ابتكر باحثون من كلية الطب بجامعة كاليفورنيا، أداة تقييم صحي نفسي جديدة تعتمد على الحاسوب، قد تمكن الأطباء من تحديد اضطرابات القلق والاكتئاب لدى الأطفال قبل العمليات الجراحية بسرعة وفعالية.
وبحسب البحث المنشور خلال فعاليات الاجتماع السنوي لأطباء التخدير والمنعقد في ولاية بنسلفانيا الأميركية، أظهر البحث أن أكثر من نصف الأطفال الذين خضعوا للفحص باستخدام هذه الأداة كانوا يعانون من القلق، وأن أكثر من ثلثهم كانوا يعانون من الاكتئاب.
وأظهرت نتائج الدراسة التجريبية، نسبة كبيرة من انتشار هذه الاضطرابات النفسية في هذه الفئة من المرضى.
ويقول الباحثون إن القلق والاكتئاب قد يتسببان في مضاعفات نفسية، خاصة لدى الأطفال الذين قد يشعرون بتوتر شديد قبل الخضوع للجراحة، وهو ما قد يزيد من تفاقم هذه الاضطرابات أثناء العملية الجراحية.
والأداة المعروفة باسم K-CAT يمكن أن تمثل نقلة نوعية في مجال تقييم الصحة النفسية لدى الأطفال والمراهقين. وصُممت هذه الأداة لتقديم تقييم سريع ودقيق لمجموعة واسعة من الاضطرابات النفسية الشائعة في هذه الفئة العمرية، مما يسهل عملية تشخيص الحالات وتوجيه الأطفال إلى الرعاية المناسبة.
وقام الباحثون في الدراسة، باختبار أداة التقييم النفسي التي تعتمد على الحاسوب، على الأطفال في المرحلة التحضيرية قبل العمليات الجراحية.
وتستخدم هذه الأداة على جهاز لوحي، وتتيح التقييم الفوري لحالات القلق والاكتئاب دون الحاجة إلى إجراء مقابلات من قبل مختص نفسي. تم إجراء الدراسة على 65 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 7 و18 عاماً كانوا مهيئين لجراحات اختيارية في مستشفى كبير للأطفال، واستغرقت عملية التقييم في المتوسط دقيقتين و13 ثانية.
أظهرت النتائج أن 57% من الأطفال الذين خضعوا للتقييم تم تشخيصهم باضطرابات القلق، بينما 34% تم تشخيصهم بالاكتئاب. وعلقت الدكتورة سارة نظام الدين، المؤلفة المشاركة للدراسة، أن القدرة على التقييم السريع لهذه الحالات تتيح للأطباء تقديم خيارات علاجية لتقليل التوتر قبل وبعد العمليات، مما يحسن من تجربة الأطفال أثناء الجراحة. ودعت إلى إجراء مزيد من الدراسات لتحديد كيفية استخدام هذه المعلومات بشكل فعال لتحسين الرعاية النفسية للأطفال خلال فترة الجراحة.
أسئلة متدرجة
وتتميز الأداة بسرعة إنجاز التقييم، حيث لا يتجاوز متوسط وقت الإجابة عن الأسئلة 7.56 دقيقة للطفل و5.03 دقيقة للوالدين أو مقدم الرعاية. كما تتميز بدقتها العالية في القياس، وذلك بفضل استخدام تقنية التقييم التكيفي التي تضمن اختيار الأسئلة المناسبة لكل فرد بناءً على إجاباته السابقة.
تعتمد تقنية التقييم التكيفي على مجموعة كبيرة من الأسئلة التي تغطي نطاقاً واسعاً من المهارات والمعارف. يبدأ الاختبار بسؤال متوسط الصعوبة، وبناءً على إجابة المتعلم، يتم تحديد السؤال التالي. إذا أجاب المتعلم بشكل صحيح، يتم تقديم سؤال أكثر صعوبة، وإذا أجاب بشكل خاطئ، يتم تقديم سؤال أسهل. بهذه الطريقة، يستمر الاختبار في التكيف مع مستوى المتعلم، حتى يتم الحصول على صورة دقيقة لمستواه الحقيقي.
وأحد ميزات تلك الأداة، هي سهولة استخدامها، إذ يمكن إجراؤها عبر الإنترنت، مما يجعلها متاحة في أي وقت ومن أي مكان.
ويمكن أن تغطي الأداة، مجموعة واسعة من الاضطرابات النفسية الشائعة عند الأطفال والمراهقين، بما في ذلك الاكتئاب والقلق والتوحد واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. بالإضافة إلى ذلك، تتوفر الأداة بلغات متعددة، بما في ذلك العربية والإنجليزية، مما يوسع من نطاق تطبيقها.
وبحسب العلماء؛ يمكن أن تساعد الأداة على تحديد الحالات التي تحتاج إلى تدخل طبي مبكر، مما يساهم في تحسين جودة حياة الأطفال والمراهقين.
ويمكن استخدام هذه الأداة في العديد من البيئات، بما في ذلك المدارس والعيادات والمؤسسات الاجتماعية. فعلى سبيل المثال، يمكن للمدارس استخدام هذه الأداة لتحديد الطلاب الذين يحتاجون إلى دعم نفسي إضافي، ويمكن للعيادات استخدامها لتشخيص الاضطرابات النفسية وتوجيه الأطفال إلى العلاج المناسب.