في كل درب من دروب المحروسة نتنسم عبق التاريخ مع نسمات الهواء العليل ، ويشهد كل جدار على ما كتم من أسرار الزمن الجميل، ولو أنه يبوح سيشدو نغما ويترنم سحرا يأسر العيون والألباب.
هنا في منطقة الجمالية وبالتحديد في خان جعفر، تأبى العيون أن ينسدل ستر جفونها ليغيب عنها ولو للحظة هذا الجمال البديع ، وكأنك تعبر بآلة الزمن تلك البوابة السحرية، لتعود إلى ألف عام وأكثر في عصر القاهرة الفاطمية فما قصة هذا الخان ؟؟ يعود تاريخ خان جعفر لأكثر من ١٠٠٠ عام ، وعلى اليمنة واليسار تأسرك البيوت القديمة الجميلة المزينة والجدران والأبواب الفيروزية التي تتخذ شكل البوابات والأرضية البازلتية، والمشربيات البديعة ، حيث تحتفظ جدران الخان بآثار العبارات الصوفية التي تعود للعصر الأيوبي، والأبواب الخشبية الكبيرة ذات الحلقات النحاشية المنقوشة يدويا. هنا خان جعفر، وخان تعني المبنى المربع الذي يتسم بكبر حجمه وفي وسطة ساحة كبيرة، وقد اتخذ الشارع اسمه نسبة إلى الأمير جعفر أغا وهو أحد أمراء المماليك الجراكسة ، الذي قام ببناء هذا الشارع ليصبح استراحة للمسافرين والتجار ويعد الآن من أهم وأشهر الأماكن الأثرية التي مازالت تتمتع بطرازها المعماري التاريخي. في الخان تجد سبيل وكتاب وقف الحرمين الذي أنشاه إبراهيم بن أدهم البغدادي عام 1272 هجرية عام 1856 ميلادية في عهد والي مصر محمد سعيد باشا، حيث يعد خان جعفر من المناطق الأثرية الفريدة في مصر، و بمثابة متحف مفتوح يضم العديد من المعالم التاريخية ، يبدأ من بابي الفتوح والنصر ثم يصادف الزائر باب زويلة والمغربلين وباب الوزير وسوق السلاح ، وكذلك قلعة صلاح الدين الأيوبي وعدد من التكايا والأسبلة والكتاتيب . يشتهر خان جعفر ببلاطه البازلتي والذي يعود إلى العصر الأيوبي، ويتنشر بالخان الآن عدد كبير من الورش للصناعات اليدوية مثل صناعة السبح والصواني النحاسية والهدايا التذكارية، والأحجار الكريمة، وغيرها من الصناعات القديمة الإبداعية ، بالإضافة لعدد من الصناعات التي شارفت على الاندثار، فهل أسعدك الحظ بزيارة هذا الخان العتيق والاستمتاع بمشاهدة تلك المعالم التاريخية ؟