شُيد عام 1921، واشتهر بإقبال المفكرين والمبدعين عليه، ما جعله أيقونة ثقافية بمدينة طنجة شمال المغرب.
لا تكتمل زيارة مدينة طنجة شمال المملكة المغربية، إلا بالاستمتاع بـ”الشاي الشمالي” قُبالة البحر الأبيض المتوسط. هُناك تُداعب وجهك نفحات من الهواء العليل، وتُمتعك أنغام من غيثارات شباب ألفوا التردد على مقهى الحافة.الجلسة على هذا المقهى، الذي يقع على منحدر صخري، ويتفرع إلى عدة طوابق، كسُلم ضخم. تُسافر بك إلى عوالم ثقافية وحضارية مُتعددة، بين ذكرياء لأدباء وفنانين افترشوا حصير المقهى بينما كانت أناملهم تبني جملاً وقصصاً من حروف وكلمات ذهبية.تاريخ عريقغير بعيد عن ساحة مرشان العريقة بمدينة طنجة طنجة المغربية، وقبالة الساحل الشمالي للمغرب، وغير بعيد عن الجنوب الإسباني، ينتصب مقهى الحافة، شامخاً، وصابراً في وجه التاريخ والتغيرات المناخية، طيلة عشرات السنوات. فتأسيسه كان عام 1921 ميلادية.كان قبلة لبسطاء المدينة وفقراءها، يفترشون الحصير المهترئ، مُستمتعين بكؤوس الشاي المُعدة وفقاً لتقاليد المنطقة، بعيداً عن ضوضاء المدينة وخصبها، وقريباً جداً من هدوء البحر وسكينته.
قبل بناء تلك الأدرج الكبيرة، كان المكان عبارة عن منحدر صخري حاد، تتسلل فيه الأشجار والنباتات الطفيلية، لتُطل على العالم بشكل عشوائي مُبعثر، يستعصي على الناس تسلقه أو الجلوس على حوافه.لكن، ومنذ عام 1921 قرر رجل يُدعى “با محمد”، تحويل هذا المنحدر إلى مكان بسيط للاستجمام والراحة على ماذاقات الشاي المغربي المُنعنع، ليتوسع الفضاء سنة بعد أخرى، ويتخذ من “الحافة” اسما لها، نظراً للانحدار الشديد للأرض المقام عليها.قبلة المبدعينهدوء المكان وبساطته، لن يُفوته المبدعون والأدباء، لأن الجو العام يعصف بالأفكار ويجعلها تنساب بمرونة شديدة، لتُشكل أيقونات أدبية خالدة.ومن بين المفكرين والمبدعين الذين ارتبط المكان بأسمائهم، يوجد الكاتب المغربي الراحل، محمد شكري، الذي كان من الرواد المخلصين لهذا المقهى الشهير، وبين كراسيه وحصيره كتب روايته ذائعة الصيت “الخُبز الحافي”.وكان المكان أيضا، فرصة للقاء شكري بالعديد من أصدقائه، كالروائي المغربي الطاهر بنجلون، وآخرين.
ومن الشخصيات الأدبية التي كانت تحرص على زيارة هذا المقهى، الكاتب الأمريكي الشهير بوول بولز الذي عاش في المغرب لسنوات طويلة، وصادق محمد شكري، كما حظي مقهى الحافة بزيارة الممثل العالمي الشهير شون كونري وأعضاء المجموعة الموسيقية الشهيرة «روليغ ستون»، وبعض أعضاء الفرقة الموسيقية «البيتلز».ومن الأشخاص المرموقين في عالم الأدب الذين أدمنوا هذا المقهى، يوجد جاك كيرواك مؤلف رائعة «الملائكة المشردون»، وروائيون كبار أمثال: جان جينيه، وبول بوولز، وتينيسي وليامز، والرسام المغربي محمد الحمري والرسام العالمي ماتيس ومشاهير الأدب والفن التشكيلي الذين زاروا طنجة أو عاشوا فيها.معلم سياحيوأصبح المقهى اليوم معلم سياحي تشتهر بها مدينة طنجة شمال المغرب، إلى جانب معالم سياحية وتاريخية أخرى.
ويحرص السياح القادمون إلى المدينة، أو العابرون منها إلى باقي المدن المغربية، على الاستمتاع بساعات من الهدوء والاسترخاء، وتذوق طعم الشاي المغربي الأصيل.وقد صنف مقهى الحافة ضمن لائحة الآثار، بقرار من وزارة الثقافة، صدر في الجريدة الرسمية بتاريخ 4 أبريل/نيسان 2016، إلى جانب مزارات تاريخية أخرى.
ووفق القرار فإنه لا يمكن إحداث أي تغيير في المكان دون إخطار وزارة الثقافة قبل التاريخ المقرر للشروع في الأعمال بستة أشهر على الأقل.