03:53 م – الجمعة 1 نوفمبر 2024
في منطقة وادي “أومو” بجنوب إثيوبيا، تتربع قبيلة بودي التي تُعرف بتقاليدها وعاداتها التي تحيي مفاهيم الجمال والقوة عبر طقوس غريبة وفريدة من نوعها.
يتميز “مهرجان كايل” السنوي لهذه القبيلة بأنه أكثر من مجرد احتفال عادي؛ إنه سباق لتحطيم المقاييس الثقافية للجمال وتكريم للبنية الجسدية التي تعتبرها القبيلة مثارًا للفخر والاحترام. التحضير لمهرجان “كايل”: طقوس التحوليبدأ التحضير لمهرجان “كايل” سنويا قبل ستة أشهر من موعده المحدد، حيث تختار كل عشيرة شابًا يمثلها في هذه المنافسة. يتعين على المرشح الابتعاد عن الأنشطة اليومية والعيش في عزلة تامة، محظورًا عليه ممارسة أي نشاط جسدي أو أي اتصال اجتماعي، حيث يتفرغ لنظام غذائي صارم يعتمد على خليط من اللبن الطازج ودماء الأبقار.الملفت للنظر هو الكميات الهائلة من اللبن والدم التي يتناولها المشاركون بشكل يومي. يبدأ اليوم مع شروق الشمس، حيث يُقدم للمشاركين أول وعاء يحتوي على لترين تقريبًا من الدم واللبن، يتبعه المزيد من الأوعية على مدار اليوم. هذه الحمية الغذائية مصممة بعناية لتحفيز زيادة الوزن بسرعة، وتتركز الجهود على تضخيم منطقة البطن، والتي تعتبر معيارًا للوسامة والقوة في نظر القبيلة. يوم الاحتفال: عرض الجمال والقوةمع حلول يوم المهرجان، يظهر الرجال الذين خاضوا هذه التجربة الصعبة ليعرضوا أجسادهم أمام أفراد القبيلة. يُغطى الرجال بالطين والرماد ليبرزوا تضاريس أجسادهم المكتنزة تحت أشعة الشمس الحارقة. يعتبر هذا اليوم مناسبة اجتماعية وثقافية مهمة، إذ تتجمع القبيلة بأكملها لمشاهدة وتكريم الشاب الذي حقق أكبر حجم للبطن. يبدأ العرض بالرقص حول شجرة مقدسة، حيث يشارك المتسابقون في جولة دائرية، وتقوم نساء القبيلة بإزالة العرق عنهم وتغذيتهم بأوعية إضافية من اللبن. ويتجمع شيوخ القبيلة والجمهور لتقييم أجساد المتسابقين واختيار الفائز، حيث يحصل الرجل صاحب “أكبر بطن” على لقب “أضخم رجل” في العام، ويكسب مكانة مرموقة واحترامًا كبيرًا بين أفراد القبيلة. رمزية الاحتفال وأبعاده الثقافية لا يقتصر مهرجان “كايل” على البعد الترفيهي فقط؛ بل يعكس احتفالًا برمزيات اجتماعية وثقافية تتعلق بالجمال والصحة والثروة. في مجتمع بودي، يعتبر حجم الجسم مقياسًا للقدرة والعزيمة، كما يرمز إلى الثروة والقوة. تعتقد القبيلة أن هذه الكتلة الجسدية هي انعكاس لصحة الرجل وقوة عشيرته. ويُعتبر اللقب الذي يُمنح للفائز شرفًا كبيرًا، يجعله بطلًا محليًا ورمزًا للقدرة التي تتجاوز مجرد الشكل الخارجي إلى معنى أعمق من القوة والتماسك الاجتماعي. ومع تطور الحياة، يظل مهرجان “كايل” جزءًا لا يتجزأ من هوية قبيلة بودي، التي تعطي للرجال البطن الضخم أهمية تتجاوز حدود المظهر الخارجي لتشمل اعتبارات الاحترام والقوة.