ظلت أدا اللال تعمل في تجهيز الجثامين للدفن وفقا للشريعة الإسلامية قرابة نصف عمرها لكنها تقول إن أصعب ما واجهته في عملها بمهنة التغسيل، التي يطلق على صاحبها في تركيا اسم “غسال”، كان ما حدث عندما كثرت الوفيات وانتشر المرض خلال جائحة كوفيد-19.
قالت اللال البالغة من العمر 36 عاما إن إحساسها بالواجب الديني ساعدها في الاستمرار في تغسيل الموتى رغم الإرهاق والخوف خاصة عندما أصيبت هي نفسها بكوفيد-19 في العام الماضي.
وفي شعيرة تغسيل الموتى الإسلام، يتلو المغسل الأدعية أثناء تغسيل جثمان المتوفي قبل تكفينه في كفن أبيض استعدادا للدفن. وتصل الجثامين من المستشفيات أو البيوت إلى غرفة التغسيل التي يطلق عليها “غسيلخانه” حيث يتولى رجال تغسيل الذكور وتتولى نساء تغسيل الإناث.
وقالت اللال “أعمل غسالة منذ 16 عاما. ولم أر كل هذا العدد من الموتى معا قط. ولم يحدث قط أن غسلت كل هذا العدد من الجثامين في يوم واحد. نال منا الإرهاق”. وأضافت “صدقوني الإصابة بكوفيد كانت أصعب من تغسيل شخص مات بكوفيد، لأنك تكون مريضا وتخوض معركة حياة أو موت”. وقالت إنها عولجت لفترة من الوقت لأنها عجزت عن الخروج مرة أخرى خوفا من الإصابة بالعدوى من جديد.
يعمل في اسطنبول، أكبر مدن تركيا والتي يبلغ عدد سكانها 16 مليون نسمة، 243 غسالا في 16 غرفة تغسيل تديرها وتمولها إدارة البلدية التي تقدم هذه الخدمة بلا مقابل.
وقالت اللال إن العادة جرت أن يتولى اثنان من الغسالين تغسيل خمسة جثامين كل يوم رغم أن العدد ارتفع إلى 40 خلال أسوأ أيام الجائحة.
وفي أيار- مايو من العام الماضي بلغ عدد وفيات كوفيد اليومية في تركيا 400 حالة وفاة تقريبا وأصبح العدد الآن أقل بقليل من 200 حالة رغم ارتفاع الإصابات إلى مستوى قياسي.
يحصل المغسلون على أجورهم من الإدارة البلدية غير أن اللال وغيرها ممن يعملون في هذه المهنة يرون أن عملهم الشاق واجب ديني أكثر منه مصدر للدخل. وتؤكد “نحاول أن ننظر إلى هذا الأمر لا من منظور المال والوظيفة بل كواجب ديني”. وتضيف أن والدها وزوجها لم يؤيدا في البداية قرارها وهي في سن السابعة عشرة أن تعمل غسالة غير أن أسرتها أصبحت أكبر مصدر لدعمها الآن. وتلفت “لم أندم قط على هذا العمل لأن تجهيز الجثمان هو آخر خدمة (تسديها) لشخص. فقد أرضيت إيماني وروحي”.