يحيي الجزائريون الثلاثاء، الذكرى الـ41 للربيع الأمازيغي لمظاهرات العشرين من إبريل سنة 1980 التي جابت شوارع منطقة القبائل، والعاصمة انتصارا للهوية الأمازيغية.
وبعد منع السلطات محاضرة للمفكر الأمازيغي، مولود معمري، انتفض شباب من منطقة القبائل في مظاهرات عارمة، شكلت في تلك الفترة منطلقا للمطلب الأمازيغي في الجزائر.
تعود الذاكرة بكثير من الجزائريين إلى الوراء، ليروا فيها مشاهد التظاهرات السابقة، تتطابق مع ما تشهده البلاد من حراكٍ عام، يطالب فيه المواطنون بتغيير جذري في النظام السياسي، بعد أن تخلصوا من أهم رموزه في 2019.
مظاهرة اليوم ذكرتني بمظاهرات الربيع الاسود لانها حصلت في نفس هذا المكان الذي كنا نعطي لشرطة موعد لرجوع لنفسك المكان كل اليوم …
صاحبي مات في تلك الاحداث ربي يرحمو لم تقتله الشرطة قتله بلطجية النظام بطعنات بسكين في مظاهرة العاصمة
لهذا يا اخواني نشدد علي السلمية لا نفقد اخواننا pic.twitter.com/GFaPhfOYdB— Béjaïa page صفحة بجاية (@bejaiapage) June 19, 2020
في تلك الفترة، اعتقلت السلطة 24 من الشبان الذين قادوا المظاهرات وعلى رأسهم، سعيد سعدي، الرئيس السابق لحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، والمعارض المطالب باستقلال منطقة القبائل، فرحات مهني، وكذا المحامي والحقوقي المعروف، مقران آيت العربي، بالإضافة إلى المعارض، جمال زناتي.
وسميت ذكرى تلك المظاهرات بـ “الربيع الأمازيغي” كونها صادفت بداية فصل الربيع، وإشارة إلى بدء موسم التغيير المشرق “تماما كما أريد لثورات الربيع العربي أن توصف بعد أكثر من ثلاثين سنة عن ثورتنا”، يقول، محند نايت، وهو من الذين شاركوا في تلك الانتفاضة التي استمرت حتى أوائل مايو1980.
أمازيغ الجزائر والسلطة.. تاريخ من التجاذبات
تجدّد خلال الأيام الأخيرة في الجزائر الحديث عن الأمازيغية والأصول الحقيقية للشعب الجزائري، وغذت هذه المواضيع الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي.
كانت مطالب المتظاهرين تدور حول ضرورة “ترقية” اللغة الأمازيغية وإرث السكان الأصليين عموما، ثم تطورت لتصل حد المطالبة بدعم حرية التعبير والتعددية الفكرية، وهو ما شكل أرضية للتظاهرات والانتفاضات اللاحقة في البلاد.
وبرأي الباحث الجزائري في علم الاجتماع، رمضان مبارك، الذي تحدث ل”موقع الحرة”، فإن انتفاضة 1980 “تعد أرضية لجميع المظاهرات التي عرفتها الجزائر بداية بمظاهرات 5 أكتوبر 1988، ومظاهرات الربيع الأسود، حيث انتفض الشباب بعد مقتل شاب في مخفر الدرك في منطقة القبائل سنة 2001 ثم مظاهرات الحراك الشعبي التي أطاحت بنظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة”.
وخلال الحراك الشعبي الذي انطلق قبل نحو عامين، واستطاع أن يوقف مشروع ولاية خامسة لبوتفليقة الذي كان لا يقوى حتى على الحديث والحركة، رفع شباب صورا لضحايا المظاهرات السابقة تتقدمهم صور الذين قضوا خلال الربيع الأسود.
وفي غمرة الحراك نفسه، ردد المتظاهرون شعارات منددة بالفساد ومحاولات التفريق بين صفوف الشعب، كما طرد المتظاهرون أبرز المناوئين للمطلب الأمازيغي ومنعوعهم من المشاركة في التظاهرات في إشارة إلى تمسكهم بالوحدة الوطنية والسلمية.
