من غزة إلى باريس، تتبع فيلم “كرة العكاكيز” رحلة مجموعة من شباب فلسطين مبتوري الأطراف، من لاعبي كرة القدم، ليحصد جوائز دولية.
وعلى مدار 36 دقيقة يروي الفيلم الوثائقي الذي أخرجه إياد الأسطل، قصة مجموعة من شباب من غزة عاشقي كرة القدم، كل منهم فقد إحدى ساقيه لأسباب عدّة، دون أن يمنعهم ذلك من ممارسة لعبتهم المفضّلة باستخدام “العكاكيز” في أحد ملاعب القطاع.ونال الفيلم في 10 إبريل/نيسان الجاري جائزة “هيباتيا” الذهبية لأفضل فيلم وثائقي 2021، خلال مشاركته في مهرجان الإسكندرية وفاز بالذهبية.وبعد 3 أيام شارك في مهرجان صور الدولي للفيلم السينمائي وحصل على جائزة أفضل فيلم سينمائي، ومن المقرر أن يشارك في عدة مهرجانات أخرى في أوروبا .رحلة النجاحالفنان الفلسطيني إياد الأسطل (34 عاما) يروي لـ”العين الإخبارية” تفاصيل رحلة النجاح التي حصدها الفيلم، مبينا أنه عمل مع فريق كرة القدم للمبتورين بغزة منذ ديسمبر/كانون الأول 2018 حتى يونيو/حزيران 2019، ثم رافق الفريق في رحلته إلى فرنسا في منتصف يونيو/حزيران 2019.وقال: “في فرنسا مكث فريق كرة القدم 3 أسابيع أجرى خلالها تدريبات ولقاءات كروية مع فرق بتر فرنسية، وخلال تلك المدة عايشت الفريق عن قرب وسجلت تفاصيل حياة اللاعبين من غزة لفرنسا وكانت تجربة ثرية جدا انتهت بإنتاج فيلم كرة العكاكيز”..
وبيّن أن الفيلم يوثق في 36 دقيقة تفاصيل حياة لاعبي الفريق ويبرز تحديهم لظروفهم القاسية وحبهم للحياة.حكاية اللاعبينواللاعبون الذين تناولهم الفيلم، فقد أغلبهم إحدى ساقيه في خلال مسيرات العودة على حدود غزة، دون أن يمنعهم ذلك من مواصلة شغفهم للعبة كرة القدم، فتلقوا تدريبات على لعبها بالعكاكيز حتى تمكنوا من الالتحاق بالمنتخب الوطني الفلسطيني، وتمثيل بلدهم في محافل دولية.وأشار الأسطل أنه صور الفريق في غزة خلال التدريبات، وركّز على 4 منهم، كانوا بين الفريق في رحلته إلى فرنسا، التي شهدت تنظيم مواجهات ودية مع فرق فرنسية لذوي الإعاقة.وبيّن أنه ركز في فيلمه على التنوع ما بين الملعب وبين الطبيعة الفرنسية عبر رحلات نُظمت للاعبين.
وقال: “شعرت بالانبهار من تمسك أعضاء الفريق وخاصة الشبّان الأربعة الذين ركزت عليهم بالتصوير بالحياة، ومدى عشقهم لها، في رحلة لم تخل من اكتشافات تتعلق بالتضامن الفرنسي مع فلسطين، ومدى انفتاحنا على الثقافات الأخرى”.وأضاف: “كانت تجربة شيّقة جداً، أحببت نقلها إلى العالم، عبر مشاركة الفيلم في عديد المهرجانات العربية والدولية”.في الفيلم يروي حكاية أحد اللاعبين الذي طُرد من ناديه، بعد فقده ساقه، لكنه واصل التدريبات بعد حين حتى التحق بهذا الفريق، لينجح في تحويل مأساته ومعاناته إلى دوافع لتحقيق الإنجازات، وعدم الاستسلام لها، بحيث لا تكون هي النهاية، بل بداية لانطلاقة جديدة وهو ما تم فعلاً.وينقل عن لاعب آخر قوله: “لا شيء مستحيل.. استطعنا بإيماننا بأنفسنا وتشجيع من حولنا، بناء فريق كرة قدم لذوي الإعاقة من مبتوري السيقان، ورفع اسم فلسطين في محافل عربية ودولية”.وأشار الأسطل إلى أنه ركز على رحلة التحديات التي خاضها اللاعبون، وأنه ركز المخرج في رحلة فرنسا على المناظر الطبيعية بموازاة تسليطه الضوء على يوميات ومشاعر اللاعبين وارتباطهم ببلدهم.ويقول أحد اللاعبين في الفيلم: “صحيح أنا منبهر بجمال الطبيعة هنا، لكنني، اشتقت إلى فلسطين بالفعل”.
ويرصد الفيلم تفاصيل من التدريبات استعداداً لإحدى المباريات، وتفاعل المدرّبين واللاعبين، إلى جانب رصد لقطات متسارعة من المباراة، مع التركيز على فوز منتخب “العكاكيز”، والتفاف المشجعين من الجالية الفلسطينية حول اللاعبين.وأكد المخرج الأسطل أن الفيلم سيعرض في 25 مدينة فرنسية وعدة دول أوربية بداية من يونيو/حزيران المقبل حتى 25 من الشهر ذاته.مسيرة إبداع”كرة العكاكيز” ليس الفيلم الأول للمخرج الأسطل الذي استعرض لـ”العين الإخبارية” عدداً من أفلامه السابقة التي حققت صدى وحضورا كبيرا، من أول فيلم “لا تعطني سمكة” في 2013، ويعرض فيه واقع الصيادين الفلسطينيين مقارنة مع الفرنسيين.وذكر أن فيلمه الثاني “سائقة الباص” في 2015 ويحكي قصة أول سيدة فلسطينية تقود باص بغزة وكيف تحدت العادات وعملت في مهنة للرجال، ثم جاء فيلم “رزان أثر الفراشة” فور استشهاد المسعفة الشابة رزان النجار خلال تطوعها في مسيرات العودة شرق خانيونس.يحاول الأسطل من خلال الأفلام نقل الصورة الفلسطينية بأسلوب خاص، قائلاً: “نحاول كشباب بما توفر من أدوات ولغات عالمية أن نقدم رسالتنا الإنسانية للفلسطيني بالأسلوب الذي يفهمه العالم بعيدا عن الصور التي تصل غير واضحة أو مشوهة عن فلسطين وشعبها الباحث عن الحب والحياة”.