ما زال العراق يتصدر قائمة أكثر الدول في العالم العربي، تضررا من فيروس كورونا المستجد، حيث تجاوزت الإصابات عتبة المليون إصابة، وسط تفش مريع للمرض في مختلف المناطق العراقية، الأمر الذي بات يدق ناقوس الخطر من أن تستفحل الأمور أكثر فأكثر، وتخرج من تحت السيطرة تماما.
ورغم توفر اللقاحات نسبيا في العراق، وعلى اختلاف أنواعها إلا أن وتيرة الإقبال الشعبي على التطعيم باللقاحات المضادة لـ”كوفيد-19″ بطيئة جدا، ما يفسر ربما هذا التصاعد المخيف في أعداد الإصابات والوفيات أيضا.
وبحسب خبراء وأطباء في مجال مكافحة الأوبئة والفيروسات، فإن الواقع الصحي والطبي في العراق يعاني من التأخر من جراء تردي بنيته التحتية وعدم مواكبتها للتطور الهائل في مجالات علوم الطب والصحة.
ويقول مسؤول صحي عراقي كبير، فضل عدم ذكر اسمه: “أولا يعود ارتفاع عدد الإصابات بكورونا المستجد في العراق، لعدد سكانه الكبير طبعا (نحو 40 مليون نسمة) فالعراق يحل ربما في المرتبة الثانية، من بعد مصر كأكبر الدول العربية من حيث عدد السكان”.
ويضيف “ثانيا ثمة في العراق اختلاط وتواصل مجتمعيان كبيران، وعدم مراعاة لإرشادات وإجراءات السلامة والصحة العامة، والتباعد الاجتماعي كما يجب، في ظل تفشي الوباء، فضلا عن عامل السياحة الدينية الواسعة فيه، بفعل كثرة الأماكن والعتبات والمزارات الدينية في البلاد، والتي يقصدها الزوار من مختلف دول العالم، بينما نرى مثلا في المملكة العربية السعودية حيث الحرمين الشريفين، تطبيقا صارما للإجراءات الوقائية الاحترازية، خاصة على صعيد الحج والعمرة، ووضع ضوابط صارمة مراعية للاعتبارات الصحية، ما ساهم تاليا في عدم التفشي الكبير للوباء كما هي الحال في العراق، حيث لا توجد أي ضوابط تذكر، لا على صعيد ضبط السياحة الدينية، ولا على صعيد مختلف مرافق الحياة ومناحيها”.
وتابع المسؤول العراقي: “ثالثا ثمة جدل كبير بشأن شفافية إعلان عدد حالات الإصابة بالفيروس والوفيات في العراق، ورابعا وبشكل عام بقيت المنافذ والمعابر الحدودية البرية والجوية العراقية، خاصة مع إيران وتركيا مفتوحة رغم إغلاقها جزئيا أحيانا”.
وأوضح “خامسا وفي مختلف دول العالم وخاصة الدول الأوروبية، شاهدنا سياسات إغلاق كامل وشامل، لكن في العراق لم نر أية إغلاقات جدية، حتى أن الناس لا يلتزمون مثلا بقرارات حظر التجول، ومعظم الأماكن العامة، كالأسواق والمولات والمجمعات التجارية والسياحية، لا زالت مفتوحة دون إغلاق، ودون حسيب ولا رقيب”.
ويستطرد: “بالنسبة للقاحات ثمة إقبال لا بأس به عليها، لكنه قياسا لعدد السكان ضعيف نسبيا، الأمر الذي يمكن رده خاصة لما انتشر من أنباء، بشأن الآثار الجانبية لبعض أنواع اللقاح مثل لقاح أسترازينيكا، وتسببه بجلطات دموية أدت لوفاة بعض الأشخاص حول العالم بعد تلقيه، وهنا يجب على الحكومتين الاتحادية في بغداد والإقليمية في أربيل، وعبر وزارتي الصحة فيهما، تبديد تلك المخاوف والهواجس لدى المواطنين”.
ويقول: “ستصل خلال فترة قصيرة كميات أخرى كبيرة من لقاح فايزر للعراق، والذي ثبتت فعاليته وخلوه من أية أعراض جانبية حين تعاطيه، حيث سيصل شهريا نحو مليون جرعة من اللقاح للعراق، في رقم كبير يعتبر مبشرا، ما سيعود بالفائدة على المواطنين العراقيين، وسيستفيد منه الملايين منهم وبما يسهم في ولادة مناعة وطنية عامة، ضد الفيروس الفتاك ومحاصرة تفشيه في البلاد”.