1 النظام الفاسد له خبرة في تحويل اي حراك سياسي شعبي و سلمي الى فوضى لمصلحته و يملك كل الإمكانيات المادية و البشرية من بلطجية و اعلام و بروباغوندا و ذكاء.. و لا تظن أنه لم يستعمل نفس الأسلوب في احداث الربيع الأسود ببلاد القبائل اين كانت المسيرات سلمية في
— ⵣDyhiakovaⵣ ⴷⵉⵀⵢⴰⵣ (@Dyhiakova) March 2, 2019
الناشطة الأمازيغية، حياة عبة، المسؤولة عن جمعية ثقافية في ذراع بن خدة في ولاية تيزي وزو، تقول في حديث لموقع “الحرة” إن الجزائريين “بدأوا الآن يتفطنون لضرورة الاستفادة من رصيد القبائل في معارضة النظام”.
وترى أن الشعارات التي يرددها شباب من العاصمة وولايات أخرى والمشيدة بنضال الأمازيغ “تعد بشارة خير لهذا الحراك “.
ويردد شبان من الحراك الشعبي الذي انطلق في 22 فبراير شعارا يذكّر بوقع النضال الأمازيغي على انتفاضتهم بالقول “القبائل برافو عليكم والجزائر تفتخر بكم”.
لذلك، يعتقد رمضان مبارك، الباحث في علم الاجتماع، أن الحراك الشعبي استفاد كثيرا مما حدث في الانتفاضات السابقة، وخص بالذكر مظاهرات منطقة القبائل التي انطلقت في 18 أبريل 2001 والمعروفة بالربيع الأسود.
مبارك قال في اتصال مع موقع “الحرة” إن إصرار المتظاهرين على السلمية، هو نتيجة الرصيد المعرفي الذي حصّله الجزائريون مما حدث في 2001 حيث أدت الانزلاقات إلى مقتل أكثر من 120 شاب في منطقة القبائل.
لن ننسى الدروس،
قرماح ماسينيسا قتل بالرصاص 2001.
لكن هذه المرة العصابة لن تجرنا للعنف.
سلمية سلمية مهما كان.— Massinissa TINOUCHE 🧲🔬❄️ (@Massinissa_TIN) November 29, 2019
ويرى، امحند جعدي، وهو شاب من العاصمة، من أصول أمازيغية، أن “الدليل على أن السلطة تعرف جيدا أثر النضال الأمازيغي على الانتفاضة الحالية، هو منعها رفع الراية الثقافية الأمازيغية، واعتقال من يتجرأ على ذلك خلال الفترة السابقة” التي اسنتدت فيها مسؤولية تسيير أمور البلاد إلى قائد الجيش، أحمد قايد صالح، بعد استقالة الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة، حيث منع رفع الراية الأمازيغية خلال المظاهرات، وتم اعتقال كل من يرفعها من بين المتظاهرين.
ويذكر جعدي خلال حديثه لموقع “الحرة” بالوعي الذي اكتسبه الجزائريون من الانتفاضات الشعبية التي قادها الأمازيغ في السابق بالقول “لقد اعتبر الشباب مما حدث في 2001 عندما حرض بعض رجال الشرطة الشباب من العاصمة ضد إخوانهم من المتظاهرين الذين قدموا من منطقة القبائل”.
حرب العلم الأمازيغي تشعل مواقع التواصل
تظاهر مئات الطلاب والأساتذة في الجزائر احتجاجا على منع السلطات رفع العلم الأمازيغي بعد تحذيرات رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق قايد صالح من رفع أي علم غير العلم الجزائرية خلال التظاهرات.
وفي 14 يونيو 2001، انتقل آلاف المتظاهرين من منطقة القبائل أغلبهم سيرا على الأقدام للعاصمة الجزائرية للمطالبة بمعاقبة المتسببين في قتل المتظاهرين في المنطقة، وقوبلوا بقمع رجال الشرطة.
وبحسب شهادات هؤلاء فإن رجالا من قوات الأمن كانوا يحرضون سكان العاصمة عليهم “أن واجهوا من يريد تقسيم الجزائر” في إشارة إلى المتظاهرين القادمين من منطقة القبائل.
هذا اسلوبهم . لطالما قسمو الشعب الجزائري الى شعبين العرب و الامازيغ متمثلين في القبائل.
في 2001 ثارالقبائل ضد الفساد و قامو بمظاهرات في العاصمة. الاعلام الجزائري نشر ان القبائل يريدون تقسيم البلاد و يريدون اقامة دولة لوحدهم و صدقنا ذلك لانه لم يكن فايسبوك لنعلم الحقيقة .— دولة مدنية ماشي عسكرية (@madania123456) September 18, 2019
ويقول جعدي “أنا متأكد بأن الشعب اليوم على كلمة واحدة، وهو ما يخيف النظام الذي حاول تفريقنا كما فعل في السابق، لكن دون جدوى”.