Site icon العربي الموحد الإخبارية

شبح تكرار النوبة القلبية يؤرق الناجين ويؤثر على صحتهم

أظهرت دراسة حديثة أن الخوف من حدوث نوبة قلبية أخرى، يُعد عاملاً مهماً ومستمراً يؤثر على كيفية تقييم الناجين من النوبات القلبية لحالتهم الصحية.
ومن المتعارف عليه بحثياً، معاناة الناجين من النوبات القلبية من الاكتئاب أو القلق، إلا أن الدراسات التي ترصد تأثير الإجهاد النفسي وكيف قد يؤثر الخوف من نوبة قلبية أخرى على التعافي العقلي والعاطفي للمرضى، قليلة للغاية.
وأظهرت الدراسة أن الخوف من التعرض لنوبة قلبية ثانية له تأثير كبير على تصور الفرد لمرضه، ومستوى التوتر الذي يشعر به. 
ويقول الباحثون إن الخوف القوي من تكرار النوبة يؤثر على حياة الناجين بشكل ملحوظ، إذ يزيد من قلقهم المستمر بشأن صحتهم، ويجعلهم يشعرون بعبء نفسي حتى بعد مرور عدة أشهر على نجاتهم من النوبة الأولى.

وجرى متابعة المشاركين على مدار فترة زمنية بلغت حوالي ثمانية أشهر بعد النوبة الأولى، مع وجود ستة أسابيع بين استبيانين متتاليين. 
وقد أظهرت النتائج أن الخوف من تكرار النوبة القلبية كان قوياً عند متابعة المشاركين بعد ستة أشهر من النوبة، ولا يزال هذا الخوف بنفس القوة بعد ثمانية أشهر، مما يدل على أن هذا الشعور لا يتلاشى مع الوقت القصير نسبياً بعد النوبة، بل يستمر لفترة طويلة ويشكل جزءاً من التحديات التي تواجه الناجين.
شملت الدراسة 171 شخصاً بالغاً بمتوسط عمر يبلغ 39 عاماً، إذ كانت نسبة النساء 69% من المشاركين، وتمثلت التركيبة العرقية للمجموعة في أن 41% منهم عرّفوا أنفسهم كبيض، و33% كأشخاص من ذوي البشرة السوداء، و6.4% كأشخاص من أصل إسباني أو لاتيني، و5.3% كأميركيين أصليين أو من سكان ألاسكا الأصليين، و4.1% كآسيويين، و2.3% كأشخاص من سكان هاواي أو جزر المحيط الهادئ، بينما فضل 2.9% عدم الإجابة. 
تم جمع معظم المشاركين من خلال إعلانات على منصة “فيسبوك”، بينما تم تجنيد 17 مشاركاً من خلال مركز لعلاج الإصابات الخطيرة في منطقة الغرب الأوسط للولايات المتحدة.
وأشار 33% من المشاركين إلى استخدامهم للتبغ حالياً، أوضحت الدراسة أن 59% منهم لم يصلوا إلى الحد الموصى به من النشاط البدني، وهو 150 دقيقة أسبوعياً.
استبيانات نفسية
وقال ثلث المشاركين إنهم يحافظون على استهلاك الدهون والصوديوم بشكل منتظم خلال معظم أيام الأسبوع، بينما بلغ متوسط استهلاك الكحول بين المشاركين 1.35 مشروباً أسبوعياً، على الرغم من ذلك، حضر 26% فقط من المشاركين على الأقل جلسة واحدة من إعادة التأهيل القلبي.
من الناحية الصحية، أشار 46.2% من المشاركين إلى معاناتهم من ارتفاع ضغط الدم، و44.4% من داء السكري من النوع الثاني، وهما من أكثر الحالات الصحية انتشاراً بينهم، بينما أشار 62% من المشاركين إلى عدم وجود تاريخ عائلي لنوبات قلبية مفاجئة.
أكمل المشاركون استبيانات نفسية قياسية عبر الإنترنت، شملت استبيان الإدراك المختصر للمرض، واستبيان الخوف من التقدم، ومقياس التوتر المكون من 10 عناصر، ومقياس القلق والاكتئاب المكون من 21 عنصراً.
وحلل الباحثون التأثير المحتمل لعوامل مثل الاكتئاب والقلق والاختلافات الديموغرافية والسلوكيات المتعلقة بمخاطر أمراض القلب على الخوف من تكرار النوبة القلبية ومستويات التوتر المدرك.

ويقول الباحثون إن الخوف لم يتأثر بمستويات القلق أو الاكتئاب التي يعاني منها المشاركون؛ فعند التحكم في هذه العوامل النفسية، استمر تأثير الخوف من تكرار النوبة على تصور المرض ومستوى التوتر بنفس القوة، مما يشير إلى أن هذا الخوف هو عامل مستقل؛ يجب معالجته بشكل منفصل عن حالات القلق والاكتئاب التي قد تكون شائعة بعد الأزمات الصحية.
بلغ متوسط استهلاك الكحول حوالي 1.35 مشروب أسبوعياً، مع نطاق يتراوح بين 1 إلى 6 مشروبات، مما يشير إلى أن زيادة استهلاك الكحول قد يرتبط بزيادة الخوف من تكرار الأزمة القلبية والتوتر المتعلق بها.
ويقول الباحثون إن ذلك الخوف “يجب أن يؤخذ على محمل الجد” في خطط العلاج النفسي والبدني الخاصة بالناجين من النوبات القلبية.
زيادة التوتر
ووجد الباحثون علاقة بين استهلاك الكحول والخوف من النوبة المتكررة؛ على الرغم من أن استهلاك الكحول كان منخفضاً بين جميع المشاركين، إلا أن الأفراد الذين يتناولون الكحول بكميات أكبر كانوا أكثر عرضة للشعور بالخوف وزيادة مستويات التوتر. 
قد تشير هذه النتيجة إلى أن استهلاك الكحول قد يسهم في تفاقم المخاوف المرتبطة بتكرار النوبة القلبية.
ولم يظهر الالتزام بالتوصيات الغذائية أو الامتناع عن التدخين أو ممارسة الرياضة تأثيراً كبيراً على معدلات الخوف أو التوتر بين المشاركين، ويدل ذلك على أن الخوف من النوبة المتكررة قد لا يكون مرتبطاً بشكل مباشر بالسلوكيات الصحية التقليدية، بل ربما ينبع من عوامل أخرى تتعلق بتجربة النوبة القلبية نفسها والانطباع الذي تتركه في نفوس الناجين.
وقالت مؤلفة الدراسة الرئيسية “سارة زفونار” الباحثة في كلية الطب بجامعة إنديانا: “أردنا فهم وجهات نظر الناجين حول إمكانية تعرضهم لنوبة قلبية أخرى، وتحليل تأثير العوامل الديموغرافية والسلوكية الصحية، وكذلك تصورات المرضى حول مرضهم، على هذا الخوف”.
وأوضحت “زفونار” أن الرعاية الصحية غالباً ما تركز على القلق والاكتئاب فقط، ويعالج الأطباء تلك الحالات عادةً عبر أدوية مضادة للاكتئاب، مما قد يغفل مشكلة الخوف من تكرار النوبة، وهو عامل يُشغل بال الكثير من المرضى. 

Exit mobile version