تُخبئ بيوت القاهرة القديمة بين طياتها حكاياتٍ لا حصر لها، حكاياتٌ تركها ساكنوها القدامى ونقشها على جدرانها الزمن، حكاياتٌ يرويها كل زائرٍ يطأ عتباتها باحثًا عن المعرفة أو الترفيه.
فما كانت تلك المنازل يومًا سوى حجارة صمّاء خالية من الحياة، باتت اليوم رمزًا للإبداع والثقافة، منتجعًا للفنون والأدب والتعليم، ونافذةً على عراقة الماضي..جدران بيت السحيمي شاهدة على تاريخه العريق ننطلق في رحلةٍ عبر أزقة القاهرة القديمة، نتوقف عند أحد بيوتها العريقة، “بيت السحيمي” في حارة الدرب الأصفر..بُنيَ بيت السحيمي عام 1648 ميلاديًا على يد الشيخ عبد الوهاب الطبلاوي، ثم أضاف إليه الحاج إسماعيل جلبي عام 1796م، ليتحوّل إلى منزل فريد من نوعه.. ليتكون من طابقين “السلاملك، الحرملك”.. يتوسط البيت حديقة غنّاء تبلغ مساحتها 200 متر مربع، تُضفي على المكان سحرًا خاصًا.اكتسب البيت اسمه “السحيمي” نسبةً إلى آخر من سكنه، الشيخ محمد أمين السحيمي، أحد علماء الأزهر الشريف وشيخ رواق الأتراك في العصر العثماني.وبعد مرور حوالي 120 عامًا على سكن عائلة السحيمي، اشتراه الملك فؤاد الأول بمبلغ ستة آلاف جنيه ليكون تابعًا للجنة حفظ الآثار العربية. يتميز بيت السحيمي بتصميمه المعماري الفريد، حيث يحتوي على العديد من العناصر المميزة مثل الآبار وساقية مياه لري الحديقة، وطاحونة للحبوب كانت تُدار بواسطة ثور، ومجموعة من الأواني الفخارية والحجرية لحفظ الحبوب.عام 1996، رمّمت وزارةُ الآثار البيتَ، فحافظت على رونقه المعماري وعناصره الفريدة، مثل الآبار وساقية المياه التي كانت تُستخدم لري الحديقة، وطاحونة الحبوب التي كانت تُدارُ عن طريق ثور، ومجموعة من الأواني الفخارية والحجرية لحفظ الحبوب.وخلال عام 2000، تم تحويل البيت إلى مركز ثقافي يُقام فيه العديد من الفعاليات، مثل الحفلات التراثية والندوات الثقافية، ليتحول إلى منارةٍ ثقافية تُضيء أرجاء القاهرة القديمة. يُعد بيت السحيمي نموذجًا فريدًا للبيوت العربية القديمة، حيث يجمع بين التاريخ والجمال، ويُجسد عراقة الحضارة العربية وثرائها الثقافي.فما أجمل أن نتجول بين أروقته ونستمع إلى حكاياته، ونغوص في تاريخه العريق، ونُثري عقولنا بكنوز المعرفة والثقافة.