في قلب صعيد مصر، وتحديدًا في قرية نزلة خاطر بمحافظة سوهاج، تم اكتشاف أحد أهم المواقع الأثرية التي تسلط الضوء على تاريخ البشرية في المنطقة.
يعود هذا الاكتشاف إلى عام 1980 عندما قامت بعثة بلجيكية بالتنقيب في المنطقة، لتكتشف بقايا هيكل عظمي بشري يعود إلى ما يقارب 35 ألف سنة. تفاصيل الاكتشاف تم العثور على الهيكل العظمي في محجر لاستخراج الحصى والزلط، وهو موقع كان يستخدم في العصر الحجري القديم الأعلى لصناعة الأدوات الحجرية مثل السكاكين والفؤوس. الهيكل العظمي المكتشف كان لشخص يتراوح عمره بين 17 و19 عامًا عند وفاته، وقد أطلق عليه العلماء اسم “إنسان نزلة خاطر” نسبة إلى مكان اكتشافه. الخصائص التشريحية أظهرت الدراسات التي أجريت على الهيكل العظمي أن صاحبها كان يتمتع بخصائص تشريحية حديثة، إلا أن بعض السمات القديمة كانت لا تزال واضحة في منطقة الصدغ والفك السفلي. هذه السمات تشير إلى أن الإنسان الذي عاش في نزلة خاطر قد يكون تزاوج مع مجموعات بشرية أخرى كانت تعيش في المنطقة في ذلك الوقت. الأدوات المكتشفة إلى جانب الهيكل العظمي، تم العثور على مجموعة من الأدوات الحجرية التي تعود إلى العصر الحجري القديم الأعلى. من بين هذه الأدوات، تم العثور على فؤوس وشفرات ومكاشط طرفية، بالإضافة إلى أسنان حيوانات كانت تستخدم في صناعة الأدوات القاطعة. هذه الأدوات تعكس مستوى متقدم من المهارات الحرفية التي كان يتمتع بها الإنسان في ذلك الوقت. الأهمية الأثريةيعد اكتشاف إنسان نزلة خاطر من الاكتشافات المهمة التي تسلط الضوء على تطور الإنسان في شمال أفريقيا. الدراسات التي أجريت على الهيكل العظمي والأدوات المكتشفة تشير إلى وجود علاقة وثيقة بين الإنسان الذي عاش في وادي النيل والإنسان الأوروبي الحديث من العصر الحجري القديم الأعلى.هذا الاكتشاف يفتح نافذة على الماضي البعيد، ويساعدنا على فهم أعمق لتاريخ البشرية وتطورها في المنطقة.إنسان نزلة خاطر ليس مجرد هيكل عظمي قديم، بل هو شاهد على تاريخ طويل ومعقد للبشرية في مصر.من خلال دراسة هذه البقايا، يمكننا أن نتعلم الكثير عن حياة الإنسان القديم، وتطوره، وتفاعلاته مع البيئة المحيطة به.