سلطت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية الضوء على العواقب الاقتصادية للعملية العسكرية الروسية بأوكرانيا على سوق الطاقة العالمي، مُشبهة الصدمة التي ستتعرض لها أسواق الطاقة العالمية بأزمة النفط عام 1973 والتي تعرف بـ”صدمة النفط الأولى”.
وأشارت المجلة في تحليل نشرته على موقعها الإلكتروني، إلى أنه منذ بداية العملية الروسية يوم 24 فبراير الماضي، ارتفع سعر النفط الخام مرتين ليصل سعر البرميل إلى 105 دولارات أمريكية، وهو مستوى لم تبلغه أسعار النفط منذ 2014، محذرة من أن الأمور ستتجه نحو الأسوأ.
وأوضحت المجلة أنه حتى إذا لم تستهدف العقوبات الاقتصادية الحالية ضد روسيا تجارة الطاقة بشكل صريح، فإن العقوبات المفروضة على البنوك والكيانات الأخرى ستعيق النفط الروسي والغاز الطبيعي وصادرات الفحم، ما سيؤثر سلبا على أسواق الطاقة العالمية.
وإضافة إلى ذلك، فإن الخطر الذي تواجهه ناقلات النفط في الإبحار عبر البحر الأسود سيقلل من كمية النفط التي تصل للأسواق العالمية، بما في ذلك الإمدادات غير الروسية التي تنتقل بحرا عبر دول مثل كازاخستان.
ولفتت المجلة أيضا إلى أن انخفاض إمدادات النفط والغاز الطبيعي الروسية إلى الأسواق سيكون له آثار غير مباشرة حيث سيؤدي إلى زيادة أسعار الفحم والغاز الطبيعي المسال، مما يضيف دفعة أخرى من التضخم.
ورأت المجلة أن الوقت قد حان لكي تكون حكومات دول الغرب صادقة مع شعوبها بشأن الحقائق الأساسية المتعلقة بأمن الطاقة، وكذلك أن تستعيد إنتاجها الخاص من الطاقة وتعزز الاعتماد على واردات الطاقة الأوروبية، فحتى إذا تم حل الأزمة مع روسيا قريبا، فإن حكومات الغرب ستحتاج إلى إجراء تغييرات جوهرية في نهجها تجاه سياسة الطاقة.
وأشارت المجلة إلى أنه خلال الأيام المقبلة، ستنخفض صادرات روسيا من النفط والغاز الطبيعي والفحم بشكل ملحوظ وذلك بعيدا عن العقوبات، لأن التجار والبنوك وشركات الشحن والكثير من الأطراف المنخرطة في تجارة الطاقة العالمية سيكونوا حذرين في تعاملاتهم المالية ولذلك فمن المرجح أن يتغاضوا عن كل ما يتضمن روسيا حتى إذا لم يكن ضمن العقوبات، وهذا ما حدث مع إيران عندما اتجهت الشركات إلى المزيد من الحرص في تعاملاتها معها لتجنب انتقام الولايات المتحدة، وهذه المرة ستتوخى الشركات المزيد من الحظر حفاظا على سمعتها.
وذكرت المجلة أنه على غرار أزمة الطاقة في 1973، فإنه قبل وقوع الأزمة كانت أسعار النفط مرتفعة ومتصاعدة باستمرار، ووقعت الأزمة بينما يعمل السوق بأقصى جهده وهو ما من شأنه مضاعفة آثار خسارة الإمدادات الروسية، ولذلك فإن كل الدلالات تشير إلى ارتفاع كبير في الأسعار العالمية ، خاصة وأن الاستهلاك العالمي للنفط ومشتقاته عاد مرة أخرى إلى مستويات ما قبل جائحة فيروس كورونا مع استئناف السفر الدولي.