في شوارع العاصمة الفرنسية باريس، تتلألأ الأضواء وتتردد أغاني عيد الميلاد وتعج الميادين والمحال التجارية بالمواطنين لشراء الهدايا ومستلزمات الاحتفال بعيد الميلاد في أجواء احتفالية مبهجة، إلا أن مع التضخم وارتفاع الأسعار يرى المواطنون أن ما كل ما يتمنى المرء يدركه.
لم يتبق سوى ساعات قليلة وتبدأ الاحتفالات بأعياد الميلاد، ومن عادات الاحتفال شراء الهديا لكل أفراد العائلة والتجمع الأسري في أجواء من البهجة، إلا أننا نجد بعض متاجر الألعاب والهدايا لا تزال مفتوحة وتستمر حتى ليلة عيد الميلاد غدا /الأحد/ على أمل زيادة المبيعات وتحقيق النتائج المرغوبة خاصة وأن هناك بعض المواطنين ينتظرون لآخر لحظة لشراء الهدايا ومستلزمات الاحتفال.
بالرغم من أن التضخم شهد تباطؤا في فرنسا في أكتوبر سجل 4% بمعدل سنوي بعد تسجيله نسبة 4.9% في سبتمبر، وفقا للبيانات التي نشرها المعهد الوطني للإحصاء في 31 أكتوبر الماضي، إلا أنه من الواضح أنه يؤثر على سلوك الشراء لدى الفرنسيين هذا العام بحسب شركة “سيركانا”، وهي شركة لأبحاث السوق في الفترة الأخيرة قبل عيد الميلاد، ومع استمرار فتح محال الهدايا، انخفضت مبيعات الهدايا والألعاب هذا العام بنسبة 6.5% مقارنة بالعام الماضي، وهو انخفاض يمكن تفسيره بانخفاض القوة الشرائية للفرنسيين، كما تمثل الأسابيع الثلاثة الأخيرة قبل عيد الميلاد 20% من حجم مبيعاتهم السنوية.
وقال فيليب جيدون رئيس مشترك لاتحاد الشركات المتخصصة في منتجات الأطفال، “إن العديد من القطاعات الاستهلاكية، باستثناء الغذاء، تشهد للأسف حالة سلبية فيما يخص أرقام المبيعات في نهاية العام .. نعود إلى الوراء بعد أن شهدنا سنوات إيجابية للغاية فيما يخص المبيعات، خاصة في عامي 2020 و2021 لذلك يجب وضع كل هذا في منظوره الصحيح قليلا”.
وفقا لاستطلاع رأي أجرته مؤسسة “اوبينيون واي” فإن 46% من الفرنسيين ينتظرون حتى نهاية الأسبوع الأخير لاستكمال التسوق في نهاية العام. ومع حلول يوم 25 ديسمبر يوم الاثنين، وبدء العطلات في جميع أنحاء فرنسا، تتوقع الشركات ثلاثة أيام من حركة عالية في الشراء (اليوم وغدا الأحد والاثنين).
ولجذب العملاء، ركزت الشركات على المنتجات الجديدة وقام الموزعون بعمل خصومات كبيرة، ولكن هذا العام، يعتمد الموزعون بشكل أساسي على مشتريات اللحظة الأخيرة .. وعند سؤالهم عن مدى تحقيق الربح المرغوب فيه، أشار بعض التجار إلى انخفاض حركة الشراء لذلك يعقدون آمالهم على هذه الأيام المتبقية، مع هؤلاء المواطنين الذين يشترون في آخر لحظة هداياهم أو إنهاء الاستعدادات للاحتفال بعيد الميلاد بالرغم من أن المحال بدأت في التحضير لاحتفالات عيد الميلاد منذ شهر مضى.
وقالت فريديريك توت خبيرة قسم الألعاب في شركة “سيركانا”: “لدينا حجم مبيعات ضخم يتعين علينا تحقيقه حتى في عيد الميلاد. الأسابيع الثلاثة الأخيرة قبل عيد الميلاد تمثل 20% من حجم المبيعات السنوي”، وبالتالي، من المفترض أن تتيح مبيعات شهر ديسمبر تحسين مبيعات القطاع، حتى لو ظل الاتجاه سلبيا على مدار العام.
وقد أظهرت دراسة أجرتها شركة (سي. إس. إي) المستقلة لبحوث السوق، أن التضخم يؤثر بقوة على الاستعدادات للاحتفال بعيد الميلاد وعطلة نهاية العام، وفقا للدراسة 56% من الفرنسيين يشعرون بالقلق بسبب معدل التضخم وهذا الوضع الاقتصادي الصعب، وخاصة بشأن ارتفاع الأسعار الذي يؤثر بشكل رئيسي على المواد الغذائية وبالرغم من أن العطلات بشكل عام تعد مناسبة لتناول وجبات عائلية كثيرة وكبيرة، إلا أن الميزانية ستكون محدودة أكثر هذا العام.
بحسب الدراسة، مع التضخم، انخفضت الميزانية المخصصة للاحتفال بعيد الميلاد بشكل طفيف مقارنة بعام 2022 ، حيث يخطط الفرنسيون لإنفاق 549 يورو في المتوسط لقضاء عطلة عيد الميلاد ونهاية العام، وهذا المبلغ، الذي يشمل نفقات الطعام، ولكن أيضا مستلزمات الاحتفال والانتقال والهدايا، أقل قليلا من الذي أعلن عنه في عام 2022 (حيث حدد مواطنون وقتها ميزانية تقدر بـ568 يورو).
وللجمع بين الاستمتاع بعيد الميلاد والإدخار بدأ بعض المواطنين إلى التوجه إلى استراتيجيات أخرى، من بينها إعادة بيع هدايا عيد الميلاد القديمة، فقد كشف موقع التجارة الإلكترونية (eBay) عن نتائج النسخة الثالثة عشرة من مقياسه السنوي حول إعادة بيع هدايا عيد الميلاد، وأطهرت أرقام 2023 زيادة كبيرة في اهتمام الفرنسيين بإعادة بيع هداياهم مع اتجاه غير مسبوق لاستغلال الربح لتغطية نفقاتهم بدلا من شراء هدايا ومشتريات لأنفسهم للاستمتاع.
ووفقا للموقع التجارة الإلكترونية (eBay) ربع المواطنين (23%) مستعدون لإعادة بيع الهدايا الخاصة بهم، أي 9.5 مليون شخص، بحسب الدراسة وهي نسبة لم يسبق لها مثيل منذ إطلاق هذا المقياس السنوي في عام 2011، بزيادة قدرها 6 نقاط مقارنة بالعام السابق.
ويخطط الفرنسيون تحقيق ربح في المتوسط نحو 49 يورو بفضل إعادة بيع هداياهم وينوي الأغلبية منهم توفير المال، ويعتزم 29% منهم استبدال الهدية الأولى بأخرى من اختيارهم، بينما يخطط 30% لاستغلاله لدفع جزء من فواتير نفقات الاحتفال بعيد الميلاد، لذلك لأول مرة يتم تخصيص الأموال المجمعة من إعادة بيع هدايا عيد الميلاد بشكل أساسي لدفع الفواتير بدلا من شراء الهدايا الشخصية ما يعكس الوضع المالي السائد حاليا بين العديد من الأسر.
وأصبحت إعادة بيع هدايا عيد الميلاد التي كانت تعتبر من العادات غير المرغوب فيها، مقبولة بشكل متزايد وفي هذا العام 2023، أعرب 42% من مقدمي الهدايا عن سعادتهم برؤية أحبائهم ينفقون أموال إعادة بيع هداياهم لشراء ما يريدونه.