أكدت الدكتورة حنان حسن بلخي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، خلال الاجتماع التقني العالمي الرفيع المستوى بشأن الأمراض غير السارية في الأوضاع الإنسانية، أن وجودُكم هنا اليومَ إنما يعكسُ التزامَكم بجهودِنا الجماعيةِ الراميةِ إلى مواجهةِ التحدي الذي تَفرِضُه علينا الأمراضُ غيرُ الساريةِ، وبناءِ نُظُمٍ صحيةٍ قادرةٍ على الصمودِ لا تغفِلُ أحدًا.
وقالت الدكتورة حنان فى بيان لها: “أودّ أن أتوجهَ بالشُّكر الخاص للدكتور هانز كلوج، المديرِ الإقليميِّ لأوروبا، على استضافتهِ الكريمةِ هذا الحدثَ الرائعَ. وإذ أُعربُ عن خالصِ امتناني لحكومةِ الدانمرك لاستضافتِها هذا الحدثَ المهمَّ، أتقدَّمُ بخالصِ الشكرِ للمفوضيَّةِ الساميةِ لشؤونِ اللاجئينَ، ولِزملائي في منظمةِ الصحةِ العالميةِ على جهودِهمُ التنظيميةِ التي تعكِسُ العملَ المشتركَ في مجالِ التصدي للأمراضِ غيرِ الساريةِ في الأوضاعِ الإنسانيةِ”.
وأضافت: “ويعيشُ في إقليمِ منظمةِ الصحةِ العالميةِ لشرقِ المتوسطِ ما يَقرُبُ مِن سَبْعِمائةٍ وخمسةٍ وأربعينَ مليونَ نسمةٍ. ومن بين هؤلاء، يوجد مائةٌ وأربعون مليونَ شخصٍ يحتاجون إلى مساعداتٍ إنسانيةٍ. أي شخصٌ واحدٌ تقريبًا مِن كلِّ خمسةِ أشخاصٍ. كما أن الإقليمَ مسؤولٌ عن ثمانيةٍ وخمسين في المائةِ منَ اللاجئين في العالَمِ، ويَقطُنُه ثلاثةٌ وثلاثون مليونًا وسَبْعُمائةِ ألفِ شخصٍ تعرّضُوا للنزوح القسري”.
وأضافت الدكتورة حنان: “ومن بينِ بُلدانِ الإقليمِ وأراضِيه البالغِ عددُها 22 بلدًا وأرضًا، هناك ثلاثةَ عشَرَ بلدًا متضررًا على نحوٍ مباشرٍ أو غيرِ مباشرٍ منَ النزاعاتِ. ويُصنِّفُ البنكُ الدَّوْليُّ وضْعَ تسعةٍ من تلكَ البُلدانِ والأراضي على أنَّهُ هشٌّ أو متضرِّرٌ من النزاعِ”.
وأكدت: “نجتمعُ اليومَ تقديرًا للِاحتياجاتِ المُلحَّةِ للأشخاصِ المتعايشينَ مع الأمراضِ غيرِ الساريةِ في الأوضاعِ الإنسانيةِ. والإحصاءاتُ في هذا الصدَدِ تبعثُ على القلقِ؛ إذ يعزى ثلُثا الوَفَيَاتِ السنويةِ في إقليمِ شرقِ المتوسطِ إلى الأمراضِ غيرِ الساريةِ. ويتراوحُ احتمالُ الوفاةِ المبكرةِ الناجمةِ عنِ الأمراضِ غيرِ الساريةِ بينَ 17.8% و25,1% في الأوضاعِ الهشةِ أو المتأثرةِ بالنزاعاتِ. فحالاتُ النَّوْباتِ القلبيةِ والسكتاتِ والربْوِ قد تتضاعفُ مرتيْنِ، بلْ 3 مراتٍ، مباشرةً بعدَ وقوعِ كارثةٍ ما”.
واستطردت الدكتورة حنان: “ومن بينِ الِاحتياجاتِ الصحيةِ الأشدِّ إلحاحًا أثناءَ الأزماتِ ضمانُ مواصلةِ تقديمِ خِدْماتِ الأمراضِ غيرِ الساريةِ، لا سيَّما فيما يتعلَّقُ بالأمراضِ المزمِنةِ، مِثْلِ الغسيلِ الكُلويِّ، وعلاجِ السرطانِ، وتوافُرِ الأنسولينْ لمرضى السُّكَّرِيِّ، والتدبيرِ العلاجيِّ لأمراضِ القلبِ والأوعيةِ الدمويةِ، إلى جانبِ حالاتِ الصِّحةِ النفسيةِ وتعاطي الموادِّ”.
ويمثِّلُ النزاعُ الدائرُ في قطاعِ غزَّةَ إحدى أكثرِ الأزماتِ إثارةً للتحدي في تاريخِ الإقليمِ الحديثِ. وقد استنفدَ الصراعُ النِّظامَ الصِّحيَّ الذي يعاني بالفِعْل من نقصِ المواردِ. حيث لَقِيَ الآلافُ حتفَهم أو أُصيبوا بجروحٍ، ونزَحَ أكثرُ من مليونٍ و600 ألفِ شخصٍ، منهم ثلاثُمائةٍ وخمسونَ ألفَ شخصٍ يعانون من حالاتٍ مُزْمنةٍ. ولا يُمكنُ لغزَّة أنْ تأملَ في إعادةِ بناءِ بِنْيَتِها الأساسيَّةِ الصِّحيةِ وتوفيرِ الخدماتِ الطبيةِ الجوهريةِ لسُكانِها المُعرَّضينَ للخطرِ إلا من خلال السَّلامِ والاستقرارِ.
وقبلَ الحربِ، كانَ السودانُ يشهدُ إصلاحًا قويًّا للنظام الصحي، لكن معَ دُخولِهِ الشَّهْرَ العاشرَ منَ الصِّراعِ، وصلَ النِّظامُ الصِّحيُّ فيه إلى نقطةِ الانهيار، إذ لا يزال هناك سبعةُ ملايينَ شخصٍ مُعرَّضون للنزوحِ، ومليون وسَبعُمائةِ ألفِ شخصٍ يلتمسون اللجوء في البُلدانِ المُجاورة. وقد أدَّى الصراعُ إلى وقوعِ أكثرَ مِن ثلاثةَ عشَرَ ألفَ حالةِ وفاةٍ، وستةٍ وعشرينَ ألفَ إصابةٍ. ويواجِهُ نحوُ تسعةِ آلافِ مريضٍ من مَرْضَى الغسيلِ الكُلويِّ، منهم مائتانِ وأربعون طفلًا، مخاطرَ شديدةً بسببِ انقطاعِ الخِدْماتِ، ويحتاجُ أيضًا أربعةُ آلافٍ وخمسُمائةِ مريضٍ من مرضى زراعةِ الكُلى إلى الحصولِ على العلاجِ بلا انقطاعٍ.
ومنذ 15 أبريل، تحققت منظمة الصحة العالمية من ستِّينَ هجومًا تعرضت له مرافق الرعاية الصحية وأدَّى إلى وقوع أربعٍ وثلاثينَ وفاةً وثمانٍ وثلاثينَ إصابةً في صفوف القوى العاملة الصحية. وتشملُ الهجماتُ على الرعايةِ الصِّحيةِ الهجماتِ على المرافقِ الصحيةِ ووسائلِ النقلِ والعاملينَ والمَرضى والإمداداتِ والمُستودعاتِ.
ويواجهُ اللاجئونَ والمهاجرونَ عقباتٍ في الحصولِ على الرعايةِ الصحيةِ، لا سيَّما فيما يتعلقُ بالتدبيرِ العلاجيِّ للأمراضِ غيرِ الساريةِ خلالَ الأزماتِ الممتدةِ، ويلتزمُ إقليمُنا أيضًا بتلبيةِ احتياجاتهمُ الصِّحيةِ.