ألقى السفير محمد جابر أبو الوفا، نائب مساعد وزير الخارجية للمنظمات والتجمعات الأفريقية كلمة خلال مؤتمر الاحاطة الخاص بقمة الفوكاك
وقال فى كلمته:
سعادة / لياو ليتشيانج، سفير جمهورية الصين الشعبية بالقاهرة
أصحاب السعادة، السيدات والسادة، الحضور الكريم
أود في البداية أن أتقدم بخالص الشكر لسعادة سفير جمهورية الصين الشعبية على دعوته الكريمة للمشاركة فى هذا المؤتمر، كما أنتهز هذه المناسبة لأتقدم بالتهنئة لجمهورية الصين الشعبية بمناسبة قرب حلول العيد الوطنى والاحتفال بالذكرى الـ75 لتأسيس جمهورية الصين الشعبية. لقد كانت مصر أول دولة أفريقية تعترف بجمهورية الصين الشعبية وتقيم علاقات دبلوماسية معها منذ عام 1956، وهو ما كان بمثابة انطلاقة لما يتجاوز نصف قرن من علاقات وثيقة مع دولة صديقة تتشارك معنا ومع أفريقيا وشعوب العالم النامي في تطلعاتها لتحقيق التنمية والازدهار والسلام.
تؤمن مصر بأن التعاون الصيني الأفريقي فى اطار “الفوكاك” يشكل نموذجاً للتعاون الدولي القائم على المساواة والشراكة والمصالح المشتركة، كما يساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العديد من البلدان الأفريقية. إن انخراط مصر الفاعل والنشطّ في الفوكاك هو نتيجة لإدراك راسخ بأن الجانب الصيني بما له من مصداقية لدى القارة يتفهم خصوصية السياق الأفريقي وطبيعة التحديات التي تواجه القارة. وفى هذا الاطار؛ نجدد إلتزامنا بالعمل مع الصين والاشقاء الافارقة لتعزيز هذا التعاون وتحقيق المزيد من الإنجازات المشتركة، كما أًشيد بكافة أشكال الدعم الصيني لقارتنا، ونتابع باهتمام ما تم تنفيذه منها من مبادرات وتعهدات ومشروعات وبرامج ملموسة تساهم في التخفيف عن كاهل الشعوب الأفريقية.
الحضور الكريم
لقد جاءت الدورة التاسعة لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي “فوكاك” والتى عقدت فى بكين خلال الفترة من 4-6 سبتمبر الجارى، تحت عنوان “التكاتف من أجل دفع عمليات التحديث وبناء مجتمع صيني-إفريقي رفيع المستوى ذي مستقبل مُشترك”، والمشاركة الافريقية رفيعة المستوى فيها، لتدشن فصلاً جديداً فى مسار التعاون الصينى الافريقى تحت مظلة “فوكاك”، ولتؤكد على نجاح المنتدى كأبرز الآليات المؤسسية لتعزيز الشراكة بين الجانبين.
وفى هذا الاطار، فقد جاءت مشاركة السيد الدكتور/ مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، نيابة عن السيد رئيس الجمهورية فى هذه القمة، حيث شارك سيادته فى فعالياتها، لاسيما فى الجلسة الافتتاحية، والجلسة رفيعة المستوى تحت عنوان “التحول الصناعى وتحديث الزراعة والتنمية الخضراء”، والمؤتمر الثامن لرواد الاعمال الصينيين والافارقة، فضلاً عن مقابلات ثنائية عديدة لسيادته سواء على الصعيد الرسمى أو على صعيد رؤساء وممثلي الشركات الصينية الكبرى، فضلاً عما شهده سيادته خلال الزيارة من توقيع لعدد من مذكرات التفاهم مع شركات صينية للتعاون في عدة مجالات.
وتؤكد مصر فى هذا الاطار دعمها لتفعيل مخرجات الفوكاك لاسيما اعلان بكين وخطة عمل بكين 2025-2027، كونهما يتضمنان الرؤى والخطط المشتركة لتعزيز التعاون الصيني الأفريقي في عدة مجالات لعل أبرزها: الحداثة والحوكمة والحد من الفقر ودعم التصنيع والطاقة والتجارة وتسريع التحديث الزراعي والصناعى في أفريقيا، وكذا تعزيز التعاون فى مجالات التنمية والتجارة والاستثمار وتمويل خطط التنمية وتخفيف اعباء الديون ومشروعات البنية التحتية في القارة الأفريقية، فضلاً عن مجالات السلم والأمن والتعليم والثقافة وغيرها. وبما يساعد على دفع جهود تحقيق التنمية الشاملة في أفريقيا. وإن مصر عازمة على استمرار التعاون والتنسيق المشترك مع الصين وأشقائنا في الدول الأفريقية من أجل تنفيذ مخرجات قمة الفوكاك، وبما يسهم في الارتقاء بمستوى العلاقات الصينية الأفريقية وتلبية تطلعات الشعوب الأفريقية نحو تحقيق التنمية والازدهار والسلام والاستقرار.
السيدات والسادة
لايفوتنى فى هذا الصدد الاشادة بالمبادرات والشراكات العشر التي أعلن عنها فخامة الرئيس “شي جين بينج”، رئيس جمهورية الصين الشعبية، في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية لقمة الفوكاك فى 5 سبتمبر الجارى، تجاه تعزيز العلاقات الصينية ـ الأفريقية في العديد من المجالات لاسيما الحوكمة والتجارة والصناعة والترابط والتواصل والتعاون الانمائى والزراعة والتواصل الشعبى والثقافى والتنمية الخضراء والامن. ولعل اعلان فخامة الرئيس “شى جين بينج” أنه – من أجل تنفيذ هذه الشراكات” فإن حكومة بلاده ستقدم 52 مليار دولار لافريقيا خلال السنوات الخمس المقبل (يتم تقسيمها الى 30 مليار لخطوط الائتمان و11 مليار مساعدات تنموية و10 مليار لاستثمارات الشركات الصينية فى القارة) ما يعكس حرص جمهورية الصين الشعبية على تفعيل وتنفيذ الشركات العشر التى تم الاعلان عنها.
