وسط المباني المدمرة، وأصوات الانفجارات وأزيز الطائرات، يتحرك ترام كييف من خلال المتاريس ونقاط التفتيش، في رحلات يومية مليئة بالخوف والحزن.
خلال السنوات الماضية، كانت عربات المترو تتحرك في العاصمة الأوكرانية، بسلاسة ودون أي عوائق، وسط حالة من النشاط والبهجة المرسومة على وجوه الركاب الذين تكتظ بهم العربات.مشاهد لم تعد مألوفة بعد نحو 3 أسابيع من الحرب الروسية الأوكرانية، فالترام الأحمر يتحرك والركاب يراقبون الجنود الذين يرصدون بريبة السيارات العابرة بحثا عن أي مؤشرات إلى وجود متفجّرات أو أسلحة نارية.
علامات الحزن مرسومة على عيون العدد القليل من الركاب وهم يشاهدون المباني التي دمرتها الصواريخ، ومدينتهم التي هجرها نصف سكانها البالغ عددهم 3 ملايين مواطن.
تساؤلات عديدة تدور في رأس يلينا سابيروفا والتي تقود عربة الترام، منذ 19 عاما، لكنها لم تتوقع أن تصل بلادها لهذا الوضع المخيف، حيث تتساءل، هل سيعاد بناء هذا الدمار مرة أخرى؟ وكيف ستمول عملية البناء؟تفكر يلينا البالغة من العمر 45 عاما، فيما بعد الحرب التي لم تنته بعد، هي تحلم وسط الركام، لكنها بكل شجاعة تواصل قيادة الترام، وتعرف أنها في الخطوط الأولى للحرب، وأن عربتها الصغيرة قد تدمر أو تحرق في أي لحظة.يلينا تقول لـ”فرانس برس”: “على الأقل أساعد الناس على الوصول إلى حيث يحتاجون للذهاب، سواء إلى الملاجئ أو محطة القطارات.. لكن بخلاف ذلك فإن الأمر مخيف بكل تأكيد”.
خط (8K) الذي تقوده يلينا سابيروفا، هو أحد الخطوط القليلة التي لا تزال تعمل في كييف.لكن رحلاتها التي اعتادت عليها بطول الضفة الشرقية لنهر دنيبرو تعطلت وسط الانفجارات التي يتردد صداها على طول الجبهة الشمالية لكييف.وتتميز الضفة الشرقية لكييف التي تقطنها في الغالب الطبقة العاملة بغلبة الأحياء السكنية الأكثر هدوءا في المدينة عليها مع وجود ملحوظ لبعض أكبر مصانعها.
أما الجانب الغربي، فيحمل تاريخا أكثر ثراء ويقع على خطوط المواجهة بشكل أكبر.
وباتت عربات الترام فيها شبه متوقفة عن العمل لأنها توفر طريقا مباشرا من الجبهة إلى مجموعة المباني الحكومية التي تحتاج القوات الأوكرانية إلى حمايتها من التقدم الروسي.لا يزال خط (8K) من ترام كييف يقاوم الحرب والدمار، لكن لا أحد يعلم ما هو مصير هذه العربة وما هو مستقبلها، وهل ستواصل رحلاتها، أم ستقرر الحرب نهايتها قريبا؟