12:04 م – الجمعة 20 ديسمبر 2024
مادة جديدة يكتشفها العلماء
كتب
شيماء حلمي
يعتقد فريق من الباحثين من سويسرا وفرنسا، إلى جانب علماء الفيزياء النظرية في كندا والولايات المتحدة، أنهم وجدوا دليلاً على ظاهرة كمومية نظرية تسمى السائل المغزلي الكمي.
في فيزياء المادة المكثفة، السائل المغزلي الكمي هو مرحلة من المادة يمكن تشكيلها عن طريق تفاعل السبينات الكمومية في مواد مغناطيسية معينة. ولوحظت هذه الظاهرة في مادة خاصة تسمى بيروكلور السيريوم ستانات، مما يفتح إمكانية اكتشافات جديدة في الفيزياء الأساسية وحتى اختراقات في تكنولوجيا الحوسبة الكمومية. ما هو السائل الكمي المغزلي؟ السائل المغزلي الكمي هو حالة نظرية خاصة للمادة تكون فيها الجزيئات المغناطيسية الصغيرة غير مستقرة في نمط ثابت، حتى في درجات حرارة منخفضة للغاية. بدلًا من أن تظل ثابتة، تتغير هذه السبينات باستمرار، مما يؤدي إلى إنشاء اتصالات غريبة ومعقدة تشبه تلك الموجودة في ميكانيكا الكم. وتحاكي هذه الخاصية الطريقة التي يتفاعل بها الضوء والجسيمات في الكون، ومع ذلك، فإن إثبات وجود السوائل الكمومية المغزلية كان دائمًا تحديًا كبيرًا في المجتمع العلمي. تتميز السوائل المغزلية الكمومية “QSLs” عادةً بالتشابك الكمي طويل المدى، والإثارة الجزئية، وعدم وجود ترتيب مغناطيسي منتظم. وكانت النظريات حول هذه الظاهرة موجودة منذ فترة طويلة، ولكن البيانات التجريبية المقنعة لا تزال بعيدة المنال، ومع حقيقة أن فريق بحث دولي لاحظ هذه الظاهرة لأول مرة يأتي بمثابة تقدم مهم. وقام فريق البحث الدولي بتطوير تجارب متطورة مثل تشتت النيوترونات واستخدم النماذج النظرية لاستكشاف هذه الحالة الغريبة للمادة. قال رومان سيبيل، المشرف على التجربة في معهد بول شيرير في سويسرا: “جسيمات المادة المجزأة، التي تم وضعها نظريًا منذ فترة طويلة في السوائل الكمية المغزلية، تتطلب تقدمًا كبيرًا في الدقة، ويمكن ملاحظة التجارب بشكل مقنع في هذا النوع من المواد”.تم اقتراح الحالة السائلة المغزلية الكمومية لأول مرة من قبل الفيزيائي فيل أندرسون في عام 1973 باعتبارها الحالة الأساسية لنظام الدوران على شبكة مثلثة تتفاعل بشكل مضاد مغناطيسيًا مع جيرانها القريبين، أي أن السبينات المجاورة تسعى إلى الانحياز في اتجاهين متعاكسين. وفي معهد لاوي لانجفين في جرونوبل بفرنسا، ساعدت تجارب تشتت النيوترونات التي أجريت على مطياف متخصص للغاية في جمع بيانات عالية الدقة للغاية. وقال أندريه نيفيدومسكي، الأستاذ المساعد في الفيزياء وعلم الفلك في جامعة رايس: “يعد تشتت النيوترونات أداة مهمة في تحليل سلوك السبينات في المغناطيس”. وشدد أيضًا على أن هذا الاكتشاف يمثل علامة فارقة مهمة، لأن إثبات السوائل الكمومية المغزلية واجه دائمًا العديد من العقبات ظاهرة الدوران وخصائصها الخاصة وفقًا لنظرية الكم، تمتلك الإلكترونات خاصية تسمى الدوران، والتي تجعلها تتصرف بشكل مشابه للقضبان المغناطيسية الصغيرة. عندما تتفاعل الإلكترونات، يمكن أن تكون دوراناتها متوازية أو معاكسة. ومع ذلك، في بعض المواد مثل البيروكلور، يمكن أن يتعطل هذا التفاعل، مما يؤدي إلى ظاهرة تسمى “الإحباط المغناطيسي”، وهذا هو الأساس لإنشاء سوائل كمومية تدور. ويوضح الباحثون أن هذا التأثير يتسبب في تداخل دوران الإلكترونات، مما يؤدي إلى خلق ارتباطات تشبه السوائل، ويحدث هذا عندما تتفاعل الإلكترونات من خلال إصدار وإعادة امتصاص الفوتونات – كميات الضوء. وبالمثل، في السوائل الكمومية المغزلية، تحدث التفاعلات بين المغزليات “الجسيمات المكافئة للسبينات” أيضًا في شكل تبادلات كمومية مشابهة للضوء. وأكد نيفيدومسكي أن: “التفاعل بين السبينونات يمكن وصفه بنفس الطريقة التي تتبادل بها الإلكترونات الفوتونات في نظرية الكم للضوء.. وهذا يفتح إمكانية دراسة حالات جديدة للمادة والجسيمات الغريبة”. ويبحث الفريق الآن عن ظواهر أخرى ذات صلة، بما في ذلك أحاديات القطب المغناطيسي، وهي فكرة نظرية ظهرت منذ عقود مضت. هذه الاكتشافات لا تعمق فهمنا للكون فحسب، بل لها أيضًا تطبيقات محتملة في مجال التكنولوجيا. وعلى سبيل المثال، يمكن أن تكون السوائل الكمومية المغزلية أساسًا لتطوير أنظمة الحوسبة الكمومية، وذلك بفضل قدرتها على معالجة المعلومات المعقدة بدقة عالية. وقال العلماء إن اكتشاف السوائل الكمومية المغزلية هو شهادة على قوة الجمع بين النظرية والتجربة في العلوم الحديثة، ومع التقدم التكنولوجي مثل تشتت النيوترونات والأدوات التحليلية المتقدمة، يقترب العلماء من فهم كيفية عمل المادة على المستوى الأساسي. يتوقع العلماء أنه يمكن في المستقبل البحث في السوائل الكمومية المغزلية مما يمهد الطريق لتطبيقات رائدة في العديد من المجالات، من المواد الجديدة إلى أنظمة معالجة البيانات المتقدمة.لا يعد هذا الإنجاز إنجازًا في الفيزياء الأساسية فحسب، بل يمثل أيضًا خطوة كبيرة إلى الأمام في رحلة الكشف عن أعمق أسرار الكون.