اسمه ونشأته:-
ابن النفيس القرشي هو علاء الدين علي بن أبي الحزم الخالدي المخزومي القَرشي الدمشقي الشافعي، أبو الحسن، شيخ الطب بالديار المصرية، أصله من بلدة قَرْش في ما وراء النهر، وُلِدَ في دمشق سنة 607هـ، ونشأ وتعلم بها حينما كانت منارة للعلوم في العهد الأيوبي.
مكانة ابن النفيس القرشي العلمية:-
تنقل خلال العشرينات من عمره إلى القاهرة وأصبح كبير الأطباء في مستشفى المنصوري التي كان فيها قرابة 8000 سرير للمرضى.
وكان قد درس الطب على الدّخوَار، رئيس المستشفى النوري، وعلى مشاهير الأساتذة أمثال عمران الإسرائيلي، وراضي الدين الرحابي، ثم درَّس الطب بدوره قبل أن يشرف على جناح في المستشفى النوري، ثم انتقل بعد ذلك إلى القاهرة واشتغل في المستشفى الناصري، قبل انتقاله إلى المنصوري.
قدرات ابن النفيس مماثلة لابن سينا أسطورة الطب:-
كان معاصروه يعدُّونه في مستوى ابن سينا نفسه من حيث المكانة العلمية والمعرفة بالطب.
ويروى أنه كان يحفظ كتاب «القانون في الطب» لابن سينا عن ظهر قلب، كما كان ملماً بكتب جالينوس.
كانت لـ ابن النفيس معرفة واسعة بعلوم أخرى كالفلسفة، والمنطق، والنحو، والفقه، والأصول.
وكانت تصانيفه يمليها من حفظه ولا يحتاج إلى مراجعة؛ لتبحُّره في الفن.
إسهاماته الطبية:-
يعتبر ابن النفيس إمام الطب في عصره، وأحد أطباء دمشق والقاهرة المشهورين، وقد سبق غيره إلى اكتشاف الدورة الدموية الرئوية، ووصفها وصفاً علمياً صحيحاً، فسبق بذلك مايكل سرفتيس، الذي ينسب إليه الأوربيون هذا الاكتشاف.
وقد اعتمد ابن النفيس التشريح طريقةً للعمل، وتوصل إلى عدد من النتائج؛ منها:
- اكتشاف الدورة الدموية في الشرايين الإكليلية.
- جريان الدم إلى الرئتين لمدهما بالهواء وليس لمدهما بالغذاء.
- عدم وجود هواء أو رواسب في شرايين الرئتين -كما ادعى جالينوس- بل وجود الدم فقط.
لقد دَرَسَ ابن النفيس كُتُب جالينوس وابن سينا دراسةً واعيةً متفهِّمَةً كان الحَكَمُ فيها عقله ومنطقه وخبرته، ولكنه كان يأبى على نفسه أن يُعلِّم تلاميذه، آراءً متوارثة عن عظماء الأقدمين، وهو لا يزالُ يشكُّ في صحَّتِها، وكانت تعمُرُ قلبَ هذا العربي الأبي الشَّجَاعة الأدبية نفسها التي توفرت لهارفي وتمكَّنَ بفضلها من دفعِ عِلم الطِّبِ إلى آفاقٍ شاسعةٍ واسِعة.
— زيغريد هونكه، شمس العرب تسطع على الغرب.
الدورة الدموية الصغرى:-
وهو في التاسعة والعشرين من العمر؛ قام ابن النفيس بنشر شرحٍ لكتاب بن سينا (التشريح في قانون ابن سينا) وقد وصَف هذا الكتاب العديد من الاكتشافات التشريحية، حتى أنه قدم التفسير الأقدم في البشرية للدورة الدموية الرئوية “الدورة الدموية الصغرى”.
في البداية؛ أوضح أبن النفيس أن الجدار الموجود بين البطينين الأيمن والأيسر موجود بلا مسام بينهما، ليعارض بذلك وصف الإغريقي جالينوس القائم على مرور الدم المباشر من الجانب الأيمن إلى الأيسر للقلب.
وفسَّر ابن النفيس كيفية المرور فقط عبر التخيل.
في الواقع، كان ابن النفيس أول من فسَّر كيفية دخول الهواء إلى الدم.
ومن المعلومات الرائدة التي ذكرها ابن النفيس في هذا الصدد؛ هي حديثه عن وجود دوران شعري دقيق للدم في الجسم، إذ لا بد من وجود مسام صغيرة تربط بين الشريان الرئوي والوريدي.
هذه الفرضية تم تأكيدها بعد مرور 400 سنة من طرحها، وذلك عندما وصفها كارسيلو مالبيجي.
وقد توارى انجاز بن النفيس حتى سنة 1924م، إلى أن عثر الطبيب المصري محيي الدين التاوي على نسخة مكتوبة في مكتبة برلين تنطوي على تعليق لابن النفيس، وعندها عُرف بأن هو المكتشف الاول للدورة الدموية الصغرى.
طريقة ابن النفيس القرشي في التأليف:-
وكانت طريقته في التأليف أن يكتب من حفظه، وتجاربه، ومشاهداته، ومستنبطاته، دون الرجوع إلى أي مرجع. ولم يكن ابن النفيس يتقبل الأشياء، وإن كانت منقولة عن مشاهير العلماء، دون جدل أو نقاش، فقد انتقد تعابير جالينوس الطبية، ووصفها بالضعف والتعقيد.
أقوال العلماء فيه:-
قال
السُّبْكي: “صنَّف شرحاً على «التنبيه»، وصنَّف في أصول الفقه، وفي المنطق.
وأما الطب فلم يكن على وجه الأرض مثله، قيل: ولا جاء بعد ابن سينا مثله. قالوا:
وكان في العلاج أعظم من ابن سينا”.
وقال الإسنويُّ: “إمام وقته في فنِّه شرقاً وغرباً بلا مدافعة، أعجوبة فيه، وصنَّف في الفقه وأصوله، وفي العربية، والجدل، والبيان، وانتشرت عنه التلامذة”.
يقول الدكتور بول غليوجي عن ابن النفيس: ” ثم كاد يقترب من علم آخر لم يكن قد استقل في هذا الزمن من العلوم الطبية الأخرى، وهو علم التشريح المرضي، أو الباثولجيا”.
كتب ابن النفيس القرشي:-
- شرح تشريح القانون، وقد شرح فيه باب التشريح من كتاب «القانون» لابن سينا،
وانتقد عدداً من أقواله في هذا الباب، وقد ظل هذا الكتاب مغموراً في المكتبات إلى
أن عثر عليه الطبيب المصري الدكتور محي الدين الطراوي سنة 1924م في مكتبة برلين،
وقام بدراسته في رسالة لنيل دكتوراه من جامعة فريبورج بألمانيا. - المختار في الأغذية، وهو كتاب عن الغذاء.
- موجز القانون، وهو موجز «قانون» ابن سينا، يقع في خمسة أجزاء، وقد تُرجِمَ
هذا المؤلف إلى التركية والعبرية، وطبع بالإنجليزية لأول مرة سنة 1838م في مدينة
كالكوتا بالهند تحت عنوان «’المغني في شرح الموجز». - فاضل بن ناطق، على نمط «حي بن يقظان» لابن الطُّفَيْل.
- بغية الطالبين وحجة المتطببين.
- شرح الهداية لابن سينا، في المنطق.
- المهذب في الكحل، وهو مؤلف عن الرمد.
- الشامل، في الطب، كبير جداً، وهو موسوعة من ثمانية أجزاء. ولا توجد سوى
فقرات من هذا الكتاب في مكتبة أكسفورد. - شرح فصول أبقراط، في الطب.
- بغية الفطن من علم البدن، في الطب.
- بغية الفطن من علم البدن.
- الرسالة الكاملية في السيرة النبوية.
وفاته:-
توفي
في القاهرة، 21 ذي القعدة، سنة 687هـ، وخلَّف مالاً كثيراً، ووقف كتبه وأملاكه على
البيمارستان المنصوري بالقاهرة.
المصادر:–
- الأعلام (4/270).
- بُناة الفكر العلمي في الحضارة الإسلامية (رقم 35).
- شذرات الذهب في أخبار من ذهب (7/701).
- معجم العلماء العرب، باقر أمين الورد.
- معجم المؤلفين (7/58).
- مكتبة قطر الوطنية.
