يلاحظ كل من يمر بجوار متحف المستقبل في دبي، التلة الخضراء الفريدة التي يستقر فوقها بمبناه المميز الذي تم تشييده من دون أعمدة.
وسوف يكتشف الكثيرون عند زيارتهم للمتحف بعد افتتاحه المرتقب، هو أن التلة، عبارة عن حديقة تحتضن عشرات الأنواع من الأشجار والنباتات التي تعكس التنوع المحلي وثراء طبيعته البيئية.
وتستند الحديقة، إلى مفاهيم الاستدامة بالاعتماد على التكنولوجيا المتقدمة لتعكس رؤية جديدة وفريدة حول ارتباط الإنسان بالمكان، يتوحد عبرها ماضي دبي وحاضرها ومستقبلها.وتتألف الحديقة من حوالي 100 نوع، وفصيلة من النباتات، تشمل النباتات الهوائية والمتسلقة، مزودة بنظام ري ذكي، وآلي، من أجل ضمان بيئة أكثر استدامة، وذلك حسب وكالة أنباء الإمارات.
ويمكن لزوار المتحف التعرف على مجموعة من النباتات، والأشجار المحلية مثل: الغاف، والسدر، والنخل، والأكاسيا، التي تتأقلم سريعاً مع الظروف البيئية المحلية، مع فائدتها في استدامة أنواع النحل المحلي، أما أعشاب أرضية التل فهي تنتج بذوراً تساعد في المحافظة على حياة الطيور المحلية.
واختار مصممو الحديقة بعناية قصوى أنواع النباتات المحلية القوية، والقادرة على التأقلم مع المناخ.
وبذلك، تمت زراعة كمية كبيرة من النباتات كثيفة الأوراق التي تنمو عادةً بشكل طبيعي في المناطق الساحلية لمنطقة الشرق الأوسط، وهي نباتات تمتاز بنموها السريع وقدرتها على تحمل الأجواء الحارة، ولا تتطلب سوى حدٍّ أدنى من الري، ما يجعلها مثالية لزراعتها على التل الأخضر المستدام.ومثل العناصر الأخرى، تتخذ المناظر الطبيعية في المتحف جانباً فريداً يتخطى التصميم والمناخ، فقد تم اختيار أنواع النباتات وتقنيات الري بعناية، مع الأخذ في الاعتبار طبيعة التل الذي يشكل منحدراً فريداً.
ونظراً إلى أن متحف المستقبل قد تم تصميمه على تل كبير، فلم يكن في الإمكان اللجوء إلى تقنيات تنسيق الحدائق التقليدية في ما يتعلق بالتربة وعمليات الغرس، بل تم استخدام تقنية تسمى “الجدار الأخضر” مع نظام الخلية للمنحدرات، وأنظمة الري المتخصصة، التي تستخدم المياه المعاد تدويرها.
ومع ارتفاع درجات الحرارة في صيف دبي، وقلة معدل الأمطار في العام الواحد، كان الري أحد الاعتبارات الرئيسية التي أخذت في الحسبان، فالمتحف يستخدم تقنيات الري الذكي عبر نظام شبكي تحت السطح يقوم بتوصيل المياه مباشرة إلى جذور النباتات والأشجار المحيطة بطريقة فعالة، بينما يسمح الانحدار للتل بالتدفق السريع للمياه، ما يلغي الحاجة إلى الري عبر ضخ المياه، كما يتم استخدام الكثير من أنظمة التجميع وإعادة تدوير المياه لتقليل إهدار المياه بنسبة تقارب الـ25٪.
نباتات تروي سيرة الحضارة
وتروي نباتات، وأشجار الحديقة المحيطة بمتحف المستقبل، من الغاف والسدر والنخل والأكاسيا، سيرة الحضارة بلد عريق، لم يبخل فيه الأجداد، والآباء، والأحفاد، عن تقديم العناية، والاهتمام بالبشر والشجر والحجر.
وشجرة الغاف، هي من الأشجار الأصيلة التي تتواجد بكثرة في صحراء الإمارات، وترتبط بتراث وتاريخ المنطقة لفوائدها في حياة الأجداد في الماضي، كما تمثل قيمة ثقافية كبيرة في الدولة لاقترانها بهوية الإمارات وتراثها.
وتمتاز شجرة الغاف بتحملها لحرارة الصحراء وجفافها وشح أمطارها، فهي شجرة قوية تمتد جذورها حتى 50 متراً تحت الأرض وطولها يصل إلى 28 متراً.
وفي عام 2019 تم اختيار شجرة الغاف لتكون رمزاً وشعاراً للتسامح في عام التسامح بدولة الإمارات، وكان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، يولي اهتماما بالغاً بالبيئة الصحراوية، وخاصة شجرة الغاف حيث أصدر قرارات وتعليمات بعدم قطعها والمحافظة عليها.أما شجرة السدر، فهي شجرة تنتشر في كل الإمارات.. ويتحمّل السدر إلى حدٍّ ما الملوحة، ويقاوم الجفاف، ويتحمّل الرعي الجائر. وهو شجر طويل، ذو أشواك، يصل طوله إلى 12 متراً تقريباً، والسدرة شجرة دائمة الخضرة، وجذورها عميقة، وقويّة، ومتشابكة.فيما يربط النخيل بين تاريخ دولة الإمارات، وأهلها، وبين شجرة النخيل علاقة حياة ووجود، ويؤكد الحاضر قوة هذه العلاقة، وهو ما يؤكده مدى الاهتمام الذي يوليه الإماراتيون، قيادة وشعباً، لهذه الشجرة المباركة، وهو اهتمام بدأه المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، عندما جعل النخلة أساساً لمشروعه الزراعي والبيئي، منذ أن بدأ إرساء الدعائم الحضارية للدولة.
بينما تنمو شجرة الأكاسيا، فوق الكثبان الرملية والأسطح الصخرية وفي قيعان الأودية الطينية، وتتحاشى المناطق التي تغمرها مياه السيول الموسمية، ويمكنها العيش في ظروف مناخية قاسية عند انخفاض منسوب الأمطار بمقدار سنوي يتدنى إلى 40 مليمتراً، وتتحمل هطول الأمطار بمعدل قد يصل إلى 1200 مليمتر، كما أنها تتحمل الجفاف لمدة عام كامل، وتمتد عروقها إلى 50 قدماً في التربة الرملية.