أكد وزير المالية محمد الجدعان أنه في إطار سعي الحكومة لتحقيق المستهدفات المالية، فستتم المحافظة على الأسقف المعتمدة للنفقات للعام المالي القادم 2022م وعلى المدى المتوسط، بما يعكس النهج المُتبع في السياسات المالية الداعمة لرفع كفاءة الإنفاق.
وأوضح في تصريح اليوم الخميس تعليقاً على البيان التمهيدي للميزانية العامة للدولة للعام المالي 2022 أن الدور الفاعل لصندوق الاستثمارات العامة والصناديق التنموية، وتقديم برامج التخصيص، وإتاحة مزيد من الفرص أمام القطاع الخاص للمشاركة في مشاريع البنية التحتية، بالإضافة إلى الاستمرار في تطوير إدارة المالية العامة، ستسهم في زيادة كفاءة وفاعلية مستويات الإنفاق.
معدلات العجز والسيطرة عليه:
وأشار إلى أنه بالرغم من استمرار جائحة كورونا وما تشهده من تحورات جديدة تؤثر على حركة الاقتصاد ومعدلات النمو وحجم الطلب العالمي، إلا أن السيطرة على معدلات العجز في الميزانية العامة لعام 2022م تسير بحسب المخطط له، حيث يُتوقع أن يبلغ هذا العجز نحــو 1.6% مــن الناتــج المحلــي الإجمالي، وبما يقدر بنحو 52 مليار ريال، لافتاً إلى أن هذا العجز يقدّر أن ينخفض تدريجياً في ظل التوقعات بتحقيق فوائض في الميزانية بدءاً من العام 2023م.
ونوّه إلى أن مبادرات تحفيز الاقتصاد ودعم القطاع الخاص ساهمت في سرعة استجابة الاقتصاد، ففي النصف الأول من عام 2021م سجل الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي نمواً قدره 5.4% مدعوماً بنمو الناتج المحلي للقطاع الخاص الذي سجل نموًا قدره 7.5%.
توقعات الناتج المحلي:
وأوضح أن التوقعات تشير إلى تسجيل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نموًا نسبته 2.6% خلال العام الحالي 2021م مدفوعًا بنمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بمعدل 4.2%، كما تشير إلى تحقيق الناتج المحلي الإجمالي للعام 2022م نمواً قدره 7.5% مدفوعًا بنمو الناتج المحلي غير النفطي وكذلك القطاع النفطي، نتيجة التوقعات لرفع حصة المملكة من الإنتاج النفطي ابتداءً من مايو 2022م حسب اتفاقية أوبك+، وأيضاً تعافي الطلب العالمي، وتحسن سلاسل الإمداد العالمية. كما يتوقع أن يستمر النمو الإيجابي للناتج المحلي على المدى المتوسط مدفوعاً بنمو القطاع غير النفطي.
وبين أن هناك العديد من العوامل التي من شأنها دعم معدلات نمو الناتج المحلي غير النفطي منها: استمرار التقدم في تنفيذ برامج ومشاريع تحقيق الرؤية، والمشاريع الكبرى، وتطوير القطاعات الواعدة في الاقتصاد، والتقدم في تنفيذ العديد من المبادرات المعززة للاستثمار، وتحفيز الصناعة والصادرات غير النفطية، بالإضافة إلى العودة التدريجية لبعض الأنشطة الرئيسة إلى معدلاتها قبل الجائحة، وكذلك تعافي الاقتصاد والطلب العالمي، واستمرارية التنفيذ التدريجي للإصلاحات الهيكلية على المدى المتوسط في إطار رؤية 2030.
استراتيجية الحكومة:
وأكد أن استراتيجية الحكومة ماضية في الحفاظ على الاستدامة المالية وتعزيز الوضع المالي للمملكة، حيث يستهدف أن يصل إجمالـي الديـن العـام خلال العام 2022م إلـى 989 مليـار ريـال، أي مـا نسـبته 31.3% مـن الناتـج المحلـي الإجمالي مقارنة بحوالي 30.2% في العام 2021م، مع وجود مرونة في التعاطي مع الاحتياجات التمويلية حسب تطورات الأسواق.
