شهد المجتمع المصري في الآونة الأخيرة جدلاً واسعًا حول ظاهرة رقص الطلبة والطالبات في حفلات التخرج، خاصةً بعد انتشار عدة مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي تُظهر طلابًا وطالبات يتراقصون على وقع أغنيات شعبية ومهرجانات فرحا بتخرجهم وهو ما تناوله البعض بالنقد اللاذع والبعض الأخر بترحاب شهير بينما أثارت تلك الحفلات سخرية الكثيرين.
بين مؤيد ومعارض أثيرت الكثير من التساؤلات حول طبيعة تلك الحفلات وهل هي مجرد تقليد أعمى للغرب أم أنها نابعة من اختلاف سمات الأجيال الجديدة وماهي حدود التعبير عن الفرح ودور العادات والتقاليد في تنظيم السلوك الاجتماعي. حاولنا استكشاف آراء الطلبة والطالبات حول حدود التعبير عن الفرحة في حفلات التخرج، بالرقص والغناء ومدى تقبلهم أو رفضهم لهذا التقليد فكانت هذه الأراء الطلبة: يجب أن يكون شكل الاحتفال غير مبالغ به ولا بد من الحفاظ على الوقارأمام الأساتذة وأولياء الأمور. تقول “آمنة صلاح” طالبة بكلية الحقوق جامعة حلوان:” من وجهة نظري نعم أحب عمل حفل تخرج وتكون حفلة منظمة وتليق بالتخرج فعلاً، والرقص في الحفلات وما يحدث خلال هذه الفترة لا يليق طبعًا ويجب على منظمي الحفلات الحرص على عدم وجود مجال للرقص من قبيل عدم تشغيل اغاني وبالتالي يجبر الجميع على الالتزام وعدم تخطي أحد حدود الحفل، وأن يتم التكريم بشكل لائق عن طريق جلوس كل خريج في مكانه المحدد ووجود الدكاترة في أماكنهم المتخصصة لهم ويقوم كل خريج باستلام الشهادة الخاصة به عندما يتم استدعائه ثم يعود مره أخرى إلى مقعده الخاص به لحين الانتهاء من الحفل وأخذ صور تذكارية مع أصدقائه وأفراد العائلة”. بينما اعترضت “إسراء محمد” إحدى الطالبات الحاصلاا على درجة ليسانس آداب بقسم الفلسفة جامعة حلوان، حيث أكدت أنها تعارض الموضوع الذي يدور حلو الرقص في حفلات التخرج لأنها تؤمن بأن حفلات التخرج يجب أن تمثل قيمنا ومبادئناوأن تقام بطريقة تحافظ على احترام المجتمع وعاداته وتقاليده، وأنا أشارك هذا الرأي مع كامل الاحترام لآراء الآخرين وأدعو إلى الحوار البناء حول هذا الموضوع”. أما “شيماء محمد” طالبة بكلية خدمة اجتماعية جامعة حلوان، قالت “أحب يكون في حفله تخرج عشان دي حاجة بالنسبالي مهمة أو بعد إنجاز كبير عملتوا وهو نهاية ميسرتي التعليمية، تاني حاجه ودي مهمة إن تكون الحفلة دي مناسبة للعادات والتقاليد اللي اتريبنا عليها وهي الاحترام إنما اللى بيحصل دلوقتي عكس عاداتنا وتقاليدنا اللى اتربينا عليها، تالت حاجه أنا مش مع فكرة أن يكون في أغاني ورقص وكلام من ده أو ممكن يكون فيه بس في نهاية الحلفه مثلاً، يعني نبدأ بالآيات من القرآن الكريم تدل على التعليم وأهميته والأحاديث”. واعترضت ايضًا الطالبة “إيمان سعيد” طالبة كلية الآداب جامعة حلوان حيث قالت: “أنا بشوف حفله التخرج يعني لازم يكون في احترام كبير جدًا لنفسك وأهلك والدكاتره وللناس الموجودة سواء أهالي الطلبة الآخرين أو غيرهم، عيب جدا إن الدكاترة تفضل منتظرة خريج أو خريجة إنهم يخلصوا فقره الرقص علشان يكرموهم”. وقد اعترض بعض الشباب على الرقص الذي يكون بطريقة غير لائقة في حفلة التخرج، حيث قال “يوسف إبراهيم” طالب في كلية الألسن جامعة أسوان، “حفلة التخرج مهمة جدا، وأهم لحظة بالنسبالي لحظة استلام الدرع والشهادة كان معايا والدي، مشاعر مختلفة كتير مابين فرح وحزن وحنين واحترام للراجل اللي فضل معايا لآخر لحظة واخويا، وبالفعل كان في رقص كتير في نهاية حفلة التخرج وكان في اختلاط، وجهة النظر تختلف من شخص لآخر هندسة أسوان معملوش حفلة تخرج وجمعوا بعض وجددوا جامع الكلية، وهناك أشخاص مش بتحب حفلات التخرج والاغاني وبيتكفوا بإنهم يخرجوا في أي جزيرة مع بعض”. وأكد “عبدالله طارق” حاصل علي ليسانس آداب جامعة حلوان، رفضه لطريقة احتفال الفتيات بحفلات التخرج مشيرًا إلى أنهم منفتحين زيادة عن الطبيعي.. حيث قال: “رأي أنا بفضل الاحتفال خارج الجامعة وده طبعًا بسبب توفر حرية أكبر، بالإضافة انك ممكن تجيب عدد اكبر من أهلك علي عكس أما يكون ف الجامعة بتكون الدعوات محدودة، طبعاً من السلبيات اللي بتحصل أنا دايما بشوفها بتكون عند البنات أكتر، لأنها بتنفتح زيادة عن الطبيعي، ممكن يكون اوفر في طريقة الاحتفال، وخير مثال على كدة زي ما عدد من البنات وأصبحوا، تريند على السوشيال ميديا، وطبعًا الشباب ممكن يأڤور في طريقة الاحتفال والرقص بس مش هتجذب الرأي العام على عكس البنت”. ومن بين الآراء التي تؤيد الرقص في حفلات التخرج “محمد إبراهيم” طالب بكلية تجارة، حيث أشار أن الفتيات التي تجذب الانظار تكون مع أهلها وفي حالة سعادة، وغير مسيطرين علي مشاعرهم، “كل واحد ليه وجهه نظر في الموضوع ده في ناس بتقول عادي وناس بتقول لا مينفعش، بس هي البنت بيكون أهلها معاها يعني، ومن وجهه نظري عادي لأن البنت بتكون في فرحانة وبتعبر عن فرحتها بطريقتها، وفي بنات محترمة بتيجي عند اللحظة دي وبتعمل وبترقص فمن وجهه نظري عادي”. وللوقوف على أسباب انتشار تلك الظاهرة أكد دكتور حازم مطر، أستاذ مساعد بقسم التخطيط الاجتماعي جامعة حلوان أن موضوع حفلات التخرج أو ما يسمونها بظاهرة حفلات التخرج، هي ليست ظاهرة فحفلات التخرج موجودة منذ زمن، يعني في نهاية أي مرحلة دراسية من المفترض كنوع من التكريم والتشجيع والتحفيز يتم عمل حفل تكريم بشهادة تقدير من الناحيه المعنوية ليستكمل المراحل التالية، هناك مؤسسات تنظم حفلات التخرج على مستويات أقل من التعليم الأساسي، إذًا الفكرة مش في موضوع حفلة التخرج هي ظاهرة قديمة أم لا، لأنها قديمة موجودة من زمان جدًا، ولكن ماطرأ وما تغير عليها طريقتها، طريقه الاحتفال نفسها “خلينا في السلوك اللى كان بيحصل في حفلات التخرج”، أما الآن فإن الضوء كله تسلط على حفلات التخرج إذًا هناك أمر غريب، هناك أمر شاذ وغير سوي، طالما الأنظار كلها توجهت نحوها، وانتباه الأشخاص لها في حد ذاته اعتراف أن هناك سلوكا غير مألوف يحدث في حفلات التخرج. وتساءل د. حازم ما المفترض أن يحدث في حفلات التخرج؟ وأجاب “هناك تكريم وتقدير وتشجيع وتحفيز معنوي، هناك شهادة تقدير وتكريم ودرع التخرج والف مبروك إنهاء المرحلة الدراسية، وكلمة تشجيعيه تحفيزيه، يكون هناك كلمة لبعض الخريجين”، الموضوع ليس أكاديمي بحت، بالمعنى أنه يتم الاحتفال بتعب ونجاح ولكن يجب أن يكون في ضوء الاحتفال شبه الرسمي، رسمية في وجود قيادات رسمية في رفقة الأهل مع الخريج وقيادات التدريس في المؤسسة التعليمية. وهنا يجب أن نفرق بين ما ينبغي أن يكون وما هو كائن، عندما يتخرج الطالب من مؤسسة تعليمية فهو يترك انطباع عن نفسه وعن المؤسسة الشهادة التي يحصل عليها ونشأته، بعض الطلبة لا يدركون أشياء كثيرة في سلوكياتهم ويعتقدوا أنها تعكس رأي شخصي وإنما في الواقع تعكس رأي عام. ونوه مطر السلوك المجتمعي ليس رأي شخصي، ومن يدافع عن السلوكيات الخاطئة يسأل نفسه، هل هذا السلوك يليق بالمجتمع الشرقي؟! ثقافتنا انتقلت بين أكثر من حضارة ولكن لم تتأثر، ولكن اليوم يتخذ بعض الناس السلوكيات التي لا تليق بمجتمعنا من خلال اتصال افتراضي وهمي “الانترنت”، ومن يُحكّم ضميره في هذه السلوكيات على أرض الواقع سيسأل ويقول “إلي أين تذهب التنشأة الاجتماعية؟” واختتم د. حازم مطر حديثه عن حفلات التخرج برسالة لأولياء الأمور والخريج الجامعي وطلاب الجامعة موضحًا أن حفلات التخرج يجب أن تتم داخل الجامعات التي انتهت مرحلتهم التعليمية بها، خارج إطار الجامعة لا يمس لسمعة الجامعة بشئ، فعندما ينتقد أحد سلوك غير لائق لأي حفلة تخرج يجب أن يعرف أنها تتم خارج رعاية الجامعة، ووجه رسالته الثانية للمؤسسات التعليمية ووزارة التعليم العالي مشيرًا إلى أنه لا يجوز في أي حال من الأحوال بالسماح بإقامة حفلات تخرج خارج الحرم الجامعي إلا إذا كانت تحت رعاية الجامعة، مشيرًا إلى أن الحفلات الغير منظمة، وبالتالي قد يتسبب ذلك في بعض المشكلات التي تتعلق بكيفية تأمين الحفل.