06:00 م – السبت 29 مارس 2025
جامع سنان باشا
يعد جامع سنان باشا أحد أقدم المساجد العثمانية في مصر، حيث يعد ثاني مسجد يتم إنشاؤه في العصر العثماني بالبلاد، يقع المسجد في شارع السنانية بمنطقة السبتية في حي بولاق بالقاهرة، وهو يعتبر مثالًا رائعًا على عمارة المساجد التركية.
منشئ الجامع: سنان باشا كان سنان باشا أحد ولاة مصر في العصر العثماني، تولى ولايته مرتين، في عامي 1567 و1571 ميلادي، كما شغل منصب “الصدر الأعظم”، وهو منصب يعادل حاليًا منصب رئيس وزراء في الدول الحديثة. اشتهر سنان باشا بمهاراته العسكرية والسياسية، وكان له دور كبير في قيادة المعارك العثمانية ضد الزيديين في اليمن، بالإضافة إلى فتح تونس وضمها إلى الدولة العثمانية بعد هزيمة الإسبان، ومن أبرز إنجازاته العمرانية في مصر كان إعادة فتح خليج الإسكندرية وإنشاء هذا المسجد الشامخ. تخطيط المسجد: يتميز مسجد سنان باشا بتصميمه الفريد الذي يتبع عمارة المساجد التركية، تبلغ أبعاد المسجد 35 مترًا طولًا و27 مترًا عرضًا، ويتوسطه قبة مركزية كبيرة محاطة بثلاثة أروقة من الجهات الشمالية والجنوبية والغربية، ورغم أن المسجد لا يحتوي على حرم مفتوح، ويطل مباشرة على النيل، إلا أن المهندس المعماري استعاض عن الفناء المكشوف بالأروقة الواسعة. وفي عام 1902، هدم السور الشرقي الذي كان يحيط بالجامع، ليصبح ما تبقى من أسواره شاهدًا على تاريخه العريق. الأروقة والقبة المركزية: يحتوي المسجد على أروقة تحيط بالقبة المركزية من جوانبها الثلاثة. تفتح الأروقة على القبة عبر ثلاثة أبواب واسعة، يبلغ عرض كل منها 8 أمتار، ويعلوها عقود مزخرفة بأشكال متنوعة من المقرنصات. وتعد القبة المركزية هي أبرز معالم المسجد، حيث يبلغ قطرها 15 مترًا، وهي مبنية من الحجر من الداخل ومن الطوب الأجر المتين من الخارج، فتحت في رقبتها 16 شباكًا تسمح بمرور الضوء الطبيعي داخل المسجد، ما يضفي عليه طابعًا روحانيًا وجماليًا. المحراب والزخارف: يعد المحراب من أبرز عناصر المسجد المعمارية، حيث يتوسط الضلع الشرقي للقبة، والمحراب محاط بعمودين رخاميين يحملان عقدًا مدببًا مزخرفًا بطريقة الصنجات المعشقة بشكل الأبلق، وتم تزيين بدن المحراب بالفسيفساء الرخامية المزخرفة بأشكال نجمية متعددة الألوان، بينما زخرفت طاقية المحراب بزخرفة الزجزاج بالألوان الصفراء والسوداء، ما يعكس الدقة العالية والذوق الرفيع في التصميم العثماني. المئذنة: تقع المئذنة في الركن الجنوبي الشرقي للمسجد، وهي من أبرز ملامح العمارة العثمانية، والمئذنة مرتفعة على قاعدة مربعة، ويعلوها بدن أسطواني مزخرف بستة عشر قناة من الخارج. بعدها، يتبعها الطابق الثاني الدائري، الذي ينفصل عن الطابق الأول بشرفة مزخرفة بنقوش محكمة، ويعلوها ثلاثة صفوف من المقرنصات والدلايات، وينتهي تصميم المئذنة بشكل مخروطي يشبه القلم الرصاص، وهو سمة مميزة في العمارة العثمانية. المزولة القيشانية: يوجد في المسجد مزولة قيشانية تقع في الجهة الجنوبية الغربية، وتم تصنيع هذه المزولة على يد الحرفي “حسن الصواف” عام 1862 ميلادي، وتعتبر من التفاصيل الدقيقة التي تزين المسجد.يروي جامع سنان باشا قصة عظيمة من تاريخ مصر العثماني، حيث يجمع بين الجمال المعماري والتاريخ العريق، وتصميمه الفريد والأناقة في زخارفه تجعله واحدًا من أبرز المساجد التي تجذب الزوار.