اسمه ونشأته:-
ابن النفيس القرشي هو علاء الدين علي بن أبي الحزم الخالدي المخزومي القَرشي الدمشقي الشافعي، أبو الحسن، شيخ الطب بالديار المصرية، أصله من بلدة قَرْش في ما وراء النهر، وُلِدَ في دمشق سنة 607هـ، ونشأ وتعلم بها حينما كانت منارة للعلوم في العهد الأيوبي.
مكانة ابن النفيس القرشي العلمية:-
تنقل خلال العشرينات من عمره إلى القاهرة وأصبح كبير الأطباء في مستشفى المنصوري التي كان فيها قرابة 8000 سرير للمرضى.
وكان قد درس الطب على الدّخوَار، رئيس المستشفى النوري، وعلى مشاهير الأساتذة أمثال عمران الإسرائيلي، وراضي الدين الرحابي، ثم درَّس الطب بدوره قبل أن يشرف على جناح في المستشفى النوري، ثم انتقل بعد ذلك إلى القاهرة واشتغل في المستشفى الناصري، قبل انتقاله إلى المنصوري.
قدرات ابن النفيس مماثلة لابن سينا أسطورة الطب:-
كان معاصروه يعدُّونه في مستوى ابن سينا نفسه من حيث المكانة العلمية والمعرفة بالطب.
ويروى أنه كان يحفظ كتاب «القانون في الطب» لابن سينا عن ظهر قلب، كما كان ملماً بكتب جالينوس.
كانت لـ ابن النفيس معرفة واسعة بعلوم أخرى كالفلسفة، والمنطق، والنحو، والفقه، والأصول.
وكانت تصانيفه يمليها من حفظه ولا يحتاج إلى مراجعة؛ لتبحُّره في الفن.
إسهاماته الطبية:-
يعتبر ابن النفيس إمام الطب في عصره، وأحد أطباء دمشق والقاهرة المشهورين، وقد سبق غيره إلى اكتشاف الدورة الدموية الرئوية، ووصفها وصفاً علمياً صحيحاً، فسبق بذلك مايكل سرفتيس، الذي ينسب إليه الأوربيون هذا الاكتشاف.
وقد اعتمد ابن النفيس التشريح طريقةً للعمل، وتوصل إلى عدد من النتائج؛ منها:
- اكتشاف الدورة الدموية في الشرايين الإكليلية.
- جريان الدم إلى الرئتين لمدهما بالهواء وليس لمدهما بالغذاء.
- عدم وجود هواء أو رواسب في شرايين الرئتين -كما ادعى جالينوس- بل وجود الدم فقط.
لقد دَرَسَ ابن النفيس كُتُب جالينوس وابن سينا دراسةً واعيةً متفهِّمَةً كان الحَكَمُ فيها عقله ومنطقه وخبرته، ولكنه كان يأبى على نفسه أن يُعلِّم تلاميذه، آراءً متوارثة عن عظماء الأقدمين، وهو لا يزالُ يشكُّ في صحَّتِها، وكانت تعمُرُ قلبَ هذا العربي الأبي الشَّجَاعة الأدبية نفسها التي توفرت لهارفي وتمكَّنَ بفضلها من دفعِ عِلم الطِّبِ إلى آفاقٍ شاسعةٍ واسِعة.
— زيغريد هونكه، شمس العرب تسطع على الغرب.
الدورة الدموية الصغرى:-
وهو في التاسعة والعشرين من العمر؛ قام ابن النفيس بنشر شرحٍ لكتاب بن سينا (التشريح في قانون ابن سينا) وقد وصَف هذا الكتاب العديد من الاكتشافات التشريحية، حتى أنه قدم التفسير الأقدم في البشرية للدورة الدموية الرئوية “الدورة الدموية الصغرى”.
في البداية؛ أوضح أبن النفيس أن الجدار الموجود بين البطينين الأيمن والأيسر موجود بلا مسام بينهما، ليعارض بذلك وصف الإغريقي جالينوس القائم على مرور الدم المباشر من الجانب الأيمن إلى الأيسر للقلب.
وفسَّر ابن النفيس كيفية المرور فقط عبر التخيل.
في الواقع، كان ابن النفيس أول من فسَّر كيفية دخول الهواء إلى الدم.
ومن المعلومات الرائدة التي ذكرها ابن النفيس في هذا الصدد؛ هي حديثه عن وجود دوران شعري دقيق للدم في الجسم، إذ لا بد من وجود مسام صغيرة تربط بين الشريان الرئوي والوريدي.
هذه الفرضية تم تأكيدها بعد مرور 400 سنة من طرحها، وذلك عندما وصفها كارسيلو مالبيجي.
وقد توارى انجاز بن النفيس حتى سنة 1924م، إلى أن عثر الطبيب المصري محيي الدين التاوي على نسخة مكتوبة في مكتبة برلين تنطوي على تعليق لابن النفيس، وعندها عُرف بأن هو المكتشف الاول للدورة الدموية الصغرى.
طريقة ابن النفيس القرشي في التأليف:-
وكانت طريقته في التأليف أن يكتب من حفظه، وتجاربه، ومشاهداته، ومستنبطاته، دون الرجوع إلى أي مرجع. ولم يكن ابن النفيس يتقبل الأشياء، وإن كانت منقولة عن مشاهير العلماء، دون جدل أو نقاش، فقد انتقد تعابير جالينوس الطبية، ووصفها بالضعف والتعقيد.
أقوال العلماء فيه:-
قال
السُّبْكي: “صنَّف شرحاً على «التنبيه»، وصنَّف في أصول الفقه، وفي المنطق.
وأما الطب فلم يكن على وجه الأرض مثله، قيل: ولا جاء بعد ابن سينا مثله. قالوا:
وكان في العلاج أعظم من ابن سينا”.
وقال الإسنويُّ: “إمام وقته في فنِّه شرقاً وغرباً بلا مدافعة، أعجوبة فيه، وصنَّف في الفقه وأصوله، وفي العربية، والجدل، والبيان، وانتشرت عنه التلامذة”.
يقول الدكتور بول غليوجي عن ابن النفيس: ” ثم كاد يقترب من علم آخر لم يكن قد استقل في هذا الزمن من العلوم الطبية الأخرى، وهو علم التشريح المرضي، أو الباثولجيا”.
كتب ابن النفيس القرشي:-
- شرح تشريح القانون، وقد شرح فيه باب التشريح من كتاب «القانون» لابن سينا،
وانتقد عدداً من أقواله في هذا الباب، وقد ظل هذا الكتاب مغموراً في المكتبات إلى
أن عثر عليه الطبيب المصري الدكتور محي الدين الطراوي سنة 1924م في مكتبة برلين،
وقام بدراسته في رسالة لنيل دكتوراه من جامعة فريبورج بألمانيا. - المختار في الأغذية، وهو كتاب عن الغذاء.
- موجز القانون، وهو موجز «قانون» ابن سينا، يقع في خمسة أجزاء، وقد تُرجِمَ
هذا المؤلف إلى التركية والعبرية، وطبع بالإنجليزية لأول مرة سنة 1838م في مدينة
كالكوتا بالهند تحت عنوان «’المغني في شرح الموجز». - فاضل بن ناطق، على نمط «حي بن يقظان» لابن الطُّفَيْل.
- بغية الطالبين وحجة المتطببين.
- شرح الهداية لابن سينا، في المنطق.
- المهذب في الكحل، وهو مؤلف عن الرمد.
- الشامل، في الطب، كبير جداً، وهو موسوعة من ثمانية أجزاء. ولا توجد سوى
فقرات من هذا الكتاب في مكتبة أكسفورد. - شرح فصول أبقراط، في الطب.
- بغية الفطن من علم البدن، في الطب.
- بغية الفطن من علم البدن.
- الرسالة الكاملية في السيرة النبوية.
وفاته:-
توفي
في القاهرة، 21 ذي القعدة، سنة 687هـ، وخلَّف مالاً كثيراً، ووقف كتبه وأملاكه على
البيمارستان المنصوري بالقاهرة.
المصادر:–
- الأعلام (4/270).
- بُناة الفكر العلمي في الحضارة الإسلامية (رقم 35).
- شذرات الذهب في أخبار من ذهب (7/701).
- معجم العلماء العرب، باقر أمين الورد.
- معجم المؤلفين (7/58).
- مكتبة قطر الوطنية.