12:56 م – السبت 9 نوفمبر 2024
عندما يبحر القبطان في خليج بيسكو على ساحل بيرو، يظهر له شكل ثلاثي الأذرع، محفور بعمق على سفوح شبه جزيرة باراكاس، وكأنه نداء من زمن بعيد. “شمعدان باراكاس” ليس مجرد رسم على الأرض، بل هو لغز ثقافي منسوج بين حضارة باراكاس القديمة والأساطير التي تعبر الأجيال.
يقع “شمعدان باراكاس” على أحد منحدرات شبه جزيرة باراكاس ، ليبقى شاهدًا صامتًا على حضارة قديمة منذ أكثر من ألفي عام. يمتد هذا النقش الأرضي العملاق على طول 181 مترًا ويبلغ عمقه نحو 0.61 متر، مما يجعله مرئيًا بوضوح من مسافة تصل إلى 12 ميلاً في البحر، ويُقال إنه يعود إلى حوالي عام 200 قبل الميلاد. ومع بساطة تصميمه الذي يشبه شمعدان ثلاثي الأذرع، يظل الغرض من هذا النقش الغامض موضع نقاش وجدل بين العلماء والباحثين. ترتبط العديد من الأساطير والنظريات بشمعدان باراكاس، من بينها أنه كان علامة ملاحية للبحارة القدماء، مما يعزز فكرة أن الشعوب القديمة قد تكون استخدمته كوسيلة توجيهية للسفن العائدة إلى السواحل البيروفية. وفي الوقت نفسه، هناك نظريات تشير إلى أن الشمعدان قد يمثل رمح الإله فيراكوتشا، بحسب ثقافات الأنديز القديمة. يجسد الرمز في هذه النظرية صلة وثيقة بين الإنسان القديم والقوى الروحية، حيث يُعتقد أن باراكاس كانت مكانًا لممارسات دينية قديمة ترتبط بعادات وثقافات قديمة. أحد الأفكار الغريبة المطروحة هي أن النقش قد يشير إلى نبات “الداتورا” ذو الخصائص الهلوسية، والذي كان يستخدم في الطقوس الروحية، ليصبح الشمعدان رمزًا لرحلات النفس والغوص في العوالم الأخرى. على الرغم من هذه الافتراضات المتعددة، لا توجد دلائل قطعية تثبت أيًا من هذه النظريات، مما يجعل الشمعدان أحد أعظم ألغاز الحضارات القديمة في أمريكا الجنوبية. يستمر الشمعدان في جذب العلماء والسياح الذين يأتون للبحث عن إجابات قد لا تكشفها الأرض أبدًا، ليظل شاهدًا على ثقافة باراكاس وآثارها التي عبرت الزمن وظلت غارقة في الغموض حتى يومنا هذا.