لا تخلو ذاكرة جموع المصريين من ذكريات جميلة عايشوها مع الأهل والأحبة في حديقة الحيوانات بالجيزة بسعادة غامرة ببراءة الطفولة وحماس الشباب وحنو ورعاية الكبار، ولا يخلو منزل من وجود صورة تجمع العائلة خلال نزهتها بالحديقة، التي ارتبطت ارتباطا وثيقا على مدى أجيال بالتجمعات العائلية والرحلات المدرسية وأيام الأعياد، فأصبحت جزءا أساسيا راسخا من ذكرياتنا السعيدة.
اتجهت بوابة روزاليوسف في جولة سريعة لتلك الحديقة الأعرق والأقدم والأولى من نوعها في الشرق الأوسط وإفريقيا والتي منذ افتتاحها عام 1891، وهي الوجهة الأكثر بهجة وسعادة والأوفر اقتصاديا لكافة فئات الشعب، لنوثق هذا الإقبال الكبير على زيارتها من مختلف الفئات مع اقتراب الإجازة الصيفية … الأطفال يتصدرون المشهدفي البداية استقبلتنا ضحكات الأطفال وهم يركضون ويلعبون بالبالونات وكرة القدم ، بينما سارع البعض منهم للرسم على وجهه بالألوان ، مختلف الأعمار جاءوا قاصدين الحديقة للترويح عن النفس من ضغوط الحياة والعمل والاستمتاع بمشهد الأشجار ومشاهدة الحيوانات المختلفة..توقفنا قليلا عند الزرافات وسألنا حارسها هل تشعر الزرافة سوسن بالإكتئاب كما أشيع عنها بالأيام الماضية فأجاب بالنفي موضحا أنها تلعب وتأكل كالعادة ولم يطرأ عليها أي تغير وأنه يوجد بالحديقة 3 زرافات وليس واحدة وهن “شهد وفرح وسوسن” وثلاثتهم بصحة جيدة ويتفاعل معهم الزوار خاصة الأطفال الذين يحرصون على إطعامهم.. ومن المشاهد اللافتة أيضا تجمع الأطفال حول المكان المخصص لطيور النعام لإطعامها “سوسو ورشا” والحرص على التقاط الصور التذكارية، وكذلك جبلاية القرود ، وبسبب ارتفاع درجات الحرارة كان الإقبال على الألعاب المائية كبيرا من جانب الأطفال ، في الوقت الذي حظيت فيه الملاهي بإقبال من الكبار والصغار. وتضم الحديقة أيضا 5 أسود وكان لملك الغابة من اسمه نصيب حيث استحوذ على نصيب الأسد من إقبال الزوار لمشاهدته وسماع زائيره والتقاط الصور التذكارية مع الأشبال الصغيرة ومنها فريدة التي تبلغ من العمر قرابة الـ6 أشهر أو مع الأسد الأبيض وهو من السلالات النادرة ويطلق عليه اسم حسين فهمي نظرا لجمال مظهره اللافت للأنظار. تحتوي حديقة الحيوانات على مجموعة كبيرة من الحيوانات والطيور منها النعام والنسور والحمام والدببة والجمال وسيد قشطة بخلاف الزواحف والنباتات ، ومؤخرا أضيفت بعض العناصر الجاذبة للجماهير ومنها حديقة الحيوانات الأليفة “سفاري بارك”، وتتميز بوجود أنواع معينة من الحيوانات لا توضع في أقفاص ويتفاعل معها الناس مباشرة من خلال إطعامها والتقاط الصور معها، لتكون تجربة مميزة خاصة للأطفال، كما تمت إضافة بدالات مائية في البحيرات، والتي يستمتع بها الزائرون من الشباب والأطفال وسط أجواء مرحة والجداريات والمجسمات للحيوانات المختلفة. في الوقت نفسه تمثل الأماكن القديمة والأثرية أهمية كبيرة بالحديقة مثل الكوبري المعلق والجبلايات مثل جبلاية الشمعدان، والجبلاية الملكية التي صممت بطريقة تجعل درجة الحرارة بها ثابتة طوال العام، والجبلاية الخاصة بجزيرة الشاي. عم سليمان أقدم مصوري الحديقة:” أتمنى أن تظل مفتوحة باستمرار.. وهناك مشاهير يزورون حديقة الحيوان” وأثناء جولتنا بالحديقة قابلنا عم سليمان أحد أقدم المصورين في الحديقة والذي بدأ العمل بها منذ أكثر من عشرين عاما ليعاصر معها أحداثا كثيرة ، وأوضح أن الكبار والصغار يحرصون على التقاط الصور التذكارية وأن هناك العديد من المشاهير الذين يأتون للحديقة لتصوير مشاهد من الأعمال الدرامية ومنهم الفنان محمد رمضان، وتمنى عم سليمان أن تظل الحديقة مفتوحة باستمرار لأنها المتنفس لفئات عامة الشعب . زوار:” شعرنا بالحزن لوفاة الفيل.. ونتمنى أن تعود الحديقة بشكل أفضل”وبسؤال إحدى الزائرات للحديقة قالت منال محمد ٣٠ سنة أم لثلاثة أبناء:” أنا بحب زيارة الحديقة في بداية كل إجازة للاستمتاع بها ومشاهدة الحيوانات ، وأتمنى انها ترجع احسن من الأول”. ، في حين أن نجلها يوسف الذي يبلغ ٨ سنوات يتمنى أن يشاهد الفيل مرة أخري والتصوير معه”. وخلال جولتنا رأينا التوأمتين لارا وتيا اللتان يبلغان من العمر ٧ سنوات وهما يستمتعان برؤية الزرافة وعند سؤالهما عن الحديقة أكدا ببراءة شديدة أنهما دائما يزورونها ويستمتعان برؤية الحيوانات الأليفة ولكنهما تخشيان من الأسد.بينما أوضحت مدام نجلاء القادمة من الدقهلية أنها سعيدة جدا بزيارة الحديقة لأن العمل وأعباء الحياة لا تترك لها الوقت الكافي للترفيه عن نفسها لكنها أصرت هذه المرة على اصطحاب زميلتيها والقدوم من الصباح الباكر للاستمتاع باكبر وقت ممكن لكنها حزنت كثيرا لوفاة الفيل ، وبعض الحيوانات التي اختفت من الأقفاص ، مسترجعة ذكريات طفولتها في الحديقة التي كانت تزدحم بالحيوانات ، متمنية أن يتم تطوير حديقة الحيوان ولكن تظل بسعر اقتصادي بتلائم الفئات غير القادرة ماديا. وفي هذا الإطار تتبنى مصر في الفترة الأخيرة مشروعاً لتطوير الحدائق التراثية عموماً، من بينها حديقة الحيوانات بالجيزة، إذ يتم العمل على تطوير 14 حديقة على مستوى الجمهورية، بهدف إعادة الحدائق لرونقها وتزويدها بالخدمات المختلفة لتؤدي دورها كمتنفس ومتنزه مميز وقليل الكلفة، في متناول الجميع وفي الوقت ذاته يقدم خدماته بجودة عالية ويرتقي بقطاع الحدائق في مصر.