إن القارة الإفريقية في حاجة إلى شراكة حقيقية مع الصين التي نجحت في تحقيق طفرة تنموية واقتصادية وقدمت نموذجاً يحتذى به فى الحد فى الفقر. وقد عبر قادة الدول الافريقية خلال القمة عن أولويات القارة فى الشراكة مع الصين وأبرزها التطلع لجذب المزيد من الاستثمارات الصينية لدول القارة فى مجالات الزراعة والصناعة والطاقة المتجددة والتأقلم مع تأثيرات تغير المناخ، وكذا التطلع للتعاون مع الجانب الصينى فى بناء منظومة زراعية وغذائية عادلة ومستدامة لضمان تنمية اقتصادية مستدامة تساهم فى تحقيق الامن الغذائى والحد من مستويات الفقر فى القارة، فضلاً عن التطلع لمساعدة الصين فى مواجهة مشكلات الديون التى تواجه القارة الافريقية.
الحضور الكريم
تتطلع مصر الى التعاون مع جمهورية الصين الشعبية لتنفيذ مخرجات قمة الفوكاك الاخيرة سواء فى الاطار الثنائى من خلال تفعيل ما تضمنه اعلان بكين وخطة عمل بكين من مجالات تعاون ومشروعات ومبادرات فى العديد من المجالات، والتى تتسق كذلك مع ما تضمنه البيان المشترك بين مصر والصين بشأن تعميق علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة، والذى صدر فى مايو 2024 خلال زيارة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى لبكين. وكذا فى الاطار القارى، من خلال تفعيل ما تضمنه اعلان بكين حول التعاون مع الصين لاسيما فى المجالات ذات الاولوية التى حددتها الخطة العشرية الثانية لتنفيذ أجندة 2063، وضعاً فى الاعتبار رئاسة السيد الرئيس/ عبد الفتاح السيسي للجنة التوجيهية لرؤساء دول وحكومات وكالة الاتحاد الافريقي للتنمية – النيباد، الذراع التنفيذي التنموي للاتحاد الأفريقي، وسعى مصر لتوظيف فترة رئاستها لتسريع وتيرة تنفيذ الأهداف التنموية للاتحاد الأفريقي المتضمنة في أجندة ٢٠٦٣ ، وخاصة فيما يتعلق بتطوير نظام للربط القاري في مجال البنية التحتية لتسهيل التجارة والتبادلات تحت مظلة منطقة التجارة الحرة القارية الافريقية، مثل مشروع الربط الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط VIC MED ، والذي يتولى السيد الرئيس ريادته في إطار البرنامج الرئاسي لريادة البنية التحتية الأفريقي PICI، بالإضافة إلى مشروع طريق القاهرة- كيب تاون، ومشروع سد انجا، فضلاً عن استكمال شبكة الربط الكهربائي بين مختلف أنحاء القارة، إيماناً بمحورية مثل هذه المشروعات في دفع جهود التكامل الاقتصادي والاندماج القاري.
كما نتطلع كذلك إلى التعاون مع الجانب الصينى فى اطار الفوكاك قارياً فى مجال السلم والامن، وذلك فى اطار ريادة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى لملف اعادة الاعمار والتنمية مابعد النزاعات فى القارة الافريقية، لاسيما من خلال تعزيز التعاون مع مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام، وبخاصة فى ضوء الأنشطة التي يضطلع بها المركز في إطار تبنى مقاربة ثلاثية للربط بين مفاهيم الأمن والسلم والتنمية المستدامة وتوائمه مع المنظور الأفريقي PSD Nexus، وكذا امكانية تعاون الصين مع مركز الاتحاد الأفريقي لإعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات والذى تستضيفه القاهرة، وبخاصة فى تنفيذ مشروعات مشتركة في إطار أنشطة المركز، فضلاً عن التعاون في مجالات أخرى منها التنمية الخضراء من خلال الاستفادة من استضافة مصر لمقر مركز المرونة والتكيف مع التغيرات المناخية التابع لوكالة (النيباد)، والتعاون في تنفيذ أنشطة مشتركة في إطار عمل المركز، والاستفادة من المبادرات المصرية التي تم بلورتها خلال مؤتمر COP 27 الذي استضافته مصر فى عام 2022 ومنها مبادرات FASTو AWARe، وكذا التعاون فى مجال الفضاء والاستشعار عن بعد والابتكار الرقمي من خلال الاستفادة من استضافة مصر لمقر وكالة الفضاء الأفريقية وتقديم الدعم لأنشطة الوكالة، وغيرها من مجالات التعاون العديدة التى تضمنتها مخرجات قمة الفوكاك.
وختامًا، اسمحوا لي أن أغتنم هذه الفرصة للتأكيد على اعتزازنا بالدور البنَاء والايجابي للحكومة الصينية في القارة الأفريقية أملًا أن يتم ترجمة المبادرات والشراكات العشر التى أعلن عنها فخامة الرئيس الصينى إلى واقع عملي ملموس، وهو الأمر الذى سوف يساهم فى تلبية تطلعات الشعوب الأفريقية نحو تحقيق التنمية والازدهار والسلام والاستقرار، وتعظيم الاستفادة من القدرات الأفريقية الكامنة في شتى مجالات التعاون المتاحة. وشكراً
يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل