Site icon العربي الموحد الإخبارية

“خرائط الأشجار في المدن المصرية”..مبادرة وثقت ٥٠٠ نوع من الأشجار بالأورمان والحيوان

ارتبط بحديقة الحيوان منذ الطفولة كأغلب المصريين، فقد اعتاد الذهاب إليها بصحبة عائلته، وتوطدت علاقته بها فيما بعد بحكم عمله الذي يجاورها، وكانت هي وحديقة الأورمان الملاذ الآمن للاجتماع بطلابه خلال فترة جائحة كورونا، لذا بعد تواتر أخبار قرب غلق الحديقتين للتطوير، عادت إلى ذهنه مشاهد خرائط الأشجار التي رأها في مدينة نيويورك، لتدفعه إلى التفكير في مبادرة لتوثيق أشجار الحديقتين وبناء منصة رقمية تفاعلية لخرائط الأشجار في المدن المصرية تضم معلومات تفصيلية عن كل شجرة، وقام بعقد ورشة شارك فيها عدد من الباحثين لهذا الغرض، وبالفعل نجحوا في توثيق ما يزيد على ٥٠٠ نوع من الأشجار في محيط حديقتي الأورمان والحيوان وجامعة القاهرة، إلا أن حلم المنصة الرقمية لم يكتمل.

 يسرد دكتور نبيل الهادي أستاذ الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة تفاصيل مبادرته لبوابة روزاليوسف قائلا: إن ما دفعه للتفكير في المبادرة هو تأثره بمشروع لندن سيتي بارك بمدينة لندن والذي يعني بتحويل المدينة إلى حديقة مفتوحة، وهو مشروع قائم منذ ٥ سنوات وعمدة لندن داعم له بالإضافة إلى الجهود التطوعية من قبل السكان المحليين، مضيفا “لقد قابلت مدير المشروع مارك كريدج ودعوته للمشاركة في الورشة التي نفذتها في فبراير ٢٠٢٣، قبل غلق الحديقتين، وبالفعل ألقى محاضرة أونلاين على المشاركين بالورشة، كما قام بتعريفي على كارلوتا كونتي باحثة انجليزية ايطالية تستعين بالذكاء الاصطناعي في إعداد خرائط الأشجار وقد شاركت بمحاضرة خلال أيام الورشة.ويوضح: أن في عهد حكم محمد علي وأبناءه وبالأخص الخديوي إسماعيل كان هناك اهتماما باستجلاب أشجار من خارج مصر كمؤشر لتقدم الدولة فحرصوا على إجراء التوسعات بالشوارع وإقامة الحدائق كالأزبكية والأورمان والحيوان لتجميل وجه المدينة وتقديمها كمدينة متقدمة مثل مدن أوربا، ولكن ما قاموا به كانت فائدته محدودة لأن الحدائق التي أقاموها كانت محاطة بالأسوار بعكس حدائق أوربا التي بلا أسوار فسميت بالمتنزهات.ويشير د.نبيل إلى أن الشجر المستورد يهدد التنوع الحيوي بالبيئة، لذا لابد من الاهتمام بالأشجار ذات الأصول المصرية والتي ما زالت موجودة بمحمية سالوجا وغزال بأسوان حيث تعتبر بمثابة مخزن للنباتات الطبيعية المصرية، مؤكدا أن الهدف من مبادرته انطلق من الاهتمام بحديقتي الحيوان والأورمان إلى الرغبة في إعادة الحياة البرية “الطبيعية” إلى المدن المصرية، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال التوثيق وجمع بيانات تفصيلية عن الأشجار والنباتات والكائنات الحية المرتبطة بهم، لأن من المهم أن نمتلك تلك البيانات قبل تنفيذ أي مشروعات تطويرية.وقد شارك في الورشة كل من د.ريم حمدى أستاذ تصنيف النباتات بكلية العلوم جامعة القاهرة ود.عبد الله العطار والباحث أسامة الغزالي وتقى حسن مدرس مساعد بجامعة القاهرة، ويحيي جابر وأمنية صبري وسلمى شحاته وخالد راغب وأحمد نور وآخرين. ويضيف د.نبيل بدأنا مبادرتنا بورشة استمرت أسبوعا، وقد تمت بالجهود الذاتية، وقسمنا المشاركين لمجموعات، وكل مجموعة ركزت مجهودها على منطقة بعينها، مشيرا إلى أنه كان من المخطط عقد ورشة أخرى في واحدة من المدن الجديدة مثل دمياط الجديدة وواحدة من المدن القديمة كأسوان لتوثيق ما بهما من نباتات وأشجار، وبناء منصة رقمية لخرائط الأشجار، إلا أن ذلك قد تعثر بسبب عدم وجود تمويل، قائلا: “وبالرغم من تواصلي مع أحد البنوك لتمويل المبادرة ودعمها وترحيبهم بالفكرة في بداية الأمر، إلا أنهم بعد ذلك لم يردوا، وحاليا أعمل على مسودة لكتيب عن الورشة، يتضمن تفاصيلها وأهدافها وما حققته على أرض الواقع”.وتوضح د.ريم أحد المشاركين بالمبادرة أنه خلال الورشة تم توثيق حوالي ٥٠٠ نوع من النباتات والأشجار لأن محيط البحث كان نصف حديقة الحيوان ونصف حديقة الأورمان وجزء من جامعة القاهرة المطل على الحديقتين، فتم تقسيم المشاركين بالورشة إلى ٥ مجموعات، وكان بحوزتهم خرائط مسحية للحديقتين، وتمكنوا من جمع بيانات الأشجار تفصيليا من حيث نوعها وحجم قطرها وتوقيع إحداثياتها على الخرائط.وتقول د.ريم إن  سبب مشاركتها بالمبادرة يعود إلى أنها أستاذ بكلية العلوم وتخصصها النباتات، وقد أجرت العديد من الدراسات حول حدائق الأزبكية والحيوان والأورمان وكذلك حدائق الإسكندرية وجزيرة النباتات في أسوان، مشيرة إلى أن توثيق بيانات الأشجار يساعد في بناء علاقة وثيقة بيننا وبين الطبيعة، فنحن من نحتاج إلى الأشجار في حياتنا، وعندما تقطع يختل النظام البيئي، لأن وجودها مرتبط بحيوات كائنات أخرى كالحشرات والطيور.ويؤكد د.نبيل أن عالم الطبيعة من مياه وهواء ونباتات هو الجزء الجوهري للحياة فلو لم نحافظ عليه فلا معنى لأي شيء، قائلا إن العالم كله حاليا يواجه مشاكل الموجات الحرارية المرتفعة والتي تؤثر على الإنسان والحيوان والمحاصيل الزراعية، والسبب الرئيسي لتلك الموجات هو استخدام الوقود الاحفوري وعدم وجود حياة برية طبيعية.

Exit mobile version