كوه نور، الماسة التي تعتبر درة التاج البريطاني، توصف بأنها الأسوأ سمعة في التاريخ البشري.
مع كل حدث كبير في المملكة المتحدة، يظهر فيها التاج البريطاني، تتجدد مطالب الهند بإعادة ماسة “كوه نور”، التي تزين تيجان ملوك بريطانيا منذ عام 1850، حتى إنها أصبحت “تريند” في الهند بمجرد إعلان تولي الملك تشارلز لحكم المملكة المتحدة.الماسة التي جابت العالم
الماسة التي تتصدر التاج الملكي في برج لندن، ظلت لعقود محل خلاف بين الهند والحكومات البريطانية.
تتمسك الهند بأنها ذكرت في بعض النصوص السنسكريتية القديمة قبل 4 آلاف إلى 5 آلاف عام، وكانت تسمى “سامانتيكا ماني”، أي ملكة الألماس، وكانت بحوزه الإله الهندوسي كريشنا، وفقا للأساطير.
بعض النصوص الهندوسية القديمة تقول عن الماسة: “من يملك هذه الألماسة يملك العالم، ولكنه يلقى كل ما في العالم من المصائب. والإله فقط، أو امرأة فحسب، من يمكنهما ارتداء الألماسة من دون عقاب”.
أصبحت الماسة في حيازة الملك الفارسي نادر شاه في عام 1739، وهو الذي سماها بهذا الاسم الذي يعني جبل النور في الفارسية.
اغتيل الملك نادر شاه في عام 1747 وتفككت إمبراطوريته، وبعد وفاته، استولى أحد جنرالاته على الألماسة كوهينور، ويدعى الجنرال أحمد شاه دوراني، الذي منح الألماسة إلى الملك السيخي رانجيت سينج، ملك البنجاب وزعيم إمبراطورية السيخ التي حكمت شمال غرب شبه القارة الهندية في النصف الأول من القرن التاسع عشر.
بعد ذلك ورثها المهراجا دوليب سينج الذي كان عمره 5 سنوات فقط، وهو آخر حكام إمبراطورية البنجاب والسيخ.
في حيازة بريطانيا
في عام 1849، غزت القوات البريطانية البنجاب وأبرمت معاهدة تنص في أحد بنودها على تسليم الماسة كوه نور إلى ملكة إنجلترا.
رتب اللورد دالهوزي في عام 1851 مراسم تقديم ماسة كوه نور إلى الملكة فيكتوريا، وكان تقديم الماسة الكبيرة في احتفالية في هايد بارك بالعاصمة لندن، ومن وقتها لم تخرج الماسة من بريطانيا.
بعد رحيل الملكة فيكتوريا، انتقلت ملكية الماسة إلى الملكة الكسندرا في عام 1902، ثم إلى الملكة ماري في عام 1911، ثم الملكة إليزابيث باوز ليون في عام 1937، وأصبحت الماسة جزءا من التاج البريطاني الخاص بالملكة إليزابيث الثانية أثناء مراسم تتويجها في عام 1953.
منذ ذلك الحين، اتخذت ألماسة كوهينور طريقها عبر كثير من الأسر المالكة ومختلف الخزائن قبل أن يستقر بها المقام أخيرا في أيدي البريطانيين خلال الحقبة الاستعمارية، وأصبحت الماسة محل خلاف تاريخي حول ملكيتها من قبل ما لا يقل عن 4 دول من بينها الهند.
أزمة دولية
طالبت الهند أكثر من مرة بالماسة، بداية من عام استقلالها عام 1947، ثم عام 1953، وعام 2016 في عيد ميلاد الملكة التسعين.
في كل مرة كانت بريطانيا ترد على الطلبات بأن “ملكية الماسة غير قابلة للتفاوض”.
في عام 1976، طالبت باكستان أيضًا بالماسة، وقالت إن الماسة سلمت في عام 1849 من قبل الحاكم السيخي للحكومة البريطانية في لاهور، التي هي الآن جزء من باكستان.
كما طلبت إيران وأفغانستان، الماسة، باعتبارها كانت على أراضيهما في أجزاء طويلة من التاريخ.لعنة الماسة
أدركت العائلة الملكة البريطانية أن كل من امتلكوا الماسة أصابهم التشويه والتغذيب والقتل والغدر، لذلك منذ عهد الملكة فيكتوريا لم ترتد هذه الماسة سوى النساء من أفراد العائلة الملكية.
ذكرت الملكة فيكتوريا في وصيتها أن الماسة لا ينبغي أن ترتديها إلا ملكة من النساء فقط، وكان آخر من ارتدتها الملكة الراحلة إليزابيث الثانية، ومن المقرر أن ترتديها كيت ميدلتون، زوجة الأمير ويليام، ولي العهد البريطاني، في حال أصبح ملكًا.
الاهتمام العلمي بالماسة
تعتبر الماسة إحدى أشهر قطع الماس في التاريخ الحديث، إن لم تكن أشهرها، وقد كتبت عنها كتب وأخذ فيها درجات علمية وأكاديمية.
أحد أشهر الكتب عن الماسة كتاب “كوهِ نور: تاريخ الماسة الأسوأ سمعةً في العالم”، لويليم داريمبل وأنيتا أناند، وقد ترجمه إلى العربية محمد فتخي خضر، ضمن مشروع “كلمة” للترجمة في دائرة الثقافة والسياحة في أبو ظبي.