أدت الأزمة الروسية الأوكرانية إلى تداعيات اقتصادية عديدة على الاقتصاد العالمي، تمثلت مظاهرها في إبطاء النمو وارتفاع أسعار الغذاء وتأثر التجارة وسلاسل التوريد والتحويلات المالية ، لاسيما في الدول المجاورة لأوكرانيا.
وسعى صندوق الدولي لدعم عدد من البلدان الناشئة التي تكابد أزمات اقتصادية كبيرة، وبالأخص المثقلة بالديون والتي شهدت تراجع في النمو لأسباب داخلية وخارجية، غير أن دور “الصندوق” تعرض للكثير من الانتقادات حول مدى فاعلية جهوده وجدواها.
وأدرك صندوق النقد الدولي حجم التحدي الاقتصادي الذي تسببت فيه الأزمة الروسية الأوكرانية، ما دفعه نحو الدفع بحزمة استجابة للأزمات مدتها 15 شهراً بقيمة 170 مليار دولار تقريباً لتغطية الفترة من أبريل 2022 حتى يونيو 2023، وذلك لمساعدة البلدان على التعامل مع تداعيات الأزمة في أوكرانيا.
وقال مركز “إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية” في أبوظبي، إنه وبالرغم من الجهود التي بذلها صندوق النقد الدولي بسبب الأزمة الروسية الأوكرانية تعرض لجملة من الانتقادات حول فاعلية دوره، ومدى أهميته.
ومثلت أبرز الانتقادات الموجهة إلى “الصندوق” في التدخلات الأمريكية في قراراته ، باعتبارها أكبر مساهم وعضواً في المجلس التنفيذي له، نقطة نقد تستند إليها الصين في رفض قرارات وعمل الصندوق.
وفي ظل تفاقم مخاطر أزمة الديون العالمية وارتفاع أسعار الفائدة، أصبحت القضية الأكثر إلحاحاً للدول التي تتطلع إلى تقليل عجزها باللجوء إلى قروض الصندوق.
وبعد أكثر من عامين من إطلاق مجموعة الـ 20 آلية مصممة لتوفير إصلاح سريع وشامل لديون الدول التي تعاني من أعباء الديون بعد صدمة كوفيد–19، أخفق الصندوق في تحقيق تقدم ملموس بشأن تخفيف ديون أفقر دول العالم.
وأوضح “إنترريجونال” أن منتقدي صندوق النقد الدولي يطالبون بضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة بشأن الديون؛ حيث يوجد 23 دولة أفريقية حتى الآن، مُفلسة أو معرضة بشدة للإفلاس.
ومن المرجح أن تحدث موجة من التخلف عن السداد في أكثر بلدان العالم هشاشة وفقراً، بشكل أسرع مما كان متوقعاً؛ حيث زادت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي للبلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل بنسبة 9% في عام 2020، مقارنة بزيادة سنوية قدرها 1.9% في العقد السابق.
ويضغط صندوق النقد الدولي على الدول المتعثرة في السداد أو تلك التي على وشك التخلف عن السداد، بقاعدة “التخلف عن السداد على أساس 90 يوماً من تاريخ الاستحقاق.
وأشار “إنترريجونال ” إلى أنه وإلى جانب الانتقادات السابقة التي تعد تحدياً أساسياً أمام عمل الصندوق، فإن ثمة تحديات أخرى تعيق الصندوق عن تحقيق نتائج ملموسة أبرزها: معضلة إعادة تقييم آلية فرض رسوم على القروض المفروضة على البلدان المثقلة بالديون أصلاً، كما يعاني الصندوق من عدم ملاءمة هياكله الحالية والمصممة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية التي تركزت على إعادة بناء الاقتصادات وقت السلم – مع الكوارث العالمية الحالية.
وبلغ حجم صندوق الحرب لدى صندوق النقد الدولي نحو تريليون دولار أوائل 2020، وبمرور العالم بظروف الجائحة والأزمة الأوكرانية وتداعيات كلتا الأزمتين على الاقتصاد العالمي، تراجعت موارده المتبقية إلى 700 مليار دولار، وفي ظل الصدمات الاقتصادية المستمرة، فإن من المرجح أن يواجه طلبات أكبر على ما تبقى من موارده؛ ما يمثل تحدياً أمام في اختيار البلدان المستحقة للإقراض.
وأكد “إنترريجونال” أن “الصندوق” يسعى إلى تلافي الانتقادات وتحسين فاعليته؛ وذلك ضمن سياسات مؤسسات التمويل الدولية الطامحة في هذا الإطار؛ حيث أيدت اللجنة التوجيهية للبنك الدولي دعوة الولايات المتحدة للتغيير، وطلبت من قيادة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي تقديم خارطة طريق لتجديد الإطار المؤسسي والتشغيلي بهدف تحقيق أقصى استفادة من الميزانيات العمومية لمجموعة البنك الدولي، وتوليد موارد جديدة وتعبئة المزيد من رأس المال الخاص.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
Share
طباعة
فيسبوك
تويتر
لينكدين
Pin Interest
Whats App