كما يقدر أن تنخفض نسبة الدين من الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى 27.6% في العام 2024م، مع توقع استقرار حجم الدين على المدى المتوسط، في ظل التوقعات بتحقيق فوائض في الميزانية، بدءاً من عام 2023م، وتوجيه الإصدارات إلى سداد أصل الدين، والحفاظ على معدلات مناسبة من الاحتياطيات الحكومية لتعزيز قدرة المملكة على التعامل مع الصدمات.
برنامج التحول الوطني:
ولفت إلى أن برنامج التحول الوطني ساهم منذ إطلاقه في تحقيق العديد من الإنجازات المهمة والمؤثرة في تطوير الأنظمة الحكومية، وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، مثل تطوير الخدمات العدلية، والارتقاء بالرعاية الصحية، وتحسين المشهد الحضري، وتطوير البنية التحتية للمملكة كإنشاء محطات لتحلية المياه المالحة، وتطوير شبكة الربط التكاملية لها، وتسهيل ممارسة الأعمال، والتوسع في التحول الرقمي والحلول التقنية، إلى جانب تنظيم سوق العمل وزيادة جاذبيته، وتمكين المرأة وزيادة مشاركتها في القوى العاملة، وتنمية القطاع غير الربحي، وتطوير القطاع السياحي.
وأشار الجدعان إلى أن برامج تحقيق الرؤية ساهمت في تمكين تملك الأسر السعودية للمسكن من خلال تسهيل إجراءات التملك باستحقاق فوري للحصول على القرض العقاري المدعوم، بالشراكة الفاعلة مع القطاع الخاص.
وبين أن برنامج الإسكان سيواصل خلال المرحلة القادمة جهوده لرفع نسبة تملك المسكن للوصول إلى نسبة 70% بحلول العام 2030م مقارنة بنسبة 62% في عام 2020م، من خلال خدمة شرائح أكبر من المجتمع واستهداف الفئات الأشد حاجة، وزيادة جاذبيته للاستثمار من قبل القطاع الخاص، مما يضمن استقراره واستدامته.
برنامج التخصيص:
وأوضح أن برنامج التخصيص يستهدف خلال العام 2022م الاستمرار في طرح فرص التخصيص، ودعم مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص على المستويين المحلي والدولي في العديد من القطاعات، أبرزها المياه والصحة والإسكان والإعلام.
كما يستهدف البرنامج زيــادة مســاهمة القطــاع الخــاص فــي الناتـج المحلـي الإجمالي مـن 40% إلـى 65% بحلـول عـام 2030م، مبيناً أنه من المتوقع استمرار نمو القطاع الخاص بوتيرة أعلى من السابق لقيادة النمو الاقتصادي وخلق الوظائف للمواطنين والمواطنات.
مبادرات وإصلاحات حكومية مستمرة:
واختتم وزير المالية تصريحاته بالتأكيد على أن الحكومة ستستمر خلال عام 2022م في تنفيذ المبادرات والإصلاحات المالية المعلن عنها خلال الأعوام الماضية وذلك استكمالاً لمسيرة الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي أجرتها الحكومة، بما يُسهم في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، إضافة إلى دعم مواصلة تنفيذ خطط التحول الاقتصادي للمملكة، وتمويل النفقات ذات البعد الاجتماعي.
ولفت إلى أن العمل جار على إعداد استراتيجية لمنظومة الدعم والإعانات الاجتماعية تحت مظلة مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، تعمل في ظل مسارين أساسين متوازيين أحدهما يركز على جانب تطوير السياسات المتعلقة بجانب برامج الدعم والإعانات، والمسار الآخر يركز على جانب الميزانية بما يضمن تحقيق الأولويات والأهداف الاستراتيجية للمنظومة.