منذ قديم الأزل وعشق آل بيت رسول الله راسخ في قلوب المصريين كالجبال الراسية، فينشدون في حبهم أبدع الكلمات، ويقيمون لهم الموالد ويتبركون بزيارة الأضرحة ومجاوراتهم في السكن.
ولعل مسجد الإمام الورع التقي علي زين العابدين واحد من أشهر المساجد الشاهدة على حب أهل المحروسة لآل بيت النبوة، والشاهد على عدد من الحقب الزمنية المهمة في التاريخ. شيد المسجد عثمان أغا أغات مستحفظان في عام ١٢٢٠ هـ/ ١٨٠٥م، وكان هذا الموقع قد سبق وشيد عليه مسجدا قديما في نفس الموضع خلال العصر الفاطمي لكن العمارة التاريخية اندثرت ولم يتبق منها إلا اللوحة التأسيسية المتبقية على مدخل المسجد القديم المدون عليها تاريخ ٥٤٩هـ، ولوحة قرآنية بالمدخل وباب السر الأخضر، كما أن القبة التي تعلو المدفن ترجع للعصر المملوكي ، حيث قام عثمان أغا بتجديد المدفن. يقع المسجد في شارع يحمل نفس اسم الإمام علي زين العابدين بمنطقة زينهم بحي السيدة زينب بمحافظة القاهرة، وتبلغ مساحته حوالي ٤٦٠٠م٢ ويسع ٥٢٠٠ مصل تقريبا. ضريح لرأس بلا جسد برغم احتواء المسجد على قبتين لمقامي الإمام علي زين العابدين وابنه زيد إلا أن الإمام علي ابن الحسين لم يدفن في الضريح، حيث جاء إلي مصر بصحبة عمته السيدة زينب عقب استشهاد أبيه الإمام الحسين ، وعاش لمدة عامين فقط في مصر ثم ذهب للمدينة المنورة وتوفي ودفن بجوار عمه الحسن في البقيع عام ٩٥ هجرية، ولكن المدفون بالضريح رأس “زيد” بن علي زين العابدين، والذي قتل على يد “هشام بن عبدالملك بن مروان” وأرسلت رأسه لتعلق على جامع عمرو بن العاص، ولكن المصريين أخذوا الرأس وقاموا بدفنه في موقعه الحالي. عرف عن زيد العابدين بن الحسين ورعه وتقواه فسمي بهذا الاسم لكثرة عبادته وأطلق عليه لقب السجاد لكثرة سجوده. باب السر وكرامات الإمام زين العابدين من محتويات مسجد علي زين العابدين باب السر، وهو حجر من البازلت الأسود دهن باللون الأخضر يقع بجوار المقام، وقد ارتبط هذا الحجر بالعديد من الروايات الشعبية الموروثة فذهب البعض منها لاعتباره بابا سريا استخدمه الإمام زين العابدين واختفى خلفه، وأن بصمات أصابعه لا تزال واضحة على الحجر، بينما ذهبت رواية أخرى إلى أنه جزء من الكعبة المشرفة تم جلبه لمصر إبان الحكم العثماني تقديرا لدور العمال المصريين في إعادة بناء الكعبة، بعدما هدمتها السيول وتسببت في انهيار أجزاء كبيرة منها فتم وضعه في المسجد تشريفا له، وفي رواية ثالثة أن الحجر جزء متبقٍ من بناء قديم مندثر وهو باب بمقبض حديدي محاط بحلق من الجرانيت. جدير بالذكر، أنه تم تطوير المسجد وترميمه أكثر من مرة آخرها بعد تعرضه لحريق في عام ٢٠١٧ وتم افتتاحه في عام ٢٠١٨ عقب الانتهاء من ترميم المقصورة النحاسية بالضريح وتنظيفها، وكذلك ترميم المقصورة الخشبية الداخلية وزيادة استيعاب المسجد للمصلين وتطوير المنطقة المحيطة به.