.. وخلافاتها الداخلية لتحقيق مكاسب شخصية
نشكر جنوب أفريقيا على تبنيها لماساة الشعب الفلسطيني في محكمة العدل الدولية ومطالبتها بمحاسبة اسرائيل على جرائمها فى حق الشعب الفلسطينى.. لكن هناك ملاحظة على عبارة وردت على لسان مندوبها فى المحكمة عندما قال إن حق اسرائيل فى الدفاع عن نفسها لايبيح لها قتل المدنيين وهدم بيوتهم وتدمير المستشفيات والمبانى والبنية التحتية.
هنا نتساءل: منذ متى كانت اسرائيل تدافع عن نفسها ولها الحق فى ذلك؟!.. إنها كيان عدوانى حتى منذ كانت مجرد عصابات مسلحة.. ولا يجب إلقاء اللوم على المعتدي عليه وصاحب الارض المغتصبة عندما يحاول استعادة أرضه ونعتبره معتدياً ونعتبر أن للمغتصب حقاً فيما يسمي الدفاع عن نفسه.
بعد هذا المدخل، ننتقل إلي موضوعنا اليوم، وهو الخلافات الداخلية فى اسرائيل.. زادت حدة هذه الخلافات فى الفترة الاخيرة بين بنيامين نتنياهو وبن جفير وسموتريتش من ناحية، وعضو مجلس الحرب بيني جانتس من ناحية أخرى، وهدد فيها جانتس بالسعى إلى إجراء انتخابات مبكرة.
هناك ايضا مظاهرات أهالي الاسرى التى بدأت تشهد مواجهات جسدية بين الشرطة والمتظاهرين يسقط خلالها مصابون.. وليس من المهم هنا معرفة اسباب الخلاف.
فقط نريد أن نشير إلى أن الاسلوب الخاطئ فى تغطية اعلامنا العربى للخلافات والتناقضات داخل اسرائيل بشكل غير موضوعى حتى انه ليخيل لنا ان صهاينة اسرائيل سوف يقتلون بعضهم بعضا أو ان حرباً أهلية سوف تنشب فى الكيان الصهيونى، ويصل الامر إلى تضخيم هذه الخلافات وتعليق آمال زائفة عليها.
قد تبدو الخلافات الإسرائيلية الداخلية لصالح الفلسطينيين وأنها تخدم قضيتهم وتدفع قادة الاحتلال إلى الوصول إلى تسوية معهم أو تقلل من بطشها بهم.. لكن الحقيقة غير ذلك، فهى مجرد أحقاد شخصية ومصالح ذاتية ومحاولات لتحقيق مكاسب.
يظن البعض أن هذه الخلافات حقيقية وجادة وأنها قد تؤدى إلى تصدع اسرائيل وتضعفها وقد تعصف بها وربما دفعت حكومتها نحو العقلانية والاعتدال.. والحقيقة التى يجب ألا تغيب عن أذهاننا، أن هذه المعارضات والتظاهرات والاحتجاجات ليست لصالح الغزاوية وهي ليست غاضبة من أجلهم ولا تطالب بوقف العدوان عليهم، بل هى معارضة لأجل مصالحهم وتظاهرات لخدمة أهدافهم وهم قد يختلفون مع بعضهم ظاهرياً، وقد ترتفع أصواتهم ضد بعضهم شكلياً تحقيقاً لديمقراطية زائفة.
لكنهم يجمعون ضدنا ويصرون على مواصلة الحرب علينا والإصرار على استئصال المقاومة وتفكيكها، ونزع سلاحها وقتل رجالها.. ولو أن حكومة نتنياهو سقطت، فإن الحكومة القادمة أياً كان رئيسها وشكل ائتلافها وأطراف تحالفها سوف تواصل العدوان وستستمر فى الحرب.. وسبق أن قلنا إنه لا توجد حكومة أكثر تطرفاً من الاخرى.. هناك فقط حكومة أكثر صراحة من الأخرى.
هناك خلافات عديدة بين اليهود حول كل شىء تقريباً.. من هنا حرصت الحكومات المتوالية على استمرار الصراع مع العرب لضمان تماسك المجتمع الاسرائيلى، لأن الحرب إذا انتهت وتحقق السلام، سوف ينقلبون ضد بعضهم البعض.
هم فى كل خلافاتهم يحرصون على تأكيد ولائهم لإسرائيل.. وفى مظاهرات أهالى الأسرى كانوا يحرصون على رفع العلم الاسرائيلى لتاكيد ولائهم.
تحتفل اسرائيل حاليا بذكرى ما يسمى بـ “ثورة الشباب اليهودى” التى قام بها هؤلاء الشباب عام 1958 فى حيفا، احتجاجاً على الاوضاع المعيشية الصعبة التى فرضت على اليهود المغاربة منذ بدء هجرتهم الجماعية بعد النكبة، وحشرهم فى مساكن غير آدمية فى حى وادى الصليبة كانت مساكن الفلسطينيين بحيفا وفى النقب.. ولم تكن ثورة هؤلاء تنطوى على أى تعاطف مع الشعب الفلسطينى صاحب الارض الاصلى، بل نجد من هؤلاء من هم أشد كراهية للفلسطينيين من اليهود الغربيين.
يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل