Site icon العربي الموحد الإخبارية

“دكان البهجة”.. قصة نجاح من على كرسي متحرك

07:33 م – الخميس 12 ديسمبر 2024

كتب

داليا عبد المعز

في غرفة صغيرة مليئة بالكتب، والأدوات الملونة، وألعاب الأطفال التعليمية، تجلس نورا خلف شاشة هاتفها تعمل بلا كلل. صوت ضحكتها يملأ المكان، وابتسامتها تخبرك أن هذه الفتاة لا تعرف المستحيل.
نورا أشرف، طالبة في الفرقة الرابعة بكلية العلوم، قسم علوم الحاسب. تعيش في طنطا. منذ ولادتها، وهي تواجه مرض العظم الزجاجي، الذي فرض عليها الاعتماد على الكرسي المتحرك. ورغم ذلك، رفضت الانحناء أمام الصعاب، وقررت أن تصنع عالمًا يفيض بالأمل، من خلال مشروعها مكتبة “دكان البهجة.”دكان البهجةبداية الحلم بثلاثة آلاف جنيه” مفيش مانع أن الإنسان يشتغل وهو بيدرس”، هكذا بدأت نورا حديثها مع “بوابة روزاليوسف”، عن بداية مشروع دكان البهجة. فرغبتها المستمرة في العمل، التي كانت ترادوها منذ سنوات، دفعتها للعمل في إدارة صفحات ومجموعات متخصصة في بيع الأدوات المكتبة والمنتجات التعليمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وهو ما مهد لها الطريقة لفكرة المشروع . تقول نورا: “من خلال عملي في إدارة صفحات الأدوات المكتبية والتعليمية، اكتسبت خبرة كبيرة في هذا المجال، مما فتح لي الطريق لبدء مشروعي الخاص لبيع الأدوات المكتبية عبر الإنترنت تحت اسم ‘دكان البهجة’. شعرت حينها أن طريقي قد بدأ “. لا شك أن مرض العظم الزجاجي جعل كل خطوة في حياة نورا مليئة بالصعوبات، لكنه أيضًا صقل شخصيتها ومنحها قدرة خاصة على مواجهة التحديات. ورغم كل العقبات، قررت البدء في مشروعها. تقول نورا:” بدأت المشروع بـ3 آلاف جنيه، اشتريت بهم شحنة من الكشاكيل. وساعدتني خبرتي السابقة  في مجال المكتبات، على التفاوض والبيع والشراء، والتعامل مع العملاء”. وبعدها، أطلقت نورا أول منتجاتها الذي يحمل اسم”بالقرآن نرتقي”، مستهدفة تعليم الأطفال أسماء سور القران بطرق جذابة ومسلية، عن طريق تلوين اسم السورة لتساعدهم على تذكرها. ومن هنا توالت الأفكار . دكان البهجة.. تجربة تربوية مليئة بالفرحمكتبة دكان البهجة  ليست مجرد مكتبة، بل هي تجربة تهدف إلى إدخال الفرح في حياة الأطفال.  تقول نورا: “أركز على تقديم منتجات تنمي المهارات الحياتية والدينية للأطفال والناشئين، بالإضافة إلى كتب تربوية وأسرية، ومنتجات خاصة بالتخطيط والتدوين “.  وتؤكد نورا، أنها تتعاون مع 10 شركات مصرية، إلى جانب امتلاكها 400 صنف من المنتجات المستورة، التي تتميز بجودة عالية وأسعار مناسبة. كما تقدم المكتبة خيارات دفع متنوعة لتسهيل التعامل مع العملاء.من منتجات دكان البهجةتحديات مستمرة ..وحلم لا يتوقفبالطبع، لم تكن الرحلة سهلة، حيث تواجه نورا العديد من التحديات في إدارة مشروعها مع استكمال دراستها الجامعية، إلى جانب قلة الموارد المالية. تقول نورا: “في البداية، لم يكن أهلي متحمسين لفكرة المشروع، لكنني قررت أن أبدأ تحت أي ظروف. فأنا لا أريد أن أكتفي بالقليل”. كما تعد قلة الإمكانيات المالية، خاصة في مجال الدعاية والإعلان، من أكبر الصعوبات التي تواجهها. “أواجه صعوبة كبيرة في الترويج لمشروعي، فالإعلانات تتطلب ميزانية أكبر بكثير من قدرتي المالية . نعم.. أنا صاحبة إعاقةنورا لا تهتم كثيرًا بالمسميات، ولا تولي لها اهتمامًا كبيرًا. فهي لا تنزعج من مصطلح ‘ذوي الإعاقة’، مؤكدة أن قيمة الإنسان تكمن في جوهره الداخلي.  تقول نورا: ” أحب أن يُحكم على المرء من خلال صفاته، نعم أنا أعاني من إعاقة، ولا أرى في المصطلح ما يدعو للخجل. وكل شيء يعيق الإنسان عن ممارسة حياته بشكل طبيعي يُعد إعاقة، وهذه حقيقة لا بأس بها. الأهم هو دعم الأشخاص ذوي الاعاقة، والحفاظ على حقوقهم.” نافذة للاستقلال واكتشاف الذات”جعلني أشعر بأنني أنثى مكتملة”، بهذه العبارة وصفت نورا الأثر الإيجابي الذي أحدثه مشروع “دكان البهجة” على حياتها وشخصيتها. فالمشروع لم يكن مجرد مصدر دخل، بل كان نافذة للتعبير عن ذاتها والشعور بدورها كفتاة لها مكانة في المجتمع. تقول نورا: للأسف، المعاقة تُعامل كأنثى من الدرجة الثانية، وربما أقل. لكن مشروعي جعلني أدرك قيمتي كامرأة قادرة على العمل والإنتاج وتحقيق الاستقلال المادي. كما أن مشروع “دكان البهجة” لم يقتصر على تعزيز ثقة نورا بنفسها، بل ساعدها على اكتساب مهارات متنوعة، من التسويق والتجارة إلى فنون التواصل مع العملاء. كما فتح لها آفاقاً جديدة، إذ اكتسبت ثقافة واسعة عن الأمومة والإرشاد الأسري، وهو مجال تطمح إلى التخصص فيه بعد التخرج. وتضيف نورا: “شعرت بعد دكان البهجة باستقلاليتي، وارتفع مستوى الرضا لدي.”من منتجات دكان البهجةرؤية للمستقبلترى نورا في مشروعها بداية لمشوار طويل ملئ بالأمل والطموح . تقول:” أتمنى أن أحصل على الدعم اللازم، لتطوير مشروعي، والقيام بما يحتاجه من إعلانات ودعايا، ليصل إلى شريحة أكبر، وينتشر على نطاق أوسع .وعلى المستوى الشخصي، تطمح نورا، إلى دراسة التسويق وإدارة الأعمال بعد التخرج من الجامعة، وتضع نصب عينيها أن  تصبح معلمة قرآن للأطفال.مناشدة عاجلةوجهت نورا مناشدة عاجلة لكل من يهمه الأمر لدعم مشروعها، على أمل أن تتمكن من إثبات نفسها، وتحقيق حلمها الذي تسعى إليه بكل إصرار.كما أعربت عن رغبتها في استكمال علاجها من مرض العظم الزجاجي، حيث تواجه صعوبات كبيرة في السفر إلى القاهرة باستخدام الكرسي المتحرك، مما يعوقها عن إجراء العمليات الضرورية واستكمال رحلتها العلاجية. رسالة نوراتلخص نورا رسالتها في عبارات محفزة تقول فيها:” الإعاقة الحقيقة ليست في الجسم، لكنها في الاستسلام، فلا تدع نجاحك ينسيك لحظات الفشل التي صنعتك، ولا تجعل إخفاقاتك تنسيك نعم الله التي تحيط بك.”مؤكدة أهمية أن يسعى الإنسان بكل قوته في أمور دينه، بينما يتحلى بالتأني والصبر في أمور دنياه .قائلة :”لسنا في سباق مع أحد فلا داعي الاستعجال “.وتختتم نورا حديثها بالدعوة إلى  توعية الأهل بكيفية التعامل مع الإعاقة، من خلال مراكز التأهيل، مع ضرورة وجود متخصصين نفسيين مع الأمهات لمساعدتهن على تربية أطفالهن من ذوي الإعاقة بشكل سليم.من منتجات دكان البهجةمنصة للتسوق والتوصيل لجميع المحافظاتتستقبل نورا الطلبات عبر صفحة المكتبة على مواقع التواصل الاجتمـاعي، التي تحمل اسم “دكان البهجة”، أو عن خلال الموقع الإلكتروني الخاصة بالمكتبة عبر الواتساب، كما تقدم المكتبة خدمة التوصيل إلى جميع المحافظات.وختامًا.. في كل خطوة جديدة من مشروع “مكتبة دكان البهجة”، تكتب نورا أشرف قصة نجاح تلهم كل من حولها. وبفضل شغفها وإصرارها، استطاعت أن تحول التحدي إلى مصدر قوة، وأن تصبح نموذجًا حيًا بين الشباب الساعي لتحقيق أحلامه.ورغم ذلك، لا تزال نورا تأمل في الحصول على الدعم اللازم لتطوير مشروعها والوصول به إلى آفاق أوسع. كما تطمح إلى استكمال علاجها من مرض العظم الزجاجي، لتواصل مسيرتها بإصرار أكبر، وتحول حلمها إلى واقع يلهم حياة الكثيرين.

Exit mobile version