المسائل، متمم علوم الأوائل، نصير الملة والحق والدين محمد الطوسي أحله الله دار المقامة، وخصه بنبيل السعادة والكرامة”. “فإنه تذكرة لذوي الأفكار وتبصرة لأولي الأبصار، فيه تحرير عمدة مقاصد أفكار المتقدمين وتوضيح زبدة مواقف أنظار المتأخرين، ومنه تحصيل نهاية الإدراك في تركيب الأفلاك، وكشف حقايق تقاسيم الأفلاك إلى منتهى الإدراك، ولهذا صار في الأشهار كالشمس في نصف النَّهار وستقبله الخواطر والطباع واستحسنته النواظر والأسماع، فشرعتُ في شرح هذا الكتاب بعد الاستخارة من الله العزيز الوهاب، فشرحتهُ شرحاً يميز القشر عن اللباب، ويميط عن فوايده قناع الارتياب ويكشف عن وجوه …”
المصادر:–
- الأعلام (4/30).
- معجم المؤلفين (5/266).
- سلم الوصول إلى طبقات الفحول (4/241).
- علم الفلك، تاريخه عند العرب في القرون الوسطى، السنيور كرونلينو.
- مكتبة قطر الرقمية.
اسمه ونشأته:-
عبد العلي بن محمد بن حسين، نظام الدين البرجندي ، فلكي من فقهاء الحنفية. نسبته إلى برجندة بتركستان.
مكانته العلمية:-
فقيه، أصولي، فلكي، حاسب.
كان من أفاضل عصره، جامعاً
أصناف المنقول والمعقول، له مهارة تامة في الرياضيات.
قرأ «المهذَّب» عند الخواجه
غياث، وحصَّل الحكميات عند المنصور بن معين الكاشي، وحضر دروس الحفيد ومسعود
الشرواني، وتتلمذ منهما أيضاً.
وكان زاهداً متواضعاً.
تعريف علم الهيئة:-
فسَّر قاضي زاده الرومي عِلم الهيئة وذلك في سياق شرحه على الملخص للجغميني قائلاً: ” علم الهيئة الذي يبحث فيه عن أحوال الأجرام البسيطة العلوية والسُّفلية من حيث الكمية والوضع، والحركة اللازمة لها وما يلزم منها”.
وقد فسَّر البرجندي هذا الكلام في حواشيه على قاضي زاده الرومي قائلاً: ” واعلم أنّ الغرض من قيد الحيثية المذكورة الاحتراز عن علم السماء والعالم؛ فإن موضوعه البسائط المذكورة ههنا، لكن يبحث فيه عنها لا من الحيثية المذكورة، بل من حيث طبائعها ومواضعها والحكمة في ترتيبها ونضدها وحركاتها لا باعتبار القدر والجهة.. والمراد باللازمة الدائمة على زعمهم؛ هي حركات الأفلاك والكواكب واحترزُ بها عن حركات العناصر كالرِّياح والأمواج والزَّلازل، فإنَّ البحث عنها من الطبيعيات”.
كتب البرجندي:-
- شرح النقاية مختصر الوقاية: بدأ به قاسم بن قُطْلُوبُغا وتوفي سنة 879هـ، فأكمله البُرجندي في القسطنطينية سنة 932هـ.
- حاشية على شرح ملخص الجغميني، لقاضي زاده.
- شرح الفوائد البهية لعماد الدين البغدادي، في الحساب.
- شرح المنار للنسفي، في الأصول.
- شرح مختصر التذكرة النصيرية، في الفلك.
- شرح آداب عضد الدين في آداب البحث.
- شرح على تحرير المجسطي.
- التذكرة.
- شمسية الحساب.
- الزيج الجديد الكركاني.
- رسالة في الأبصار والأجرام، ألَّفها لحبيب الله.
مقدمة “شرح التذكرة”
سنتناول ما قاله البرجندي في الصفحتين الأولى والثانية من كتابه “شرح التذكرة”، وقد قمنا بكتابه النص كما هو ذلك لأن النسخة المتاحة هي أشبه بالمخطوطة المحفوظة نسخة منها في مكتبة قطر الوطنية.
“إن المفتقر إلى رب المشرقين والمغربين عبد العلي بن محمد بن الحسين أصلح الله أحواله وأنجح آماله يقول: إن شرف العلوم بنباهه الموضوع وجلالة الغاية ووثاقة الدلائل، وعلم الهيئة من العلوم التي تتحلى بإحراز تلك الفضائل، إذ أكثر موضوعاته الأجرام الشريفة العلوية المحفوظة عن التغير والخلل”.
“ومعظم دلايله البراهين الهندسية والحسابية المصونة عن الخطأ والزلل، وأعظم فوائده الفوز بما هو أساس جميع السعادات، وهو معرفة خالق الأرضين وفاطر السموات، إذ يطّلع به على عجايب أنواع العلويات وغرايب أوضاع السفليات، ويدلك على اتقان صنع صانعها العلمي أحكام مبدعها الحكيم “.
” ولذلك، أثنى على المتفكرين في ذلك قائلاً: ويتفكرون في خلق السموات والأرض، ربنا ما خلقت هذا سبحانك فقنا عذاب النار”.
انحدار:-
ويتضخ من كلامه التالي أن الحقبة التي عاش فيها البرجندي ؛ كانت قد شهدت انحداراً في مستوى الاهتمام بالعلوم عموماً، وبعلم الهيئة والفلك خصوصاً، فمن المعروف أنه توفي سنة 936 هجرية، 1528 ميلادية، أي بعد انتقال حكم العالم الإسلامي من المماليك إلى الأتراك، وهما الطرفان اللذان لم يبديا اهتماماً بالعلوم كذلك الذي بذل له العباسيون العناية الكبيرة، خصوصاً في النصف الأول من خلافتهم.
ويواصل البرجندي هنا قائلاً: ” ثم إن هذا الفرع مع سمو مكانه وعلو شأنه؛ قد ذهب اليوم رواءه ونضب ماؤه بحيب لا يتكلم به إلا بالهمس، وكاد معالمه يؤذن بالطمس، فقد نبذه المحصلون وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون أنهم عن الطريق القويم والصراط المستقيم لناكبون، بل وقد اتخذوه سخرياً وظنوه شيئا فريا، وما ذلك إلا لعبهم عن الوصول إلى كنه حقايقه والعجز عن البلوغ إلى إدراك دقايقه، فقد أيسوا من أن يتفطنوا المشكلات الخفية المكان، وقنطوا من أن ينبهوا لمعضلاته الدقيقة الشأن”.
وأضاف ” وإني صرفت برهة من الزمان وشطرا من العنفوان إلى استطلاع مطويات رموزه، واستكشاف مخفيات كنوزه، حتى أحطت بمكونات ضمايره الخفية، واطلعت على مخزونات سرايره الخبيه”.
” وبعد ذلك؛ جال في صدري ودار في خلدي أن أشرح مختصر الهيئة المنسوب إلى الإمام العلامة قدوة الأيمة ونحرير الأمة، الحبر المدقق، والبحر المحقق، الجامع بين المعقول والمنقول، منقح أغصان الفروع والأصول، مبين معضلات المسائل، متمم علوم الأوائل، نصير الملة والحق والدين محمد الطوسي أحله الله دار المقامة، وخصه بنبيل السعادة والكرامة”. “فإنه تذكرة لذوي الأفكار وتبصرة لأولي الأبصار، فيه تحرير عمدة مقاصد أفكار المتقدمين وتوضيح زبدة مواقف أنظار المتأخرين، ومنه تحصيل نهاية الإدراك في تركيب الأفلاك، وكشف حقايق تقاسيم الأفلاك إلى منتهى الإدراك، ولهذا صار في الأشهار كالشمس في نصف النَّهار وستقبله الخواطر والطباع واستحسنته النواظر والأسماع، فشرعتُ في شرح هذا الكتاب بعد الاستخارة من الله العزيز الوهاب، فشرحتهُ شرحاً يميز القشر عن اللباب، ويميط عن فوايده قناع الارتياب ويكشف عن وجوه …”
المصادر:–
- الأعلام (4/30).
- معجم المؤلفين (5/266).
- سلم الوصول إلى طبقات الفحول (4/241).
- علم الفلك، تاريخه عند العرب في القرون الوسطى، السنيور كرونلينو.
- مكتبة قطر الرقمية.